ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

من يكبح جماح النائب وليد جنبلاط؟ عبارة تردّد داخل صالونات سياسية عدة، فـ"بيك الجبل" يأخذ على نفسه عاتق "تخريب" كل الحلول، الإنتخابية وغير الإنتخابية، وذريعته سوء تمثيل طائفته التي يستغلها كإمارة محصورة بشخصه الكريم.

"ضعنا بين التقدمية الإشتراكية وبين البرجوازية الأرستقراطية الرجعية" تقولها بإستغراب أوساط سياسية، تقارن بين دعوات جنبلاط اليوم إلى رفض النسبية وما جاهر به والده الشهيد كمال قبل أكثر من 40 عاماً يو كان أوّل من طالب بتطبيق "النسبية الكاملة على لبنان دائرة واحدة".. فكيف وفقاً لهذه المعادلة تتحول الإشتراكية إلى مذهبية والتقدمية إلى رجعية تطيح معها كل حدود المساواة؟!

لا يكفي أن نعمم الإشتراكية في الوزرات يا سادة، بل لهو حقُ لطائفة الموحدين أن "تشارك" أيضاً وأن لا تختزل في قانون على قياس "الزعيم الأوحد" الذي قارع يوماً "الشمولية الحزبية" في بلدان الطوق! إرضاءً لـ"وليد جنبلاط" يُسقط اليوم مشروع القانون المختلط الذي وضع بصمته فيه مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل، واضعاً البلد أمام السير في واقع "الستين" الذي يبدو أن "البيك" يفضله على غيره!

تصارح أوساط سياسية لا بل تكشف أن كل السياق الجاري حالياً من تأخير في البحث وضياع في القوانين هو "كرمال وليد". لا أحد يريد أن "يُزعل جنبلاط" والكل يريد أن يجاريه. لا نعلم السر الخفي الذي رفعه إلى مصاف "القدادسة" وبات يرشح زيتاً سوى أنه ناتج عن تركيبات زمن الحرب، اللهم ربما أبعد من ذلك في ظل ترداد البعض وغمزه أن "جنبلاط هو أحد الذين ركّبوا النظام الحالي" وبالتالي هو والياً عليه ولا يصح أن يخرج منه!

كيف نرضي البيك؟
هواجس جنبلاط كثيرة، منها ما هو طارئ ومنها من هو مستمد من حلقات قديمة أو من واقع مأزوم بالنسبة إليه يختزل بتعدّد الوجوه السياسية داخل الطائفة وفقدانه السيطرة على المكونات الأخرى في الجبل التي إستحوذ عليها يوماً بعد إنجلاء غبار حرب الجبل وأمر الواقع السوري الذي فرض بالقوانين سير المسيحيين بركب قافلة جنبلاط إنتخابياً. بطبيعة الحال ودون أدنى شك يمثل النائب جنبلاط الحالة الأقوى داخل طائفته، لكن لا يمكن إستثناء الأخرين الذين يشكلون حالات في بعض المناطق دون أدنى شك أنها تقارعه إنتخابياً إذا أختير السير بالنسبية، وهنا توجس جنبلاط الأساسي.

وعليه إرضاء جنبلاط يمرّ عبر مقايضة تبقى دائماً بوابة الحلول في لبنان الذي يعيش على صفيحٍ من الهدن السياسية والأمنية، الأنية والمستقبلية. "أعطوا جنبلاط مجلس الشيوخ وتحل المسألة" عبارة لا تسمع للمرة الأولى بل يتعالى صداها عند كل مطب "جنبلاطي". هل مقارعة جنبلاط ومشروعه السياسي يقومان على هذا الأساس اليوم أم ماذا؟ هل ينتهي هاجس "البيك" أم ماذا؟ ربما نعم وربما لا، ربما يُقبل بالمقايضة على مبدأ حصوله على قطعة مهمة من الجبنة المؤسساتية، وربما لا يقبل في حال إلتماسه من المقايضة - الصفقة تراجعاً في تمثيله!

يحسبها جنبلاط جيداً، هو على أبواب توريث نجله الذي لا يريد له أن يدخل من باب الفراغ أو الضغف بل من بوابة القوة والضجة المصحوبتين بغبار المعارك السياسية التي تبيض توازنات رنانة، كما دخل هو من باب الضجيج عينه. لن يصبو إلى مراده إلا من خلال رفعه للسقف الخطابي وتوسيع رقعة مطالبه لا بل تحقيق ما عجز عن تحقيقه في سنوات زعامته. دخول "تيمور" الميراث جيد من باب "مجلس الشيوخ"، ملائم للبيك الذي يريد أن يسلم على طبقٍ من ذهب.. وعليه ولكي "نخلُص" إرضوا جنبلاط بالـ"شيوخ" لنخلص بقى!