"ليبانون ديبايت" - ربيع الشاعر:

وأخيرا أضرب القضاة وانتفضوا بوجه هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي أغرقت لبنان في الديون والنفايات والمياه والبطالة...

عيب على هذه السلطة إذلال القضاة في لقمة عيشهم بهدف السيطرة عليهم واستسهال رشوة بعض النفوس الضعيفة منهم. لقد انحدر لبنان الى مستويات غير مسبوقة من الافلاس الحضاري وذلك نتيجة تردي مستوى التعليم ومستوى العدالة فيه.

وتردي العدالة لا يعود فقط الى تردي معاشات القضاة التي تبقى مقبولة نسبيا ولكن غير كافية لحياة كريمة ومنيعة بوجه الفساد.

لذا وبأننا انتظرنا كثيرا لهذه اللحظة التاريخية ندعو السادة القضاة ان يعلنوا إضرابا مفتوحا للمطالبة باستقلالية القضاء المنصوص عنه في الدستور.

فماذا ينفع ان يتحسن معاش القاضي وقرار تعيينه ما زال في يد السلطة السياسية الفاسدة.

يا قضاة لبنان لا قيمة لاضرابكم ان لم تطالبوا بتحريركم من التدخلات السياسية في تحديد موازنتكم وتحديد أماكن تعيينكم؟.

لا قيمة لاضرابكم والنيابات العامة هي أداة من أدوات الظلم حيث القانون يطبق على الضعفاء بالتواطؤ مع قوى الامن الداخلي.

لا قيمة لاضرابكم وبعض السياسيين كانوا وسيظلون فوق القانون.

لا قيمة لاضرابكم والمحاكم غير مرصود لها الأموال الكافية لتحديثها وتحديث انظمتها ومكننة أرشيفها وتبسيط اجراءاتها وتسريع الأحكام التي تطول سنوات حيث تأخر العدالة هو قمة الظلم.

لا قيمة لاضرابكم ايها الأحرار ان لم تفعّلوا التفتيش القضائي والانتاجية والشفافية لناحية نشر الأحكام ورأي المعترضين عليها.

لن تنالوا حقوقكم ان فصلتم مطالبكم عن حقوق الناس. فما نفع ان يكون عندنا قضاة مكرمون ماديا ومعنويا وقوانيننا غير دستورية وأعضاء المجلس الدستوري معينون من هذه الطبقة الفاسدة بدلا من ان يكونوا منتخبين من بين أعضاء محاكم الاستئناف والتمييز؟

ماذا ينفع اعتراضكم على تصرف السياسيين ان لم يلغوا احتكارهم في الطعن بدستورية القوانين التي هم يصيغونها وهم وحدهم يطعنون بدستوريتها امام مجلس دستوري معين منهم يتحكمون حتى في نصابه؟

ارفعوا الصوت عاليا لمجلس دستوري مستقل يطعن أمامه بعدم دستورية القوانين كل شخص ذو مصلحة بشكل مباشر او بطريقة عرضية امام المحاكم.

ماذا ينفع إضرابكم والوزراء والرؤساء متفلتون من اي عقاب والمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو مجرد وهم لا يمكن تحقيقه لعيب في نصوصه الدستورية والقانونية ودائما بسبب عدم استقلالية القضاء؟

ماذا ينفع إضرابكم وفي لبنان فاسدون يعترفون بفسادهم امام الكاميرات ولا يتحرك لكم ساكنا؟

ماذا ينفع إضرابكم والمخافر سائبة من اي رقيب؟

ماذا ينفع إضرابكم وهناك عشرات الآلاف من مذكرات الجلب والاحضار غير مطبقة؟

ماذا ينفع إضرابكم والسجون هي أشبه بمعتقلات غوانتنامو ليس فيها احترام لابسط الحقوق من حقوق المساجين؟

ايها القضاة، ايها الأحرار، ايها العادلون، رأفة بأولادكم ورأفة بما تبقى من كرامة اللبنانيين ورأفة بالشرع العالمية لحقوق الانسان ورأفة بالديمقراطية ورأفة بالعدل، أتوسل أمامكم ان تقفوا وقفة عزّ كاملة لينصفنا التاريخ، فوحدكم من لديه هذه القدرة على إعادة لبنان الى مساره الحضاري بعدما تهاوت أصرحة التعليم في القطاع العام وتدنت مستويات التعليم الخاص وبعدما اصيبت الصحافة في مصداقيتها وحرمت من لقمة عيشها وبعدما تحوّلت الأحزاب السياسية الى معامل لقمع الأحرار وتأليه الزعيم وبعدما ان استقالت المؤسسات الدينية عن دورها حبا بطائفية أم طمعا بجاه ام استسلاما لفساد!

وحدكم ايها القضاة ومعكم صفوة المحامين تستطيعون ان تنقذوا لبنان ولو ان الحمل كبير، وإلا لن يذكركم التاريخ إلا جياعاً تسعون لا سمح الله وراء سلطة او وراء مال والاولى مجد باطل والثاني سيتبخر مع تضخم عملة او انهيار اقتصاد.

أيها القضاة، نعم لحقوقكم جميعها ولا لغياب العدل وتفشي الفساد، فإما ان تعيدون ثقتنا بكم او لا ثقة بهذه الدولة!