Beirut
16°
|
Homepage
الشهيد يشهد.. كيف ينظر شهداؤنا الى حالنا?
انطون الخوري حرب | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 09 أيار 2017 - 12:15

"ليبانون ديبايت" - انطوان الخوري حرب:

الجندي الشهيد دياب يونس يشهد على التاريخ

يوجد ما يشبه الاجماع على ان الصراع الدموي الذي وقع بين الجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال عون وميليشيا القوات اللبنانية بقيادة الدكتور سمير جعجع عام 1990، هو اشد واقسى وابشع انواع الصراعات التي شهدها لبنان ابّان الحرب الاهلية، والتي لا زالت مفاعيلها ومؤثراتها مستمرة حتى اليوم.


لماذا انخرط الشباب في القتال ومن اي منظار حملوا السلاح وباي روحية قاتلوا، وكيف يقيمون المستقبل الذي تلا ذاك الصراع واداء السياسيين ومواقفهم، مروراً بالتطورات التي بنيت على لك الحقبة وصولاً الى الواقع الحالي مع ما حمله من صفقات وتفاهمات ومصالحات، وما هي الانطباعات التي تكونت في ذهن شاب لبناني مسيحي قدم زهرة شبابه ومسيرة حياته في خضم الصراع الذي لا زالت مفاعليه تتحكم به حتى اليوم، حوار مع الشهيد الحي دياب يونس ننشره في ثلاث حلقات.
وفي ما يلي نص الحلقة الاولى من الحوار:

التضحية حتى الاستشهاد وحياة جلجلة لاجل قضية ؟؟؟!!!

من البلدة الى الجبهة الى الاستشهاد

من المعروف عن اللبنانيين ليس منذ زمن طويل، انهم باتوا يحيطون جيشهم بكثير من العاطفة والاحترام والتأييد. لا سيما شهداؤه، فمن النادر ان يخلو شهر واحد في السنة من سقوط شهداء في صفوفه. ومن المعروف ايضا انه عندما يستشهد جندي في ساحة الشرف، فهو يرتقي الى اسمى مراتب المجد، التي لا برتقي اليها سواه مهما بلغ شأنه وايّاً كان مجاله.

وذلك نظراً لحجم التضحية التي تطال اعز ما لديه وهو حياته، كما نظراً للعبر السامية التي يخطها الاستشهاد، كارث تاريخي تتمسك به الشعوب وتتوارثه للتدليل على عظمة وطنيتها.

الكلام عن الاستشهاد والشهداء بما يعنيه من المحبة والاستعداد لللفداء حتى بذل الدم.، لا يقال الا في المناسبات الرسمية من باب الاحتفال بمنطويات عيد الجيش. لا استذكار للشهداء في عيد الاستقلال في بلد شهد اكثر من محطة استقلالية كلها كانت مادة انقسام طائفي وطني يعيق كتابة تاريخ موحد تتحدد فيه تضحيات شهدائه باجماع وطني. لكننا اخترنا نموذجا مثاليا لشهيد شهد على مسار كانت اصابته احدى محطاته وتلتها عقود من التطورات.

يُفهم عادة من مصطلح الشهيد ان المقصود هو الشهيد الغائب (المتوفي). ولكن عندما يكون الشهيد حياً، (مُقعَد مثلاً)، نكون امام اقسى وامرّ انواع الاستشهاد، ويتجاوز مستوى الشهادة هنا مرتبة المجد والسموّ، ليبلغ مرتبة القداسة.

فهذا الشهيد الذي تعيش معه ذكرى استشهاده على مدار الايام، يتحسسها وتتحكم بحياته يوميا وتفرض عليه جحيما من العيش الذي لا يحتمله بشري على وجه الارض. هي معمودية الروح والجسد للانتصار في تحدي الاستمرار والتقدم وليس الاستسلام للهزيمة. هذا النوع من الشهداء ينبري لضمائر السياسيين والمناضلين حَكَماً وحاكماً على المصير والتاريخ.

هذه هي حال دياب فيكتور يونس. كنّا يومها مجموعة من شباب بلدتنا تنورين انتابنا الحماس الشديد ابّان "حرب التحرير" وتطوعنا في لواء الانصار-الكتيبة الثانية- في جبيل التي كانت مركز قيادة لتطويع وتدريب العسكريين ورفد جبهة المدفون بهم، التي كانت باستلام اللواء السابع. وقد اخترناها لاننا ابناء الشمال واولويتنا هي لمنطقتنا. لقد كانت الجندية بالنسبة لدياب حينذاك طريقاً فرضها نداء القيادة وتلبية الشباب للواجب الوطني ولم تكن بحد ذاتها مبتغاه، فهو كان يتابع تعليمه في قسم الرياضيات في ثانوية جبيل الرسمية، كما كان قد تقدم لامتحانات الدخول الى المدرسة الحربية في الجيش ليصبح من ضباطه.

قبل ذلك كان دياب شاغل الكل، حركة دائمة من النادي الى الرعية الى التجمعات الشبابية الى...لقد كان مشتعلا حياةً وحيوية وكأن العمر عنده لا يُحَد. لقد كان شاباً يضج صخباً وشباباً وحياة.

لكن بعد برهة وقعت الصدمة المصيبة. واصابت رصاصة غادرة متتفجرة عاموده الفقري، فاصيب بالشلل والعذاب الدائم، وبات شهيداً حياً يعايش اوجاعه وآلامه الجسدية والنفسية منذ 28 سنة، اجرى خلالها 28 عملية جراحية سببها الشظايا المتناثرة في ظهره والمستقرة في دودة النخاع الشوكي، بدأها في مستشفى سان مارتينو في ايطاليا حيث كان الامل بشفاؤه الكامل كبيراً، كما خضع لعلاج فيزيائي مؤلم لخمس سنوات على امل الشفاء، لكنه في السنة الثالثة بدأ يفقد الامل الذي تراجع الى نسبة 50% واستقر عند هذا الحد، ليبقى دياب بعدها مقعداً على كرسيه.

لكن هذا الجندي اقبل على تقبّل الواقع بعزيمة كبرى لا تستوقفها صعاب، فتزوج بممرضته ورزق بابن مما خلق لديه حوافز كبرى للمضي قدماً وكان اهلاً للتحدي، وفي المقابل لم يطلب شيئاً لا من ربه ولا من اطبائه سوى زوال الاوجاع الفتاكة والخضوع للعمليات الجراحية التي باتت آثارها تغطي كامل جسده. لكن طلبه هذا المتواضع للغاية لم يُستجب حتى اليوم. ولا يزال الالم يسكن جسده الصامد، تُسَكِنُه احيانا جرعات من المسكنات القوية. وحين نساله كم هي مدة الوقت التي امضيتها بلا الم منذ العام 1990، يجيب بتنهيدة عميقة "لاكون منصفا, ربما سنة واحدة".

منذ العام 1991، ودياب يونس يمضي فترة سنوية في معهد بيت شباب للمعوقين، لكنه عندما يكون في منزله العائلي يوماً بعد يوم وصراخ الالم يخترق سقف المنزل والدموع تبلل العيون ليلا ونهاراً، وعندما يرى قلوب اهله ومحبيه تتفتت عليه، يُغَلّب انسانيته على المه فلا يتلفظ بكلمة آخ واحدة امامهم ثم يتوارى عنهم لكي لا يعذبهم بعذابه ويشعرهم بعجزهم عن القيام باي شيئ لاجله. ليس من قوة بعد اكبر من هذه القوة. ولكنه في قرارة نفسه يشعر بما لا يمكن لاي انسان آخر ان يشعر به، ذلك ان الاسى يعتصره لدرجة تمنّيه القوي بان يكون كاحد رفاقه، الذي اصيب بشلل رباعي كامل جراء اصابته بقذيفة مدفعية. "صحيح ان اصابته افظع من اصابتي لكنها انتهت عند هذا الحد وبات يكمل حياته دون اوجاع" .

تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد 9 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 5 بعد تغريدة أشعلت المملكة السعودية... وهاب "مُحاصر" بالشائعات! 1
جثةُ شاب داخل "شاليه" في الكسليك! 10 الحلبي يعدّل عطلة عيد الفصح الأرثوذكسي 6 الساعات القادمة حاسمة... تحرّكات "مفاجئة" تلوح في الأفق! 2
كمينٌ مُركّب لحزب الله... إسرائيل تستخدم ساتر دخاني لسحب الخسائر! 11 "إلغاء تعميم الـ 20 مليون ليرة"... بيان من "الضمان" 7 بلبلة في صفوف قوة الـرضوان والسيّد يتدخل شخصيًا... يا ويلكن ويا سواد ليلكن! 3
أكثر من 100 عمليّة سلب... المعلومات توقف 4 متورطين! 12 منصوري يكشف سبب تأخر المصارف بتطبيق القانون 166 8 بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر