Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
الواقع بعيون شهيد.. الصراع بين التضحية والهزيمة
انطون الخوري حرب
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاربعاء
10
أيار
2017
-
15:33
"ليبانون ديبايت" - انطوان الخوري حرب:
"ليبانون ديبايت" ينشر الحلقة الثانية من الحوار مع الشهيد الحي دياب يونس، وفي ما يلي نص الحلقة الثانية من الحوار:
يوم اصيب دياب يونس، كان في الموقع المتقدم للدفاع عن مركزه، وكانت تفصل بيننا ساحة الثكنة التي كان ينهمر عليها الرصاص كالمطر، وبقي ينزف امامي مدة نصف ساعة وهو ممدد على الارض والدماء تسيل منه. من المستحيل وصف ذلك الشعور القاتل بالعجز عن اسعاف رفيق مصاب في المعركة. وازمتي النفسية المزمنة والعميقة مع هذا الشعور هي انه لا يزال يلازمني كلما كنت في حضرته. فمنذ اصابته لم يمر يوم لم اشعر فيه بالضيق من هذ الامر، نظرا لمدى حساسيته ودقته وتأثيره النفسي عليه.
فعندما يكون المناضل برفقة رفيق سقط امامه في الميدان شهيدا حياً، وهو لا يزال يشاهده منذ ثلاثة عقود وهو على حاله، ويخطر له ان يسأله اذا ما كان المستقبل الذي وصل اليه يساوي التضحية التي قدمها لانتصار قضيته ، فهو يحتاج الى نسبة عالية من الجرأة، لكن الجواب ياتي سريعا عفويا وحاسما. اذ يقول ببساطة " لا لم يتحقق الوطن الذي حلمت به وضحيت بحياتي لاجله، يوم اصبت اعتبرت انني اضحي لاجل مستقبل افضل فهل يعقل اننا مذ ذاك نشهد مسارا انحداريا مخيفا على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. عندما اعلنوا ما سمي بالجمهورية الثانية بعد الحرب، وعدونا بالسلام والازدهار والاصلاح وقيام دولة القانون والمؤسسات وتحقيق الوحدة الوطنية... لكن النتيجة كانت وقوعنا في دين عام وصل الى 77 مليار دولار، والهجرة بلغت المليون لبناني معظمهم من الشباب، ومؤسسات الدولة برمتها استشرى فيها مرض الفساد، والوحدة الوطنية اصبحت تناحراً طائفيا ومذهبيا، والاقطاع بكل اشكاله يهيمن على مقدرات الدولة والمجتمع والشعب في حالة تخلف. معظم ابناء جيلي اصبحو اما في القبر واما في المهجر. هل هذا ما ناضلنا لاجله، وهل يمكن لاحد غيرنا ان يفهم عمق غبننا وغضبنا وخيبتنا؟؟؟ لا اعتقد. هل هذا ههو الوطن الذي ساتركه لابني ليحيا فيه حياة حرة كريمة. لا والف لا.
"يا ليتهم يكتفون بعدم تقدير تضحياتنا واحترامها، حتى على المستوى الانساني لا احد من المسؤولين او المؤسسات الرسمية يعيرنا اهمية نحن معوقو الحرب، الدولة جاحدة بحقنا والنواب المشرعين يلهثون وراء مصالحهم، لقد طالبنا بان يلحظ قانون البناء مثلا ممرات خاصة لنا بغية تمكننا من بلوغ الاماكن الضرورية بمفردنا. كما هو حال معظم دول العالم، لكن احدا لم يهتم. حتى في الجيش المؤسسة الام التي لم اعد اؤمن بمرجعية غيرها، يوجد 10000 معوق لا يمكنهم الوصول الى مكاتب الدوائر المسؤولة عن معاملاتهم. وفي الدوائر الرسمية المدنية لا توجد اية اجرائات لتسهيل معاملاتنا. ناهيك عن غياب اي اهتمام لجهة البرامج الخاصة بمساعدتنا او تأمين العمل لنا او تنمية مهاراتنا. فالدولة تتعامل مع المعوق كشخص عاجز، وهذا امر باطل ولا يجوز، فانا رغم اصابتي لم اقبل ان تصنفني قيادتي غير صالح للخدمة واستمريت في الخدمة الفعلية حتى العام 2002. ولا زلت حتى اليوم اتمتع بكامل مهاراتي وقدراتي العلمية والفكرية واستطيع ان اقوم باي عمل اداري بنجاح تام ولكنني عاطل عن العمل منذ سنوات. حتى معنويا نحن مهملون ولا يأتي احد من المسؤولين الرسميين في الدولة على ذكرنا ابداً حتى في عيد الجيش. فلا يزورنا اي ضابط ليطمئن علينا او لينقل معايدة القيادة لنا او ليسمع مطالبنا وحاجاتنا اواي شيئ آخر.
"اما بالنسبة للمجتمع فالامر ايضا فيه الكثير من الصعاب، فمن المؤلم ان يتعامل معنا بعض الناس بشفقة فهذا امر لا يطاق ويسبب عذابا نفسيا مستمراً ، لكن في المقابل تجد عند الكثيرين تعاملا محببا وبانسانية كبيرة وهذا تصرف راقٍ، اما في حياتي الخاصة فانني احظى برفاق الدرب ولا سيما رفاق البلدة والسلاح، محبتي لهم لا تقدّر لان حبهم لي خيالي وهم اكثر من يقدّرني لانهم اكثر من يفهمني. ويسعدني ان احتل في نفوسهم مرتبة صداقة ورفقة سنوات طويلة ومراحل متعددة وهم دائما بجانبي ومعهم اشعر بالامل كما اشعر بانني في مكاني الطبيعي, انهم اخوتي واخاف عليهم بقدر خوفهم عليّ وهم شهودٌ على عالمي وحياتي ويغمرونني بنبلهم وبالقيم الانسانية والوطنية لتي يتحلون بها.
حين يقولون لي بانني واحد من اهم اسباب نضالهم الوطني فان ذلك يشعرني بالمسؤولية الوطنية والاعتزاز. انهم يشعرون بانني دفعت الثمن عنهم لكنني راضٍ بذلك لكي لا اُجرَح اكثر مما جُرِحتُ باصابتي، فانا لا زلت واحدا منهم وسابقى كما انا ولن اتغيّر".
مواضيع ذات صلة
الشهيد يشهد.. كيف ينظر شهداؤنا الى حالنا?
الشهيد يشهد.. مصالحة فوق الحقيقة ومصالح فوق الشعب
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا