"ليبانون ديبايت" - ليندا فايز التنوري:
إنه "معجزة الرب". هكذا يصف بطريرك موسكو وعموم روسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.القائد الذي استطاع أن يرمم قدرات روسيا وان يعيدها الى واجهة السياسة العالمية. لا شك انه نجح في ذلك لأسباب تتخطى - العناية الالهية - ومباركة الكنيسة الأرثوذكسية التي أدرك بحنكته أهمية مساندتها له (وهنا نترك النقاش في حقيقة ذلك لأهله).
لعل قول الباحث والمحلل كريستوفر هيلمان في الرئيس الروسي يكشف النقاب عن نقطة قوة قد لا تقف عندها القراءة السطحية لما يحدث. يقول هيلمان"إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الرجل الأكثرنفوذا في صناعة النفط في العالم".
تتصدر روسيا قائمة الدول المنتجة للنفط في العالم بنسبة تتراوح بين 12 الى 13% تليها حليفتيها العسكريتين إيران والصين. فالشركة الروسية "غاز بروم"تعد اكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، تسيطر عليها الحكومة الروسية وتصدر معظم انتاجها الى اوروبا، حيث تحتل روسيا المركز الثاني بعد السعودية في قائمة أكبر الدول المصدرة للنفط والمركز السابع من ناحية الاحتياطي النفطي.
وللاستدلال على النفوذ النفطي ل قيصر روسيا او "روما الثالثة"كما يحلو للبعض تسميتها لا بد من التوقف عند واحدة من من الشركات الاستراتيجية لروسيا وهي شركة "روسنفت" التي تأتي في المرتبة الخامسة عشرة عالميا والتي يرأسها "إيجور سينشن" المقرب جدا من الرئيس بوتين.
تساهم هذه الشركة بنسبة 69.50 من الاسهم في البورصة من النسبة المملوكة للدولة وتعتبر اكبر شركات قطاع النفط والغاز في روسيا، يعزز ذلك اهمية الاتفاقات التي وقعتها هذه الشركة "البوتينية الرأس"، حيث اشتركت مع شركة ايطالية للتنقيب عن النفط في ليبيا وشمال افريقيا. واستطاعت رغم غياب الثقة بين واشنطن موسكو ان توقع واحدا من اضخم الاتفاقات النفطية في العالم. حيث وفي العام 2012 وقعت "روسنفت"الروسية اتفاقا مع نظيرتها "إكسون موبيل" الأميركية، موضوعه شراكة للتنقيب البحري عن الخام الذي يمكن ان يستثمر أكثر من 500 مليار دولار في تطوير إحتياطات روسيا الهائلة من النفط والغاز في المنطقة القطبية الشمالية والبحر الأسود. وبموجب هذا الاتفاق النفطي الروسي الاميركي ستسعى الشركتان لتطوير 3 حقول في منطقة الأطلسي تضم احتياطات قابلة للإستخراج تقدر بـ 85 مليار برميل من النفط.
يحرص سيشن، الذراع اليمنى للرئيس بوتين على التأكيد بأن هذا الاتفاق هو الاكبر بفارق كبير بين شركة روسية وشركة أجنبية.
تجدر الإشارة الى انه وفي ايلول 2014 وبينما العالم (سيما معشر البيادق) مشغول بالأخذ والرد في مدى شرعية العقوبات التي استهدفت روسيا في الولايات المتحدة الاميركية بسبب الأزمة الأوكرانية، أعلنت الشركة الروسية روسنفت إطلاق أعمال التنقيب مع شريكتها الاميركية اكسون موبيل في بحر لاتيف شمال سيبيريا، مع تأكيد الشركتين على ان القرار النهائي بشأن الاستثمار في بحر كارا وسط الساحل الشمالي الروسي من المتوقع اتخاذه في العام 2016 او 2017.
لو سلمنا جدلا بأن النفط هو اضعف محفزات الصراع على شكل ومستقبل سوريا، فإنه ليس لهذا التسليم ان ينفي أن النفط والهيمنة عليه يشكل جزءا من الصراع الجيوستراتيجي الاوسع، اذ يرغب الرئيس الروسي بالحفاظ على هيمنة روسيا على إمدادات الغاز الى اوروبا ليضمن استمرار تربعه على عرش النفط ما قد يشكل مبررا لتصريح مدفيديف عن "ان روسيا لا تدافع عن الاسد بل عن مصالحها القومية".
أخيرا رغم التسييس المفرط والصور النمطية التاريخية التي تعرقل العلاقات الروسية الاميركية، فإن بوتين بما له من نفوذ في القرار السياسي العالمي وبما له من نفوذ في عالم الطاقة استطاع ان يوازن بين ملفات الاقتصاد والسياسة، ليكون لا قيصر الحرب فقط بل قيصر النفط أيضا.
فهل سيستمر نفوذ بوتين السياسي والنفطي في ظل ما ستشهده الاتفاقات النفطية الاميركية الروسية، وفي ظل ما قد تشهده العمليات الروسية في سوريا من مفاجآت أمنية سريعة ومن توترات على جميع الجبهات؟؟
سؤال برسم النفط والحرب.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News