الى اين يذهب خيال وليد بك؟
ذات مساء، وعلى شرفة القصر، اومأ ضاحكا الى «صواريخ السيد حسن» الرابضة في اودية جزين. هل هي اكثر تأثيرا من اصوات «الشيخ سعد» المنتشرة في ارجاء الاقليم؟
لعل وليد جنبلاط الذي يدرك ان الساحة السورية تحفل بالاحتمالات، بما في ذلك احتمالات البلقنة او التجزئة او حتى اعادة هندسة الخرائط، يسأل ما اذا كان هناك مكان لهذا القصر في المستقبل وبعدما اعقب انفجار الايديولوجيات المجنونة انفجار الاستراتيجيات المجنونة...
شخصية درزية مخضرمة، واوتيت الكثير من الحكمة ومن الرؤية، قالت لنا «هذا تحديدا ما يشغل وليد بيك» الذي قد يشعر ان ثمة من يحفر تحته. هو كسائر قادة الطوائف الذين يترأسون الاحزاب او التيارات او الحركات، لا يستطيع ان يتحمل اي صوت آخر داخل معسكره. الشخصية اياها تسأل ما اذا كان يمكنه ان يتحمل مروان حمادة؟
ذات انتخابات فاقت اصوات حمادة اصوات جنبلاط. تردد انه قال له «الاصوات الزائدة فقط هي اصواتك»، وحين فتح منزله في بعقلين امام اهل المنطقة على انه ممثلهم في ساحة النجمة سأله بتهكم «قالوا لي انك فتحت مقهى القزاز في بعقلين». في الحال اقفل المنزل. لا دار هناك سوى دار المختارة...
في الايام الاخيرة نقل الى جنبلاط ان حمادة، وفي كلمته في ذكرى اللواء وسام الحسن، اتهمه بالتخاذل وترك حلفائه واصدقائه في منتصف الطريق. بعض «المغرضين» راحوا يشيعون بأن هناك مقربين من حمادة يرددون «ان البيك مثل اميركا لا تعرف متى يتركك لتسقط جثة هامدة تحت ضربات العدو».
لا ريب ان حمادة مثقف بارز وكاتب بالفرنسية لا يشق له غبار، وعلاقاته الدولية و العربية وثيقة ومترامية. لكنه يعلم ايضا انه لا يستطيع في حال من الاحوال ان يقارع سيد القصر، وسيد الطائفة. على الفور نفى ان يكون قد استهدف جنبلاط او ان يكون قد استعمل اساسا الكلمات التي تم تداولها. شيء ما يشبه فعل الندامة على ذنب قال انه لم يرتكبه...
وتقول الشخصية اياها «ربما كانت مشكلة جنبلاط مع جهات عربية ولبنانية انها تثق اكثر بالنائب مروان حمادة، غير القابل للاستدارة والذي كاد يفقد حياته في محاولة الاغتيال التي بدأ معها مسلسل الاغتيالات، وقد بلغ ذروته الدرامية باغتيال الرئيس رفيق الحريري».
هل هي مشكلة حمادة ايضا الذي يعرف مدى وثوق الجهات (المؤثرة) به، ويعرف ما يقال عنه في محافل عربية وغربية، خصوصا اذا ما اعتزل جنبلاط فعلا الساحة وتركها لنجله تيمور الذي لا يزال غامضا بالنسبة الى اللبنانيين؟
الشخصية الدرزية المخضرمة استغربت كيف ان جنبلاط «استدار» كليا ضد الروس، وهم الاصدقاء التاريخيون له ولابيه مع انه يعلم مدى اهتمامهم به وبوضعه وبمصيره، وهذا ما بدا جليا خلال مرحلة الاغتيالات حين تردد ان مسؤولا استخباراتيا روسيا كبيرا زار اكثر من عاصمة ليقول لاهل الامر والنهي فيها ان وليد جنبلاط خط احمر..
بهلع تسأل الشخصية إياها «ماذا اذا رفعت الاستخبارات الروسية الغطاء عن جنبلاط في هذه الظروف المعقدة بل و الخطيرة؟». لا مجال للرهان على وكالة الاستخبارات المركزية. ماذا عن اجهزة الاستخبارات الانكليزية؟ سؤال نعثر على الاجابة عنه في...القرن التاسع عشر!
جنبلاط المثقل بالتاريخ، وبأهوال التاريخ، يدرك مدى حساسية لعبة الامم في الوقت الحاضر. قال لنا ذات يوم انه سينبري للاهتمام بقبيلته، اي بالطائفة الدرزية. الشخصية سألت ما اذا كان «وليد بيك» بات يعطي الاولوية للعائلة على القبيلة، اين هي الحلبة التي يلعب فيها الان بعدما عادى الروس ورمم او وطد علاقته بالمملكة العربية السعودية «دون ان نشاهده، مثلا، زائرا لواشنطن».
تضيف «واضح ان زيارة جنبلاط الاخيرة للرياض اعادت تصويب العلاقات بعدما كان دروز كثيرون قد لاحظوا كيف استقبل الدكتور سمير جعجع وكيف يستقبل وليد جنبلاط». هل يكفي هذا، والمنطقة عند المفترق والطائفة عند المفترق، كي ينام البيك على حرير؟.
في الشوف هناك الصوت السني. في البقاع الغربي- راشيا ايضا. هنا تبدأ الحكاية بأبعادها الشخصية والاستراتيجية. لا بد لوليد بيك ان يكون حيثما يكون السنّة، ومن اليمن الى سوريا، واذا كان له ان يحدق بذهول بكلام مروان حمادة (الذي لم يقله) فلكي يبحث عن الاشباح وراء الحائط او داخل الحائط...
حمادة الذي لا تعوزه الحنكة السياسية ولا الحنكة اللغوية يدرك ان هذا ليس الوقت المناسب ليتذكر ان تمثال فخر الدين في بعقلين لا في المختارة. لكنه قد يشعر ان اشياء كثيرة في المنطقة، وفي لبنان، قد تتغير. من يبقى ومن يذهب؟
ليس وليد جنبلاط وحده الذي يحق له ان يقلق، وان يدور، دون جدوى، حول خياله!!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News