مختارات

جورج شاهين

جورج شاهين

الجمهورية
الجمعة 25 كانون الأول 2015 - 08:47 الجمهورية
جورج شاهين

جورج شاهين

الجمهورية

قوة القطاع المصرفي في التزامه المعايير الدولية

placeholder

قبل أن يتناول الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله ملف العقوبات الأميركية، كان رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه قد طمأنَ أمام أعضاء مجلس نقابة المحررين في لقاء حواري أنّ الحزب «يتجنّب إحراجَ المصارف بصورة مطلقة»، رافضاً «أيَّ إساءة يمكن أن تلحق بها». فلماذا تدخّلَ بعض السياسيين في هذا الملف؟ليست المرّة الأولى التي يقع فيها القطاع المصرفي عموماً والمصارف اللبنانية خصوصاً تحت ضغط القوانين الأميركية والدولية التي تُحدّد أصولَ التعاطي بينها وبعض الدول والأفراد والمؤسسات. فالتجارب السابقة قادتها إلى امتحانات كثيرة خرجَت منها بقوّة مضاعفة واعتراف دولي مميّز بكلّ المقاييس والمعايير المالية الدولية والإقليمية والخاصة قلَّ نظيره بين معظم الدول.

ولعلّ تجربة تجاوُز لبنان للأزمات المالية الدولية التي عصفَت بالكثير من الاقتصادات العالمية والمؤسسات الكبرى العابرة للدول والقارّات عام 2008 خير امتحان، وخصوصاً عندما أصابَت الأزمة بعضاً من هذه الشركات التي تتجاوز موازنتُها الخاصة حجمَ الدخل القومي في لبنان والخزينة العامة، وحجم الدين العام وكلفته السنوية معاً.

ليس في ما سبق أيّ سرّ، ففي الأروقة المالية والدولية ومؤتمرات البنوك المركزية ما يؤكّد صلابة القطاع المصرفي في لبنان والذي تحوّلَ سنداً قوياً لبقاء شيء من مكوّنات الدولة وحضورها في أكبر المنتديات الاقتصادية والمالية، وبات المورد الأوّل والأكبر لدين الدولة العام ومصدراً لتمويل المشاريع المتوسّطة والصغيرة الحجم السَكنية منها والتجارية والتي وَفّرت نوعاً من الاستقرار الاجتماعي في البلد بالحد الأدنى المطلوب للاحتفاظ بالطبقة الوسطى تعويضاً عمّا أصاب فئات لبنانية كبيرة باتت تحت خط الفقر.

وعلى هذه الخلفيات، تتطلّع المراجع المالية والمصرفية إلى شكل ومضمون العقوبات الأميركية الجديدة التي خصّصت قانونَها الأخير لـ»حزب الله» تحديداً دون غيره من المنظمات الدولية والمحلّية التي كانت قد وضَعتها على لوائح الإرهاب الجانبيّة وفق تصنيف يَختلف بين دولة وأخرى، وهو ما جعلَ الاستنسابَ في تطبيق هذه العقوبات أمراً ممكناً ضمن ما تراه كلّ دولة من هذه الدوَل تحت عناوين شتّى، تارةً تحت بند السيادة وتارةً أخرى تحت عناوين أخرى غامضة تشير إلى خصوصية قوانينها وما يُميّزها عن غيرها من الدوَل في سياساتها الخارجية والاقتصادية والمالية.

لا تستهين المراجع الماليّة بالقرار الأميركي الجديد، وترى نفسَها ملزَمة تطبيقه بما لديها من جرأة دلّت إليها في مناسبات سابقة. فالقطاع المصرفي الذي التزَم تطبيق القوانين التي أصدرَتها الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية بحق إيران وسوريا مثلاً، لم يراوغ في مدى التزامها على رغم ما كان للدولتين من سطوة سياسية وأمنية وعسكرية في لبنان وما لهما من أصدقاء في مختلف مواقع المسؤولية من أعلى الهرم الحكومي إلى ادنى مستويات الحياة الاقتصادية والمالية، نظراً إلى حجم العقوبات المحتملة والتي لا تقف عند حدود التضحية بمصرف تجاوَزها، أو تلك التي تنعكس على مصالح اللبنانيين المقيمين والمغتربين على أرضه.

وتؤكّد المراجع المالية أنّ العقوبات الأميركية جدّية للغاية ولا يمكن النفاذ منها أو تجاوزُها بسهولة، وهي التي قادت دوَل العالم، ولبنانُ واحدٌ منها، إلى تطبيق القوانين التي أصدرَتها بحق مواطنيها الذين تلاحِقهم إلى أقاصي الأرض لفرضِ الرسوم والضرائب على أموالهم وممتلكاتهم، فكيف بالنسبة إلى مواطنين من دوَل أخرى فرضت عليها عقوبات جماعية وإفرادية في كون بات يُعرف بـ»القر ية الصغيرة».

وعليه، تُذكّر المراجع المصرفية بضرورة تركَ «الخبز للخبّاز». وتَلفت إلى أنّ القوانين السابقة المشابهة التي فرَضَتها أميركا ودوَل أخرى دفعَت لبنانيين كثُراً ومقيمين على الأراضي اللبنانية إلى التخلّص من هويّاتهم الأميركية والفرنسية ومن دوَل أخرى واستعادة هويّاتهم السابقة، أو شراء أخرى للتخلّص من موجبات هذه القوانين وما فرضَته من رسوم وضرائب لا يمكن الإفلات منها مهما علا شأنهم.

ولذلك كلّه، ترى المراجع المالية أنّها لن تُفرّط بمكتسبات كثيرة ما زالت تُميّز القطاع المصرفي في لبنان، وليس آخرها الاحتفاظ بنسبة كبيرة من «السرّية المصرفية» التي افتقدَتها سويسرا لتتجاوز قوانين بهذا الحجم يمكن أن يدفع ثمنَها فردٌ أو قلّة من اللبنانيين في مواقع محدّدة، طالما إنّ كلّ أنظمة الحزب المستهدَف تعمل خارج إطار هذا القطاع ومؤسّساته وقنواته، ولا تستخدمه لا في السرّ ولا في العَلن، وما على الباقين من هواة «المال المحظور» إلّا أن يحذوا حذوَه.

ففي العالم دوَل وأنظمة تُسهّل عمليات الإتجار بالمال الخاص بطرُق ملتوية، ولهؤلاء شبكاتُهم التي تعمل خارج إطار الدوَل، وليواجهوا مثلَ هذه القوانين شرط إبعاد لبنان واللبنانيين عن مخاطرها الكبيرة.

وتُذكّر المراجع أيضاً بأنّ لبنان يمكنه تجاوُز كلّ هذه التطوّرات السلبية بمجرّد انتخاب رئيس جديد للجمهورية لتنتظمَ العلاقات بين المؤسسات، على اعتبار أنّ انتخاب رئيس يجمع عليه اللبنانيون يساوي في نظرهم مضاعفة مخزون الذهب في المصرف المركزي الضامن لقوّة ومناعة الليرة التي لا خوف عليها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة