يستعدّ لبنان للمشاركة في شباط المقبل في مؤتمر الدّول المانحة لسوريا الذي سينعقد في لندن بدعوة من الحكومة البريطانية. يكتسب هذا المؤتمر أهمية خاصّة، لا سيّما بعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير الرقم 2254 (في 18 الجاري) الذي اعترض لبنان، ممثلا بوزير خارجيته جبران باسيل، على عبارة وردت في إحدى فقراته تنصّ على «العودة الطوعية للنازحين السوريين بعد انتهاء الحرب»، فأعيدت صياغتها مجددا مرفقة بعبارة «مع حماية مصالح الدول المضيفة للاجئين أو للنازحين السوريين».
شبح التّوطين
في هذا الإطار، تشير أوساط ديبلوماسية متابعة إلى أنّ مسألة النزوح السوري «جدّية وينبغي أن يعي اللبنانيون وجود مخطّط لتوطين النازحين في لبنان، عبر استسهال تركهم لفترة طويلة تصبح بعدها العودة صعبة وغير متيسّرة، ما يعني توطيناً مقنّعاً».
وتلفت الأوساط الى أنّ الأمر ظهر جليّا في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، «ويبدو أنّ الخطر جاثم على لبنان أكثر من سواه، إذ أقفلت بقية البلدان حدودها، ومنها الأردن الذي يبقي النازحين في مخيمات تخضع لحراسة مشددة، في حين أن تركيا تبقي قسما كبيرا من هؤلاء في المخيمات فيما البقية موزعون في أماكن محدّدة من البلاد ويرحّل قسم منهم كل فترة».
موقف لبنان صارم في هذا الموضوع، على عكس الدول المجاورة «التي تستفيد من مشاريع وأموال طائلة لكي تترك النازحين على أراضيها»، ومن المنتظر أن تتكرّر هذه «العروض المغرية» لها وللبنان في اجتماع لندن حول سوريا، وقد بدأ لبنان التحضير لسلسلة من المشاريع التنموية التي تستفيد منها المجتمعات المحلية أيضا.
وتذكّر الأوساط الديبلوماسية بأنه بين اجتماع «فيينا ـ 1» و «فيينا ـ 2»، وصولا الى اجتماع نيويورك الأخير، كان لبنان الدّولة الوحيدة من أصل 19 دولة التي طلبت تضمين القرارات الصادرة مواقف شفافة في موضوع النّازحين السّوريين، وهو ما نجحت الديبلوماسية اللبنانية في تحقيقه في مؤتمر «فيينا ـ 2». وتلفت الأوساط الديبلوماسية الى أنّ حضور لبنان لهذه الاجتماعات «هو للدفاع عن مصالحه من دون التدخّل في الشؤون السورية».
وقد اكتشفت الديبلوماسية اللبنانية أن «المجتمع الدّولي برمّته، وخصوصا الدول الأوروبية، ترفض تحمّل عبء النّازحين السوريين وتريد إلقاءه على لبنان وأية دولة تقبل توطين هؤلاء». وتذكر بكلام صادر منذ يومين عن رئيس مفوّضية اللاجئين في الأمم المتّحدة أنطونيو غوتيرس قال فيه: «إن عدم توفير فرص التّعليم أو العمل أو الحماية من الفقر، يدفع بكثير من السوريين الى التوجّه الى أوروبا».
وتشير الأوساط الديبلوماسية إلى أن اعتراض لبنان على عبارة «العودة الطوعية» لم يطمئن بعض الدول المشاركة، وكان الجواب الديبلوماسي الحاضر أنه لا يمكن التخلي عن هذه العبارة لأنها تشكّل لغة الأمم المتّحدة، لكنّ لبنان رفض هذه اللغة متشبثا بموقفه، ما أعطاه فرصة ديبلوماسية حوّلت الخسارة الى ربح. وفي حين أن بقية الدول في نيويورك لم تهتمّ بفقرة النازحين، ركّز عليها لبنان وبعث برسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والى أعضاء مجلس الأمن الدولي موضحا موقفه الرّسمي. وتتساءل الأوساط الدّيبلوماسيّة: لِمَ حصر تخيير النازحين السوريين بـ «العودة الطوعية» بين لبنان وسوريا فحسب؟ ولماذا لا تضاف دول أخرى مثل كندا أو أوستراليا أو سواها على سبيل المثال؟!
وتحذّر أوساط وزارة الخارجية من «أنّ لبنان اليوم هو في وضع استثنائي يستلزم اتّخاذ إجراءات استثنائيّة للحفاظ على أمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وقد تصل هذه الإجراءات إلى حدّ إغلاق الحدود إذا لزم الأمر».
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News