مختارات

الثلاثاء 05 كانون الثاني 2016 - 07:24 السفير

الوهج الأخير لأمراء المذاهب

placeholder

ـ ١ ـ

...لكن الحرب غالباً لن تقع.

حرب مذهبية، تتصدرها السعودية وإيران، لن تتم كما تتخيّل بعض السيناريوهات. ليس لحكمة أطرافها أو لغياب الإرادة، أو لأن الخوف من الحرب يمنعها.

الحرب في الخلفية. في إعادة تشكيل صورة الفرد عن ذاته، والدولة عن تكوّنها الأساسي. الشيخ نمر النمر، مذهبه الشيعي كان السبب في قتله، برغم جنسيته.. والتعاطف الواسع معه سواء من الدول ذات الغلبة الشيعية، أو من الجانب الحقوقي في العالم، الذي بدا أنه اكتشف الآن أن الدولة التي ترأس مجلس حقوق الإنسان، ما زالت تستخدم السيف وقطع الرقاب، وبسبب عقيدة الناس أو أفكارهم.

إعادة تشكيل مكوّن الدولة، على أساس مذهبي، هو تعرية كاملة للأقليات الحاكمة في هذه المنطقة، فالسلطة أقلية (أو ليغاركية ) مع اختلاف سندها الأول، ثم أنها تغطي نفسها بأقنعة متعددة، منها الشكل الحديث، أو البنية المؤسسية، أو الاندماج في «ماكينة» العالم الكبيرة.

«الأوليغاركيات» الحاكمة... ومع انهياراتها الداخلية، وتخشّبها، هي عارية من كل أقنعتها (الجنائزية)، وفي لحظات إعادة التشكّل، ليس لديها إلا «جسمها الأصلي».. والذي هو في الأصل إما عسكري (رابطة السلاح والقوة) أو ديني (مذهبي/ طائفي...).

الحرب في خلفية هذا الكشف، معبّرة عن «تخوخ» ينزع من السلطة قدراتها المرعبة في الهيمنة على الناس، بينما الحرب استعراض قوة بالأساس.

ـ 2 ـ

هي هبات البارانويا...

أطراف كأنها مدفوعة إلى ارتكاب «أخطاء تراجيدية»، دفاعاً عن رغبات أو غرائز، لا تبدو مفهومة في عالم السياسة، أو استعراضاتها الكلاسيكية، كيف يمكن أن تلتقي مثلاً إيران و السعودية في كراهية «داعش»..؟

وكيف تستمر «داعش» رغم أن قوى إقليمية متنفذة سراً وعلناً، تحت الضوء وفي الظلال المعتمة، تتفق على «كارثية» الكيان المخترق والممتد؟

هذه القوى ترى في «داعش» تفسيراً لأحلامها، أو تجسيداً للجوهر المخفي في هذه الأنظمة التي تتحكّم في مصائر الإقليم...؟

تأمل هذه الأسئلة، ربما نفهم منها هل تقع هذه الحرب المذهبية، أم تظل معلقة، يعيد الخوف منها تشكيل الوعي والموقع من العالم، وإعادة ترتيب الأصدقاء والإخوة والأعداء.

وسنرى مثلاً في إطار محاولة التفكير أنه: لا حرب مذهبية و «داعش» في طرف منفرد، إما أن تتحالف مع «القوة السنية المسلحة» أو تذوب تحت رايات السعودية، وهو ما يمثل في الحالتين «نتائج مرعبة» لحالة التردي العمومية لكل اللاعبين في الإقليم.

وسنرى أيضاً أن بشائر الحرب ليست كذلك تماماً، لكنها تعبير عن حركة «التكوينات المسلحة» للأجسام السلطوية في إيران والسعودية، فبينما تتراجع أمزجة الحرب في إيران، وتعلو أصوات الاندماج مع العالم، ولهذا كان الصوت العالي للحرس الثوري، ورد الفعل تم على طريقة «اقتحام السفارة» الذي كان أحد الفعاليات المؤثرة المصاحبة للثورة الخمينية.

وفي المقابل تخرج السعودية من «أبراج حكمتها المحافظة» إلى الخارج في جولات استعراضية للقوة، وهو ما يجعل السؤال مع كل جولة خروج: هل اقتربت نهاية آل سعود؟ وهي أسئلة لم تطرح في لحظات حرب «التقدم» و «الرجعية» أيام الصعود الناصري في مصر... الأمراء السعوديون يجرّبون قوتهم (المال والسلاح) في استعراض علني، سافر، على حساب شعوب (كما حدث في الغارات العبثية على اليمن...)، أو أنظمة (لم يخجل أمراء الحرب من منح عطايا علنية مقابل الانضمام لحلف لم يصدقه المتحالفون..).

.. بمعنى ما هل تصل مفارقة الذهاب والإياب بين الطرفين الساخنين إلى نقطة الحرب..؟

ـ 3 ـ

تغيير صورة العدو...

هو ما يحدث الآن، فلم تعد إسرائيل على رأس القائمة، ولا الصراع بين العرب والإسرائيليين على أرض فلسطين هي قضية المصير، ولكن «الدفاع عن المذهب»، وانتصار» الإسلام» الخاص بكل مذهب.

هذا التغيير ليس هيناً، ولا خطورته مجربة سلفاً في تشكيل الإقليم حسب سايكس بيكو وشبيهاتها.

إنه «المستحيل» الذي يغيّر الأرض ومن عليها، وهذا يحتاج الى عمليات «إبادة» لانهائية وليس الى مجرد حرب أمراء المذاهب المحليين، فهي توازي صراع المهاجرين مع السكان الأصليين في أوروبا، ذلك الصراع المحكوم بآليات ديموقراطية، أو محاولات استيعاب/ اندماج/ ترويض تواجه تحديها الكبير.

بمعنى آخر، المسألة بالنسبة للعالم، ليست مجرد مشكلة أخلاقية، لكنها ضرب لفضاءات تعمل فيها شركات متعددة الجنسيات، والتي تحتاج الآن إلى «اقتصاد جديد» بديلاً لاقتصاد سيئ، وصل إلى تعريفات عنصرية للذات والدول، وهو ما يفجّر الأسواق الحالية والمحتملة.

إلى أين سيصل التدمير الذاتي؟

كيف ستبزغ «الصور الجديدة» بعد الدمار؟

إلى أي حد سيكون لمعان أمراء المذاهب في تلك اللحظة، عابراً مثل «الومض الأخير» قبل الانطفاء النهائي في «صيغ تعايش لا تواطؤ»؟

كيف سنخترع «فانتازيا» جديدة لفترات ما بعد الخراب مقابل «بارانويا» تراكم القوة والمال مع سلطة العقل القديم

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة