في هذا الإطار، يرى الصحافي والكاتب السياسي غسان ريفي، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يحاول الاستفادة من الظرف السياسي الراهن لتكريس نفسه مرجعية سياسية فوق باقي القوى، أو كوصيّ على المسار السياسي في البلاد. غير أنّ الأسلوب المتعالي الذي اعتمده قبل الجلسة التشريعية شكّل حالة استفزاز واضحة لعدد من النواب، ولا سيما النواب السنّة، ما أدّى إلى ردود فعل غاضبة وقاسية تجاه مواقفه".
ويضيف أنّ "حدّة التوتر ازدادت نتيجة لجوئه إلى خطاب تصعيدي، مستخدمًا عبارات مسيئة بحق النواب، من قبيل توصيف من حضر الجلسة بأنّه "ساكت عن الحق"، واعتبار مجلس النواب "مزرعة"، في مقاربة انتقائية يظهر فيها المجلس "سيد نفسه" عندما يشرّع بما يخدم مصالحه السياسية، و"مزرعة" عندما لا تتوافق القرارات مع توجهاته".
ويشير ريفي إلى أنّه "في جلسة الأمس انقلب السحر على الساحر، إذ وجد رئيس القوات نفسه في مواجهة مفتوحة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك في موقع تصادمي مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إضافة إلى موقف ملتبس من رئيس الحكومة، ليس رفضًا مباشرًا له، بل في سياق السعي إلى إضعاف الحكومة وإظهارها عاجزة، بما ينعكس سلبًا على العهد الرئاسي في بداياته".
ويؤكد أنّه "حاول ضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد: أولًا، ضرب تمنيات رئيس الجمهورية للنواب بحضور الجلسة التشريعية المخصّصة لإقرار مشاريع تمس شؤون المواطنين، وإظهاره بمظهر العاجز عن تأمين الحد الأدنى من التوافق النيابي؛ ثانيًا، استهداف رئيس مجلس النواب عبر اتهامه بالسعي إلى احتجاز المجلس لمشاريع ذات طابع سياسي خاص؛ وثالثًا، تعطيل إقرار المشاريع المحالة من الحكومة، في ظل ما تواجهه من تحديات وطنية ومعيشية ضاغطة".
ويشدّد ريفي على أنّ "هذه المحاولة لم يُكتب لها النجاح، إذ اكتمل النصاب بحضور 75 نائبًا، وهو رقم دستوري وازن يتجاوز بأهميته الأرقام الهشّة التي كانت تُطرح سابقًا بين 64 و66 نائبًا، معتبرًا أنّ هذا الرقم شكّل عمليًا انتكاسة لمنطق التعطيل الذي اعتمده سمير جعجع، وكشف حدود الرهان الذي بُني عليه من قبل بعض حلفائه".
ويُرجّح ريفي أن "يكون عدد من النواب المستقلين، من السنّة وغيرهم، الذين انساقوا خلف هذا التوجّه، باتوا اليوم "يعضّون أصابعهم ندمًا"، بعدما تبيّن لهم أنّ هذا النهج القائم على الغطرسة السياسية والتعطيل الممنهج لم يعد مقبولًا، ولا يمكن الاستمرار في تحمّل تبعاته، لا على مستوى العمل النيابي ولا على مستوى الاستقرار السياسي العام".