مختارات

placeholder

فؤاد مطر

اللواء
الأربعاء 06 كانون الثاني 2016 - 07:30 اللواء
placeholder

فؤاد مطر

اللواء

تمنيات مؤجلة لخيبات مستمرة

placeholder

لكثرة المعاناة العربية - الإسلامية طوال أيام العام 2015 إمتداداً لأيام أعوام خمسة إنقضت وكابد العرب والمسلمون فيها أخطر التداعيات الناشئة عن ظواهر مبغوضة وسياسات دولية منقوصة النزاهة، إفترضْنا أن أحوال الأمتين ستكون أفضل بعض الشيء بإعتبار أن المعاناة التي نشير إليها وصلت إلى أعلى درجات القساوة.

ومن التفاؤل بالخير الذي ربما نجده مبدِّداً كثافة غيوم التشاؤم في حياة الإنسان العربي والمسلم، إفترضْنا أن المحنة السورية ستتراجع أمام نصائح العقلاء على أهل القرار في كل من النظام السوري والنظام الإيراني وأن ربع مليون قتيل ومليون جريح ومشوه وعشرة ملايين بين لاجئين ومشردين ودمار فاق بكثير الدمار الذي لحق بمدن في أوروبا خلال الحربيْن العالميتيْن الأولى والثانية، تستوجب وقفة ضمير يبدأ بها العد العكسي لإعادة بناء سوريا التي كانت رقماً صعباً فباتت بيدقاً في لعبة شطرنج إيرانية - روسية - خليجية - أميركية - أوروبية.

ومن التفاؤل بالخير الذي ربما نجده إفترضْنا أن شعوراً بالخجل سيغمر نفوس رموز العمل الحزبي والحركي والتياري في لبنان، وبالذات أولئك المتقاسمون قيادة الشوارع المسيحية المارونية فيتخذ مَن يجب أن يتخذ منهم وقفة مساءلة مع النفس يقول خلالها: أليس من المخجل أن نفعل ما نفعله فلا إصغاء لنصيحة من عاقل ولا مناشدة نتجاوب معها تأتي من مرجعية دينية ولا تجاوب مع مبادرة تبقى على رغم نوايا صياغتها وظروف طرْحها هي أفضل الممكن وتبقى أيضاً مبادرة شجاعة لأن لا أحد يُبادر وإنما العناد يتلو التشبث.

ومن التفاؤل بالخير الذي ربما نجده إفترضْنا أن الإتفاق النووي الذي تمّ التوصّل إليه سيجعل النظام الإيراني يمارس بعض التواضع ويبدأ السعي للإهتمام بالتنمية تشمل كل مناطق إيران والإقتناع بأن كثرة السلاح وتنويعه وكثرة التدخلات في شؤون الآخرين لن تفيد في إطعام جائع وتهدئة نفس مواطن خائف، وأن مساعدة الشيعة العرب وغير العرب من خلال إنشاء الجامعة والمعهد والمصنع والمستشفى تبقى هي المقبولة من رب العالمين وليس مد هؤلاء بالسلاح والشحن المذهبي. وعند التأمل في عشرين سنة خلت من التعامل الإيراني مع الأعماق الشيعية في هذا البلد العربي أو ذاك الأسيوي تتأكد لنا حقيقة أساسية وهي أن فرصاً من التطوير والتثقيف والولاء الوطني ضاعت على أبناء الطائفة ومن الصعب معاودة التأهيل على المدى القصير، ثم إن إيران حققت إعترافاً دولياً بها على أنها "دولة نووية" وإن كانت هنالك شروط وقيود. ومثل هذا الإعتراف يستوجب عدم التفريط به وتدعيم ثباته بعلاقة مستقيمة مع المجتمع الدولي، والتخفيف من التصريحات التي تُهدّد بالويل والثبور وهو تهديد غير قابل أصلاً للتنفيذ. كما يستوجب التعامل مع حالات مستجدة ضمن الأصول وليس تحفيز الغوغاء الثوري الإسلامي على إشعال النار في مبنى سفارة دولة تحتضن الحرميْن الشريفيْن الأمر الذي يوجب تقدير مكانتها، كما أن لها ولمن يعمل فيها حصانة وقوانين دولية لا يلغيها الإستكبار الثوري مهما بلغ حجم تطلعاته إلى تغيير الثوابت المستقرة.

ومن التفاؤل بالخير ربما نجده إفترضْنا أن إستدراج المملكة العربية السعودية إلى حرب إستنزاف لا تريدها أصلاً، ويقتنع اليمنيون بأن الوفاق هو السبيل إلى العيش ضمن الأصول مع الأخ الخليجي وليس مشاكسته لمصلحة الحليف الإيراني، أن تلك الحرب ستضع أوزارها لترمم المملكة ومعها دولة الإمارات ما يحتاج إلى ترميم وإعادة بناء ما تسببت أعمال القصف جواً في هدمه، فضلاً عن تأهيل المئات من المباني الرسمية والمدارس والمستشفيات.

هذا الذي إفترضْناه، يحدونا الأمل بأن العام 2015 سيكون الفاصل بين زمن إكتوينا جميعاً بما حدث فيه إمتداداً لسنوات خمس سبقته، كان من نوع التمنيات التي ينطبق عليها القول الشاعري: "ما كل ما يتمنى المرء يدركه". فكل ما هو موضوع الشكوى بقي على حاله. الفاجعة السورية متواصلة.

النظام الإيراني إعتبر أن الإتفاق النووي مُنح له هو بمثابة تأشيرة لمواصلة التعامل العشوائي مع الآخرين على نحو ردّ فِعْله المبغوض إزاء تدبير قضائي في الدولة الجارة المملكة العربية السعوية من حقها إتخاذه. الملعوب الرئاسي اللبناني على حاله. الأزمة اليمنية تراوح مكانها. الصدمة النفطية تشعبت فبات التقشف والعجز في الميزانيات الخليجية بنداً جديداً مضافاً إلى بنود الصدمة النفطية. وحتى موضوع الدولة الفلسطينية التي كان لها موعد مرجّح التنفيذ في العام 2015 إنتقل بدوره كبند من بنود الأزمات المجيَّرة إلى العام 2016 مع إيحاءات بأنه سيكون في عهدة ولاية رئاسية أميركية جديدة ربما تكون بتسويف العهد الأوبامي الذي أعطى من أطراف لسانه ولسان وزير خارجيته جون كيري الفلسطينيين أنواعاً من الحلاوة المالحة فيما الحلاوة اللذيدة المذاق مجيّرة للجانب الإسرائيلي المعتدي، والذي أبقانا الجهاد السكاكيني يمارسه فتية يمثلون الأمل المنشود، على إيماننا بأن ما ضاع حق وراءه مُطالِب وإلى جانب المُطالِب فتى يمارس حق الدفاع عن وطن الآباء والأجداد... ولو بالسكاكين.

على رغم كل الخيبات سيبقى العربي والمسلم ومعه شقيقه في المواطَنة المسيحي ينتظر بزوغ فجر يضيء السماء العربية - الإسلامية ويبدد الظلام والظلاميين الذي يشيعه في ديار الأمتيْن بعض المفترين المدفوعين من أطراف لا تريد سوى الإيقاع بين أبناء الأمتين.

وعندما نتأمل في العدوان الإسرائيلي المتواصل والعدوان الأميركي المتكرر و"المساندة" الروسية المستجَدة، وكذلك عند التأمل في بعض أصحاب النفوس المريضة في الأمتين، يتأكد لنا مدى الأذى الذي تلحقه هذه الأطراف مجتمعة بالأمتيْن.

وهؤلاء جميعاً على موعد في علم الغيب نتمنى إستحقاقه في العام 2016 لدفع ثمن ما إقترفتْه نواياهم من أذى بالشعوب وبالأوطان. والله هو العارف والقادر... والذي يمهل ولا يهمل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة