مختارات

ثريا عاصي

ثريا عاصي

الديار
السبت 09 كانون الثاني 2016 - 06:48 الديار
ثريا عاصي

ثريا عاصي

الديار

انتَ سوري

placeholder

قصف على دمشق. قتلى وجرحى، أناس عاديون أتاهم الموت من ضواحي دمشق حيث تتموضع جماعات تتسمّى جيش أحرار الشام، المعروف عنها أنّها تابعة لآل سعود، أو قل إنها فصيل من فصائل آل سعود في «الثورة» السورية!
ليس من عادة الأعراب أن ينتظموا في صف واحد، فهم يفضّلون الصفوف المتعددة والفوضى، ربما يكون مردّ ذلك إلى وفرة إنتاج «القادة» و«الزعماء» في مجتمعاتهم. فكلّ زعيم يريد فصيلاً في «الثورة»، والثورة في مفهوم البداوة تعني الفوضى والغنائم والسبايا!
لماذا يقصف ثوّار آل سعود، دمشق؟ يمكننا، بصفتنا مراقبين أو بالأحرى متفرّجين نسبّح ليل نهار بحمد إله يحرسه آل سعود، أن نتبيّن بعض الأهداف التي من المحتمل أنّ الآخرين يرغبون في بلوغها، منها:

- مواصلة تدمير سوريا، ومحو دولتها.
- إرضاء الولايات المتحدة الأميركية وتغطية تدخّلها في الشأن السوري.
- معاقبة السوريين الذين يفضّلون حل مشاكلهم بأنفسهم! فهم كانوا دائماً، على مدى التاريخ، ضدّ الاستعمار وضدّ أدواته آل سعود. ولا شكّ في أنّ كثيرين منهم يعتقدون في الراهن أنّ التقارب بين الحكومة السورية من جهة، وبين آل سعود من جهة ثانية، طوال الفترة التي أعقبت حرب 1973، هو من العوامل التي جرّت الفاجعة على سوريا.

إذا كان «ثوار السعوديين» في سوريا يستطيعون قصف دمشق وترويع سكانها، فمن المرجّح، بحسب رأيي، أنّه باستطاعة الجيش السوري الردّ بالمثل، قصفاً على مواقع هؤلاء الثوار في ضواحي دمشق. الأخيرون يعرفون بالتأكيد ذلك، هذا لا يمنعهم من استفزاز الجيش السوري ومن ابتزاز الحكومة السورية. كأنهم على يقين من أنّ هذه الأخيرة لن تهاجمهم، لن تحرّر البلدات التي تقع تحت سيطرتهم، خوفاً على السكان. أو أنّ هذه الحكومة لا تجرؤ على اقتحام هذه البلدات خوفاً على نفسها، فهناك قوى تحمي «ثوار السعوديين» وترعاهم.
ولكن التسليم بأنّ الحكومة السورية مسؤولة عن أمن السوريين في دمشق وفي الغوطة وفي مضايا لا يعفينا من السؤال عن خطة هذه الحكومة من أجل ردع «ثوار السعوديين» عن قصف دمشق من ناحية، ومن أجل تحريرالغوطة ومضايا من قبضتهم من ناحية ثانية؟ لا سيّما أنّ الضغوط الابتزازية التي يفرضها هؤلاء «الثوار» تتّخذ شكل حملات دعائية، حول موضوع التجويع والإبادة الجماعية بوساطة «السلاح الكيميائي»، الذي يحاكي مناحة دعاة الرأسمالية الغربية تبرؤاً من «الحلّ النهائي» للمسألة اليهودية، الذي بادر إلى تطبيقه النازيّون أثناء فترة حكمهم في ألمانيا بمساعدة المتعاونين معهم في أوروبا.

مجمل القول، إنّ ما يجري الآن هو حرب ضدّ الدول العربية والأحزاب وحركات المقاومة التي ترفض التطبيع مع دولة المستعمرين الإسرائيليين بُغية تدميرها وإلغائها، بمختلف الوسائل والأساليب. ولكن هذا حديث آخر.

يتلازم الابتزاز والاستفزار الإرهابي في سوريا مع ضغوطات تمارسها الإمبريالية الأميركية - الأوروبية، تبعاً لمحورين:
ـ «حق التدخل الإنساني». بمعنى أنّ الدول الغربية التي تشارك في الحرب على سوريا، تعتبر أنّ من حقها أن تتدخّل إنسانياً ضدّ «التجويع»، وأن ترسل «منظماتها اللاحكومية» إلى المناطق التي لا تستحق «النكبة» من وجهة نظرها. الفلسطينيون يستحقون «النكبة»، فلقد أغووا المسكين هتلر وجعلوه يرتكب جريمة إبادة اليهود في أوروبا، كما يقول رئيس وزراء المستعمرين الإسرائيليين.

ـ المحور الثاني الذي تستخدمه الدول الغربية، المتغوّلة، بقصد تدمير دولة عربية، هو اتّهامها بحيازة سلاح «الدمار الشامل ـ السلاح الكيميائي».
من البديهي أن مداورة هذه المسائل في الذهن توصلنا إلى نتيجة تُفيد بأن لا خلاص من المأزق الذي سقط فيه الجميع في سوريا، وفي العراق ولبنان أيضاً، إلا بإجبار آل سعود والعثمانيين الجدد ودول الحلف الإطلسي الإجرامي على الانسحاب من الميدان السوري على صورة المستعمرين الإسرائيليين الذين اضطروا إلى إخلاء الأراضي اللبنانية التي كانوا يحتلونها.

إنّ إرسال شاحنات التموين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية سوف يزيد الطين بلّة، خصوصاً إذا جرى ذلك تحت إشراف المنظمات اللاحكومية، الرديفة للحلف الأطلسي، وإذا ترك أمر توزيع الحصص التموينية للعصابات الإرهابية!

الرأي عندي أنّ المسألة تتطلّب اتّفاق السوريين الوطنيين، الموالين والمعارضين، على ورقة المبادئ التي تقوم عليها الكينونة السورية: معالجة مشكلة المتعاونين مع أعداء الوطن السوري، الإمبريالية الغربية، العثمانيون الجدد والدول الخليجية، حتى يتمّ تعطيل قدراتهم على الأذى.

إن سوريا دولة مستقلة سيّدة على ترابها الوطني، كامل ترابها الوطني، وإنّ السياسة التي سوف تتبّع بعد التحرير سترتكز في الميدان الداخلي على احترام القانون وعلى السعي نحو تحقيق العدالة الإجتماعية. سوريا لن تتنازل عن أراضيها المحتلة في الجولان، وهي لن تعترف بدولة المستعمرين الإسرائيليين، طالما أنّ هذه الدولة لم تتخلَّ عن عقيدتها الاستعمارية والعنصرية ولم تعطِ الفلسطينيين حقوقهم المغتصبة، وفي مقدّمتها حقهم في العودة والعيش في فلسطين في كنف دولة يتساوى فيها المواطنون دون تمييز بينهم، على أساس الدين والعرق والرأي.
«فأجبني يا أبي، أنت أبي أم تراني صرت ابناً للصليب الأحمر» (محمود درويش)

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة