المحلية

الجمعة 22 كانون الثاني 2016 - 14:52 نور نيوز

حوار مع مغوار شهيد ألي 26 سني ما شفتو

حوار مع مغوار شهيد ألي 26 سني ما شفتو

ليبانون ديبايت - العميد الركن المتقاعد جورج نادر

عندي صديق قديم بيعزّ علي كتير، وبحبّو متل خيي، تركني وراح من 26 سني، لا شفتو، ولا سمعتو، وأنقطعت عنّي أخبارو.
من يومين بيدقّ تلفوني، تطلّعت: الرقم ما بعرفو، وأرقامو مكتوبين بلغا غريبي ما عرفت قريتو:
- آلو، جورج، كيفك.. أشتقتلّك
صوت كأنّي بعرفو، جايي من البعيد، غميق، فيه ذكريات، وحسّيت كأني بعرف صاحبو
- مين؟
- ولو.. شو نسيتني؟ أنت اللي كنت تقول أني رفيق دربك وما بتنساني
تفاجأت بصاحب الصوت، معقول؟ هيدا صوت بسام جرجي، صديقي اللي أستشهد ب 17 شباط 1990 بمعركة أدما
- بسام.. صديقي، أنت كيفك؟
- هلق بخبّرك عني، أنت خبّرني عن الوطن، غير الزبالي والفساد اللي تعوّدنو عليهن، شو عم يصير عندكن؟
- شكلن أتفقو ع رئيس جمهوريي، وأنشالله الأزمي السياسي تتحلحل، وأنت شو أخبارك؟
- صار لي 26 سني من وقت ما تركتكن، وأنا عايش بالنعيم، الجنّي كتير حلوي، وتمنّيت أنو كل اللي بحبّن يموتو متل ما أنا متت
- إي.. وبعدين
- من يومين، بعت ورايي الملاك، حارس السما وقلّي: ضبّ كلاكيشك وأنزل من هون، ع المطهر، ويمكن ينزّلني ع جهنّم؟
- أف أف..ليش شو صار؟
- قال أنو الأسباب اللي خلّتني أطلع ع السما أنّي متت شهيد، واليوم بالنسبي ألن، بطّلو يعتبرونا شهدا، وطلع القرار أنو أترك الجنّي وفلّ؟
- بس ليش بطّلو يعتبروكن شهدا، ما فهمت؟
- لأنّو اللي أتفقو ع رئيس جمهوريي، وكانو هنّي سبب استشهادنا مش سألانين عنّا، وما عبّرونا، وتقرّر أنو يبعتو ال 500 شهيد عسكري و1100 شهيد مدني ع جهنّم، واللي أمو مصلّايتلو بليلة القدر، بينزل ع المطهر
- مش عم بقدر صدّق
- صدّق.. هيك صار، مش بس أنا، شفت كمان شربل بو نصّار وميلاد عيد وسعيد يمّين وكلّ الشباب اللي راحو معنا، عم يضبضبو.. ت يفلّو
- بس هالتدبير بسمح لنفسي قول أنّو مُجحف، وظالم ومش مفهوم ليش
- لأنو الزعيمين اللي تقاتلو ع رئاسة الجمهوريي من 26 سني، ونحنا متنا فداهن، أتفقو ، وما حدا منن أعتذر منّا، من أهلنا، أو وجّهلنا أي كلمي، كأنو ما صار شي، ولمّا مار بطرس شاف هالمنظر، قرّر أنو دمنا أنهدر بلا طعمي، وبطّلنا بنظر العدالي السماويي.. شهدا
- بس يا صديقي، أنت بتعرف أنو الحقد ما بيدوم، ونحنا المتقاتلين تصالحنا، وأنت بتعرف أني من أكتر من 8 سنين تصالحت مع ريمون ناضر اللي كان عم يقاتلنا بأدما، وكمان تصالحت مع حنّا العتيق، وأنت لازم يكون وصلتلك هالأخبار، وبتعرف كمان أنّي حطّيت أكليل ع نصب الشهدا بسيدة إيليج أنا والياس الحويك اللي خيّو كمان راح معكن بأدما، ليش بدّنا نعترض ع المصالحا؟
- أبداً، أنا مش معترض ع المصالحا، اللي عملتوه أنتو والشباب اللي كانو أعدائنا، هوي عين الصواب، ولازم تكفّو ت تتصالحو مع كل اللي قاتلتوهن وتعيشو بسلام أنتو وولادكن
- لكن ع شو الإعتراض؟
- ع الطريقا، وع النيّي، أنت ما بتعرف أنو الملايكي بيعرفو شو منفكّر، وشو بتفكّرو أنتو؟ هنّي قالولنا عن نوايا اللي تقاتلوا فينا، وهنّي خبّرونا أنو أتفقو ع دمنا، وما حدا منن كلّف خاطرو يجيب سيرتنا حتى بكلمي طيبي، شربو الكاسات، والضحك ملو تمّن، والدمع ملو عيون أماتنا، وما تعرّفو علينا، باعونا، وأتفقو يشترو مصالحن بدمّاتنا
- آخ يا صديقي شو بدّي قلّك؟ أنا مقهور أكتر منّك، بس لازم تعرف شغلي:
أنتو مش بس شهدا، أنتو كرامتنا، أنتو فخر الجيش،أنتو عزّة الوطن، ولو اللي تسبّبو بالحرب باعوكن ونسيوكن، بتبقو بضميرنا، نحنا ما مننساكن، أنتو بضميرنا ووجداننا، وبقلب الشعب اللبناني كلّو، وكلّ المسرحيات اللي عم تشوفوها، تأخّرو الناس ت فهموها، بس نحنا من زمان بلّشنا نفهما
- هالكلام بيعزّيني، بس ما بيخلّيني مطرح ما أنا من 26 سني، يلّا، الشباب عم يعيّطولي، تأخّرو، القرار طلع .. وخلص، نحنا نازلين ع قدرنا، لأنو بطّلنا شهدا.. مطرحنا مش فوق.. نحنا ل تحت..
بخاطرك يا صديقي.. بخاطرك..

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة