«ختامُها مِسك». بهذه الطريقة انتهَت جلسات المحكمة العسكرية الدائمة أمس برئاسة العميد الركن الطيّار خليل إبراهيم ومعاوَنة القاضية المدنية ليلى رعيدي ومفوّض الحكومة القاضي داني زعنّي ممثّلاً النيابة العامة، بعدما قرّرت كفاح زيدان (فلسطينية 22 سنة) زوجة فريد حمد مهرّب شادي المولوي، تسليمَ نفسِها إلى القضاء، والاعترافَ... .91 دعوى بلغَ عددُ الجلسات على جدول أعمال المحكمة العسكرية أمس، وكالعادة تداخَلت التُهم بين: الانتماء إلى تنظيم مسلّح، تعاطي المخدّرات في السجن والإتجار بها، النَيل من هيبة الدولة وسمعتِها، معاملة القوى الأمنية بشدّة، وغيرها مِن التُهم المتكرّرة. إلّا أنّ عنصر المفاجأة بَرز في الجلسة الـ 92 غير المدوّنة على الجدول.
إعترافات كفاح
«يِي شو زغِيري»، «أوف شو ناعمة»، «كتير مِزوقة بِتْيابا»، وغيرُها من التعليقات رافقَت خطوات الشابة كفاح زيدان من لحظة تركِها المقعد الثاني من قاعة المحكمة إلى حين مثولِها أمام هيئة القضاة، بعدما قررت تسليم نفسها.
على عكس زوجِها فريد حمد الذي سَقط أرضاً فاقداً الوعيَ خلال استجوابه بتهمة نقل الإرهابي الفار شادي المولوي، وقفَت كفاح شِبه متماسكة، بنظرات بريئة، ونبرةٍ استعطافية لا تخلو من الإقناع، تُجيب على نحو حذِر على أسئلة القاضي: «زوجي فريد يَعمل في السنترال وسائق تاكسي، «حسَب شو بيتوَفّر نَقليات»، وعِنّا هلّق 3 أولاد (4 سنين، 5 سنين، ورضيع)».
القاضي إبراهيم: وبتِتركي ولادك وبتروحي معو؟ كفاح: «كنتُ أرافقه خلال بعض النقليات خارج صيدا «مشوار»، مجرّد نزهة، لأنّه معظم الوقت في العمل ولا نراه، وطبعاً نصطحب الأولاد معنا، فالأمّ لا تستهتر بأولادها». وتتابع: «رافقتُه أكثر من مرّتين إلى طرابلس».
القاضي: «كم كلفةُ النقلية؟» تصمت كفاح، وتُتمتم: «لا يُحدّثني زوجي عن ثمن النقليات»، فذكّرَها القاضي باعترافات سابقة لزوجها، أنّه «يلتمس 100 دولار». وتابَع استجوابَه: «ماذا حصَل بعدما وصلتم إلى طرابلس؟ تصمت كفاح، ليسألها القاضي: «بتعرفي شادي المولوي؟ فتجيب على بغتة من أمرها: «لا والله ما بَعرفو».
وتتابع: «كلّ ما في الأمر أنّ أخي اتّصَل بزوجي مكلّفاً إيّاه بتوصيلة من طرابلس إلى مخيم عين الحلوة، فتوجّهتُ برفقة زوجي والأولاد إلى طرابلس، وما إنْ اقترَبنا، ونظراً إلى أنّ زوجي يقود السيارة، طلبَ منّي الاستفسارَ عن نقطة وصولنا، وبينما كنتُ أكتب لشقيقي على الواتس آب، اتّصَل بنا على «الفايبر»، فحَدَّثه زوجي واستفسَر منه مباشرةً، من دون أن أعلمَ بما قد يحصل أو بهوية الأشخاص الذين سنَنقلهم».
سألها القاضي كيف تمّ نقلُ شادي المولوي؟ فأجابَت كفاح: «إقتربَ أحدُهم أمام سيارتنا على متن درّاجة، قائلاً لزوجي «لحَقني»، فتبعناه حتى باب التبّانة، ولم أرَ إلّا أحدَهم يصعد بالسيارة بسرعة من خلف».
في التفاصيل...
إندهاش كفاح لم يمرّ على القاضي الذي وجَد صعوبةً في تصديق كلماتها، فسألها أكثرَ من مرّة «ألم تري المولوي وهو في السيارة معكم؟»، بقيَت متمسّكة بنفيِها، «لا، لا، لم أنظر إلى الخلف. لا لم ألتفت، فأنا متزوّجة ومنقّبة، فلَم أستدر».
القاضي إبراهيم: «شو صار حديث عَ الطريق من طرابلس إلى صيدا؟». أجابَت: «لم أشارك في الحديث، «ولا كلمة»، أخبرنا الراكب أنَّ لديه محلّاً للتلفونات». وعاد القاضي ليسألها، «ألم تري المولوي؟ هوّي بيعرُج».
وظلّت كفاح على موقفها، «ما شِفتو وما بَعرفو». قاطعَها إبراهيم الذي لا تفوتُه شاردة بأيّ ملف، قائلاً: «كيف ما شفتيه وإجا قعَد حَدِّك بعد القبض على زوجك، والسَماح له بقيادة سيارة حمد والدخول إلى المخيّم؟».
فارتبَكت كفاح، قائلةً: «إيه هيدا بَعدِين»، مستطردةً: «إذا القِوى الأمنية ما عِرفو شادي المولوي على الحاجز كيف بدّك أنا أعرفو؟». القاضي إبراهيم: «هل كنتِ تعلمين أنّكما تنقلان مطلوباً للعدالة؟». فأجابَت: «طبعاً لا، مِن جهتي لم أكن أعلم سوى أنّنا نوصِله إلى مخيّم عين الحلوة».
100 دولار مقابل المولوي
وهنا لا بدّ من التذكير أنّه سَبق أن ألقِيَ القبض عند حاجز الأولي على فريد زوج كفاح خلال نقلِه بسيارته (مرسيدس بيضاء) شادي المولوي في تشرين الثاني 2014، عند حاجز للجيش على مدخل المخيّم نظراً إلى أنّه مطلوب.
أمّا المولوي فسُمِح له بقيادة سيارة فريد والدخول إلى مخيّم عين الحلوة بعدما أبرَز لعناصر الحاجز بطاقة لاجئ فلسطيني مزوّرة باسم محمد سلامة وتحمل صورتَه الشمسية.
وفي سياق التحقيق مع فريد اعترفَ بنقلِه المولوي ومطلوبين آخرين إلى المخيّم بطلب من شقيق زوجته فادي زيدان مقابل 100 دولار. واعترفَ بأنّه تَعرّفَ إلى هوية المولوي خلال الطريق على رغم أنّه عرّفَ عن نفسه بأنّه محمد سلامة. ولفتَ إلى أنّ المولوي كان يَعرج، في رِجله اليمنى.
300 ألف ليرة
وفي الجلسة ترافعَت وكيلة المتّهمة، المحامية عليا شلحا، التي اعتبرَت أنّ فريد حمد هو مَن غامرَ بزوجته، طالبةً لها البراءة. ومساءً حَكمت المحكمة على كفاح بتغريمها مبلغ 300 ألف ليرة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News