باتت الأجواء الحربية التي تحوم فوق الأراضي الليبية أقوى من أي يوم مضى. معطيات عديدة تفيد بتلك الخلاصة، وفق مصادر ليبية وتونسية وأجنبية، جميعها تفيد بأن العد العكسي لتوسيع "الحرب على الإرهاب" باتجاه الأراضي الليبية تحت شعار"محاربة داعش"، انطلق بالفعل. أحدث المعطيات اختصرها كلام الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمس الجمعة، لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء دفاع بلدان الاتحاد الأوروبي، في أمستردام، وحرفيته أن "الحلف على استعداد لدعم محاربة تنظيم الدولة الإرهابي في ليبيا، لكن فقط بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية".
يلخّص هذا التصريح بشكل واضح الاستعدادات الدولية للتدخّل العسكري في ليبيا، على الرغم من بعض التصريحات التي تؤكد على المسار السياسي، وتحاول أن تغطي على الرغبة الدولية في تدخّل عسكري في ليبيا، يبدو وشيكاً جداً بحسب المعلومات المتقاطعة.لم يكن تصريح ستولتنبرغ مفاجئاً، فقد سبقته زيارة رئيس اللجنة العسكرية في الحلف الأطلسي، الجنرال بيتر بافال إلى تونس منذ أسبوع، عقد خلالها سلسلة من اللقاءات جمعته بوزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني، وقائد الجيوش التونسية الجنرال إسماعيل فتحي، والجنرال توفيق الرحموني.
كذلك حضر بافال جلسة عمل مع أعضاء لجنة المتابعة للسلام والأمن في المتوسط، وعبّر عن ارتياح "الأطلسي" للتعامل مع تونس.في المقابل، عبّر المسؤولون التونسيون عن مخاوفهم من تدهور الأوضاع في ليبيا، وهو ما أكده أول من أمس الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، محذراً من التدخّل العسكري من دون استشارة تونس. ولكن هذا التصريح يعكس أيضاً علم السلطات التونسية بالتدخّل، واشتراطها فقط أن يتم التنسيق معها، ومع دول الجوار، لأنها ستدفع الفاتورة الأكبر، كما حدث في 2011 عند الإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي.
تبدو المخاوف التونسية كبيرة من تكرار ذلك السيناريو، وإن كان ما قد يحدث اليوم أخطر بكثير بحكم إمكانية تسلّل إرهابيين إلى البلاد، وأكد السبسي في هذا الصدد أن تونس لن تغلق حدودها مع ليبيا، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤوليته في ذلك.
وتؤكد معلومات أن منظمات الإغاثة الدولية بدأت تستعد في الجنوب التونسي لارتدادات الضربات العسكرية على اعتبار أن "الضربات صارت حتمية". واقع لم ينفه رئيس منظمة الهلال الأحمر التونسي الطاهر الشنيتي، مؤكداً بداية الاستعداد لكل السيناريوهات. وقال الشنيتي إن عمليات التنسيق تتم بالفعل منذ مدة مع المنظمات الدولية، وستجري غداً الأحد “عملية بيضاء” (تمرين)، بمساهمة من وزارة الصحة التونسية والدفاع المدني التونسي ومنظمتي "أطباء بلا حدود" و"أطباء العالم" الدوليتين، و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، استعداداً لتدفق اللاجئين والمهجرين فور بدء التدخّل العسكري الخارجي.
ولفت الشنيتي إلى أن نحو ثلاثة آلاف ليبي يعبرون يومياً إلى تونس منذ ثلاثة أيام، مؤكداً استعداد تونس بشكل أفضل مما كان عليه الوضع في 2011. وتابع أن لقاءات ستجمعه مع ممثلي الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين المقبل للتباحث في هذا الشأن، مؤكداً أن الاتحاد رصد ميزانية كبيرة لهذا السيناريو. ولفت إلى أن الحكومة التونسية لن تكرر سيناريو مخيم “المشوشة” كما حدث سابقاً، ولن تكون إلا نقطة عبور للاجئين غير الليبيين، يتم ترحيلهم بعد ذلك عبر البواخر والطائرات إلى بلدانهم. ويكرر المسؤولون التونسيون أنهم يريدون من المجتمع الدولي ألا يترك بلدهم وحيداً في مواجهة انعكاسات التدخّل العسكري في ليبيا، وأن يدعمه على مستوى استقبال وترحيل اللاجئين، وعلى مراقبة حدود البلاد ودعمها عسكرياً في ذلك.
وتتقاطع هذه المعلومات مع ما سبق أن ذكره وزير ليبي، عن أن هناك استعداداً في إيطاليا لتدخّل عسكري، مع وجود بواخر في الجنوب الإيطالي مستعدة لذلك، وهو ما أكدته منذ يومين وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، بإعلانها عن نشر قطع بحرية قبالة سواحل ليبيا.
وفي السياق، شدّد وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، أمس الجمعة، من قاعدة نيفادا، على أن الولايات المتحدة تراقب الأحداث الجارية في ليبيا عن كثب. ولفت كارتر إلى أن تنظيم "داعش" يسعى إلى كسب موطئ قدم بليبيا في ضوء البيئة السياسية المضطربة هناك، حيث تمكّن التنظيم الإرهابي من الاستيلاء على فضاء يقوم من خلاله بترويع المواطنين ويدبر مخططات إرهابية وهو ما تحاول الولايات المتحدة تفاديه.وأوضح وزير الدفاع الأميركي أن الولايات المتحدة أبدت استعدادها بالتعاون مع دول أخرى لمساعدة الليبيين لضمان أمن بلادهم، مشيراً إلى أن إيطاليا أعلنت عزمها اتخاذ زمام المبادرة وهو ما ترحب به الولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة العمل
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News