لم يلامس التفاهم الاميركي – الروسي على ضرورة وضع حدّ للنزاع السوري، النقاطَ التفصيلية الضرورية للوصول الى إسكات المدفع في الميدان، بل اكتفى بالعموميات والعناوين العريضة فلم يشمل اتفاقا على مصير الرئيس بشار الاسد ولا على حيثيات المرحلة الانتقالية ولا على الوفود والاطراف المعارضة للنظام التي يجب ان تشارك في المفاوضات المتعلقة بمستقبل سوريا. انطلاقا من هنا، يتعرض تفاهم القطبين حول التسوية السورية، الى اهتزازات بين الحين والاخر، بسبب التباين في وجهات النظر بينهما، تنعكس سلبا على مسار التسوية المنشودة، ما يدفع وزيري خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف الى التواصل في شكل دائم لترميم التفاهم ومعالجة الاشكالات الناشئة.
وفي هذا السياق، تعتبر اوساط دبلوماسية ان موسكو تلعب ورقة التصعيد الامني وتسعى الى تغيير موازين القوى على الارض في سوريا، كلما شعرت ان الامور متعثرة وان الجانب الاميركي يتبنى وجهة نظر السعودية التي تدعم المعارضة ضد تلك الخاصة بالنظام، وفق القراءة الروسية. وتذكر من ممارسات موسكو، محاولاتُها نسف مؤتمر الرياض للمعارضة وعدم الاعتراف بالوفد الذي تشكل اثره، اضافة الى سعيها لضم معارضين من الداخل الى الوفد لتعويمه، كل ذلك بالتزامن مع اغتيال النظام السوري والقوى الداعمة له عمران علوش قائد جيش الاسلام، المدعوم من المملكة. وقد ردت واشنطن على الضغط الروسي هذا، بتغطيتها خيار تعيين محمد علوش، شقيق عمران، مفاوضا باسم المعارضة في اجتماعات جنيف.
وتضيف الاوساط "في حين أصرّت السعودية على إدراج الحرس الثوري وحزب الله وحزب البعث وغيرها على لائحة التنظيمات الارهابية التي وضعتها الاردن بناء لتكليف دولي، ما أثار حفيظة ايران وروسيا اللتين طالبتا بادراج بعض تنظيمات المعارضة السورية كـ"جيش الاسلام" و"النصرة" الى جانب "داعش"، ضمن اللائحة، تبنّى الجانب الاميركي مجددا الموقف السعودي، فكان تقارب جديد بين الطرفين المتفقين أيضا على مصير الاسد وضرورة عدم ترشحه للانتخابات وايلاء صلاحياته لحكومة انتقالية وفق مقرارات جنيف واحد، في ما الحال مغايرة بين موسكو وواشنطن". في الميدان، تتوقف الاوساط عند توقيت عملية تحرير بلدتي نبّل والزهراء (الشيعيتين) المحاصرتين، والتي كان الطيران الروسي العامل الاساس في نجاحها، حيث تزامن مع المفاوضات التي انعقدت في جنيف، في ما تستتبع العمليات اليوم لبسط سيطرة النظام على المناطق التي كانت في يد المعارضة لابعادها عن حلب وتحرير الطريق الى اللاذقية وقطع التواصل بين المعارضة وتركيا. وقد حملت هذه التطورات المعارضة السورية على وقف التفاوض والمطالبة بوقف الاعمال العسكرية كمدخل لاستئناف المفاوضات في جنيف التي ارجأها المبعوث الاممي سيتفان دوميستورا الى 25 شباط الجاري.
وتعرب الاوساط عن قلقها مما ستحمله الايام المقبلة في سوريا حيث التصعيد سيد الموقف، فالمعلومات المتوافرة تتحدث عن اعداد المعارضة لهجوم مضاد على حلب وريفها وعزمها على رد الضربة التي تلقتها في ملعب النظام في دمشق وريفها هذه المرة. كل ذلك، في حين أعلنت الرياض عن استعدادها لتشكيل قوة عربية برية لمواجهة داعش والتنظيمات الاصولية في سوريا، ما سارع الى رفضه كلّ من النظام وروسيا. وسط هذه الاجواء الملبدة، ينتظر المراقبون نتائج الاجتماع المرتقب بين كيري ولافروف لجلاء الصورة، فيما تكبر الخشية من ان تدفع التطورات الاطراف الى حرب في المنطقة اذا لم يتم تدارك الامور قبل استفحالها، لان سقف الخطاب السياسي ينذر بخطورة اذا لم يسارع كيري ولافروف الى لملمة الامر ووقف التصعيد الذي بات يتهدد التسوية بمجملها.
كيري – لافروف: وكان كيري دعا روسيا أمس الى "وقف فوري لإطلاق النار" في سوريا، محذرا من أن "ما تفعله روسيا في حلب والمنطقة يجعل الأمور أكثر صعوبة للجلوس إلى طاولة المفاوضات وإجراء مباحثات جدية". ودعا موسكو إلى أن تساهم في إيجاد مناخ يمكننا فيه التفاوض، مشيرا إلى أن الروس جعلوا الأمور بالغة الصعوبة في الأيام الأخيرة. أما لافروف، فرجح من جانبه لجوء بعض الدولة المعنية بالأزمة السورية للرهان على الحل العسكري إذا لم تنجح المفاوضات بين السوريين أو لم يُسمح بانطلاقها. ولم يستبعد -في تصريحات صحفية- أن تبدأ بعض الدول عملية عسكرية برية في سوريا، انطلاقا من كرهها لشخصية الرئيس الاسد، على حد تعبيره، مضيفا برغم تأييد موسكو وواشنطن والعواصم الأوروبية لعدم وجود حل عسكري في سوريا، فإن بعض حلفاء واشنطن في المنطقة يعارضون هذا التوجه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News