مختارات

الثلاثاء 16 شباط 2016 - 07:00 السفير

مع الأعداء في "سفينة نوح"

placeholder

ليست «حرباً باردة»
غالباً هي حرب «استهلاك الوقت» من أجل استعادة السيطرة بعد التغيير الذي تحرّك فيه عدد من اللاعبين على رقعة «لعبة الأمم»:
÷ قفزة السعودية إلى صدارة جنون «السلاح والمال»، تعبيراً عن مرحلة جديدة في تأسيس حكم العائلة.
÷ وتحالفها مع تركيا «المرعوبة من أي تغيير في معادلة الأكراد».
÷ استعادة أميركا لزمام القرار بتأكيدها على التنسيق مع «الشريك الروسي المشاكس» واتفاقها مع «إيران» الطامحة في الاندماج.
حركة اللاعبين لم تكن في اتجاه حسم المفاصل الأساسية، التي لا يوجد طرف قادر على حسمها في لحظة قريبة، و«استهلاك الوقت» ليس باتجاه: إنقاذ الأسد، أو إنهاء «داعش»، أو توحيد كل عناصر القوة لهندسة تخرج الإقليم/ المنطقة من الجحيم.
ولكن لمزيد من المناوشات على الارض:..

÷ السيسي استطاع الابتعاد بضع خطوات عن الالتصاق بالهوس السعودي لدخول دمشق (وهذا على ما يبدو سر إلغاء زيارة رئيس الحكومة المصرية إلى الرياض بعد وصول الوفد الإعلامي قبل أسبوعين..) واقترب بمعارضته للمعركة البرية من الموقف الروسي.
÷ الفرق الكردية ستتنفس قليلاً على أرض المعارك... وهذا التنفس سيمنح التفاوض وقتاً لفك شفرات الملف الكردي (أحد عناصر الاستقرار الممكن في الإقليم).
÷ وتجدد وصول ملف الرئاسة في لبنان إلى نقطة تجميد جديد...
هذه بعض أمثلة على ما يمنحه «استهلاك الوقت» من فرصة استمرار وضع «انتظار سفينة نوح»..

ـ 2 ـ
.. «بعد ربع قرن»
قال الرئيس السيسي لمجلة «جون أفريك» إن الديموقراطية عملية تحتاج في بلد مثل مصر إلى كل هذه السنوات.
قالها من قبله اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات، بطريقته الأبوية المميزة، بينما كان آلاف الشباب يعتصمون في ميدان التحرير.
وليسا وحدهما، فكل «آباء» الدول العربية وحاشيتهم يؤمنون بصدق أن «الديموقراطية» لم يحن زمانها، برغم الاعتراف بها في الدساتير وفي طقوس الدولة الحديثة.
الديموقراطية أصلاً محل «مراجعة» في الدول التي تقدمت بها كحل نهائي للبشرية، كما أن المجتمعات المتواطئة مع طغاتها لم يعد أمامها إلا الموت السريع (في الحروب الأهلية) أو البطيء (مع الدولة الفاشلة)..
المدهش هنا أن الكلام عن عدم صلاحية الديموقراطية، يأتي بعد ظهور «داعش» التي يبدو أنها خرجت من لا وعي «الطوارئ» نفسه الذي تعيشه الدولة بقانون (مصر استهلكت 30 عاماً من طوارئ يتجدّد قانونها) أو من دونه (حالة الطوارئ الآن أصبحت ممتدة خارج القانون)..
تعيش الدولة في تلك المنطقة رهن «الظروف» التي تجعل من الاستبداد قدراً، ويأتي استهلاك الوقت ليضعف القدرة على الاندماج في «الزمن»..

ـ 3 ـ
ولأن نوح لم يعد يصنع السفن.. فإن «الأقنعة الجنائزية الأنيقة» لكل ما عرفناه في هذه المنطقة من عناوين وقضايا وزعماء وخطابات، لم يعد نبلها يحتمل المزيد ليداري الخواء والتهتك...
نعم، فالأنظمة التي كانت ترضى بمناوشات الاختلاف والمعارضة لم تعد تقبل إلا بالإذعان، وأنظمة أخرى كان طابعها المحافظ يمنعها من التنسيق مع إسرائيل لم تعد في حاجة إلى ذلك القناع، كما لم تعد الأحزاب تخجل من تعبيرها الواضح عن مصالح دول أخرى.
لم يعد أحد يخجل من رايته الطائفية فيضعها خلف العروبة، أو الاشتراكية أو العداء لإسرائيل، كما أن المارد أو الوحش الطائفي لم يعد هناك زي تنكري يصلح له...
هناك استهلاك لكل شيء وأي شيء لأن الغريزة وحدها تعمل في غياب العقل، والشهوة تنطلق بلا فرامل، والأنانية تعود كعنصر البقاء في لحظة يشعر الجميع فيها بالخطر ويندفعون إلى البحث عن نجاتهم... حتى لو قتلوا الآخرين.
وهذا سر اللجوء إلى «استهلاك الوقت» لأنه لا يوجد عنصر قوة يتفوق ويحسم.. كما أنها جميعاً عناصر ماضٍ ما زال يقتل... لا أحد من كل العناصر الفاعلة لديه علاقة بالمستقبل...
وليس أمامهم شجاعة الاعتراف أو إقامة «طقس انتحار رمزي» لكل ما أدى بنا إلى هذه اللحظة التي، برغم رعبها الدموي، إلا أنها إشارة إلى أن «تأبيدة الفشل» انتهت ومعها تركيبة «الطوارئ» التي تعيشها بلاد تحت الخوف من العدو البعيد...
هاهم «الأعداء» كلهم يستهلكون الوقت معنا...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة