تتسارع التطوُّرات السياسية والعسكرية في ليبيا، حيث يزداد التدخّل الغربي بأشكاله المختلفة، إن عبر قصف الطيران الأميركي أهدافاً لتنظيم «داعش»، أو من خلال انتشار مستشارين فرنسيين على الأرض لمساعدة القوات الحكومية الليبية في معاركها ضدّ التنظيم، وسيطرة الجيش أخيراً على مناطق واسعة كانت تحتَ سيطرة الإرهابيين، فضلاً عن نيل الحكومة الليبية الثقة. وفي السياق، رجّح المُحلّل العسكري العميد المتقاعد محمد عباس، أن «يكون هناك إمكانٌ لتدخّلٍ غربي بري في ليبيا في حال كانت هناك مؤازرة دولية».أشار عباس إلى أنّ «وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي أعلنت أنّه لا يمكن إرسال قوات برية إلى ليبيا، واشترط الإيطاليون ألّا يكونوا وحيدين في التدخّل عبر المستشارين والدعم الجوي، وأن يؤازرهم حلفُ شمال الأطلسي «ناتو» وباقي الدول الأوروبية والأمم المتحدة تحديداً».
وأوضح أنّ «التدخّلَ الغربي حاصلٌ ويُتَرجَم من خلال التقدّم الذي أحرزه الجيش الليبي في مدينة بنغازي، خصوصاً في شرقها بمؤازرة مستشارين غربيين وتحديداً فرنسيين، وفق ما تشير المعلومات وما كشفه قائد القوات الخاصّة في الجبش الليبي العقيد ونيس بوخمادة عن وجود هؤلاء المستشارين الذين يساعدون في تنسيق ووضع خطط العمليات للجيش الليبي».
ولفتٓ إلى أنّ «احتمال زيادة حجم هذا التدخّل الغربي ممكن، لأنّ تنظيم «داعش» تخطى عملياً الخطوط الحمر بعدما منح بعضُ الدول فسحة له للتوسّع، بهدف استخدامه لأغراض سياسية»، مؤكداً أنّ «هذه الدول راهنت على داعش لفرض شروط سياسية مُحدّدة في كُلّ ساحات النزاع الشرق أوسطية، وليس في ليبيا فحسب، بل أيضاً في العراق وسوريا».
وأردف عباس: «عندما يتجاوز التنظيم الإرهابي هذه الخطوط، وعندما يتوعّد بالسيطرة على الساحل الليبي، فإنّه يُشكّل بذلك خطراً مباشراً على أمن أوروبا»، مشدِّداً على أنّ «الساحلَ الليبي هو جنوب أوروبا، ووجود داعش على المُتوسّط يُهدّد الملاحة على الساحل، وهو أمر مرفوض، فضلاً عن استفحال أزمة المهاجرين التي يُسهّلها داعش ويضع عناصره بين المهاجرين لتنفيذ هجمات في أوروبا».
وذكّر بسيطرة المسلّحين في سوريا على مدينة كسب وصدّهم الجيش السوري، الأمر الذي لم يزعج الأميركيين، فضلاً عن سيطرة الجيش اللبناني على طرابلس وعكار خلال 48 ساعة بعد تهديد داعش بإقامة إمارة إسلامية وهو ما رفضه الجميع.
وهذه أمثلة عن الخطوط الحمر التي بضعها الغرب لداعش. وتابع أنّ «التنظيم شنّ هجماتٍ عدّة من مدينة سرت نحو مدينة رأس لانوف شرقاً وميناء السدرة في خليج سرت، حيث يوجد نفط»، مستطرداً أنّ «هذا المثلث النفطي (سرت، رأس لانوق، ميناء السدرة) يُسيطر داعش على معظمه، وباتَ يمكنه تهريب النفط عبر الموانئ التي يسيطر عليها».
غير أنّ عباس قال إنّ «الهجومَ على رأس لانوف وميناء السدرة فشل، توازياً مع تقدُّم الجيش الليبي، المدعوم من الحكومة المعترَف بها دولياً في طبرق، في بنغازي وسيطرته على شرقها، أمّا داعش فيُسيطر على وسط بنغازي ويمتدّ حتّى غربها».
وأضاف: «يُسيطر التنظيم على مناطق ضمن دائرة ضيقة لأنّ الجيش يُمسك بالمناطق من الجنوب والشرق وأصبح داعش مُطوَّقاً غرباً»، مؤكّداً أنّ «الجيش سيطر أيضاً قبل 4 أيام على مدينة اجدابيا جنوب بنغازي التي كانت في أيدي هذا التنظيم».
التنسيق مع الحكومات
وفي ما يتعلّق بقول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن ولد الشيخ أحمد إنّ الوقت ليس مناسباً للتدخّل الغربي في ليبيا، أشار العميد المتقاعد إلى أنّه «عندما يريد أيّ بلد التدخّل في بلدٍ آخر عسكرياً، فعليه التنسيق مع حكومته الشرعية مثلما تفعل روسيا في سوريا».
وشدّد على أنّ «روسيا لم تتدخّل قطّ في ليبيا ولا يمكنها التدخّل لأنّ الدولة فاشلة، وفي سوريا لدينا دولة شرعية يمكن التعامل معها لذا استُدعِيَت روسيا لضرب داعش، ورُفض طلبُ روسيا التدخّل في العراق بضغط أميركي»، مضيفاً أنّ «موسكو اعتبرت ليبيا خطراً على مصالحها، غير أنّ البلد خرج من فلك روسيا، ولا يوجد أحدٌ لاستدعاء الروس». وتابع قائلاً: «إذا طُلب من روسيا التدخّل، ستُقدّم الدعم فوراً».
وأشار العميد المتقاعد إلى أنّ «الأميركيين لا يريدون إرسالَ قواتٍ برية الى ليبيا، لذلك يرسلون في المقابل مستشارين وقواتٍ خاصة كما حصل في العراق وسوريا لمساعدة القوات المحلية»، لكنّه أوضح أنّه واثقٌ كعسكريّ من أنّ «داعش تمدّد تحت عيون القوات الأميركية، فلا يمكن لأحدٍ أن يُصدّق أنّه يتحرّك من الرّقة عبر ريف الحسكة إلى الموصل ويعبر آلاف الكيلومترات مستعملاً عشرات الآليات قاطعاً مساحاتٍ شاسعة في الصحراء، من دون تدخّل الطيران الأميركي».
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News