تأكد العماد ميشال عون، كما الجميع، أنّ «حزب الله» لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر، لا انتخابه هو ولا سواه. لذلك، يوزِّع «الحزب» الأدوار بحيث لا يَظهر بدور المعطِّل. ولكن، على رغم أنّ عون بات يفهم حقيقة ما يجري، فالمطلعون على أجواء الرابية مقتنعون بأنه لن يجاهر بها مهما طال الزمن، وسيتجنَّب أن يقول لحليفه الشيعي: «لم أعُدْ أصدِّق وُعودَك لي»، لسببين أساسيين:
1- إنّ «الحزب» يعتمد مع عون منطق الإقناع، بمهارة عالية. فهو يعرف كيف يقدِّم المبرِّرات الاستراتيجية «المبكَّلة» لاستمرار تعطيل الانتخابات، وأبرزها تجنُّب فرض رئيس للجمهورية لا يريده الشريك السنّي. ويقوم «الحزب»، في شكل مباشر أو غير مباشر، بتشجيع العديد من خصومه وحلفائه على الترشُّح أو دعم مرشحين آخرين، ما يشتِّت القوى ويضعف الفرص أمام عون.
وقبل لقاء معراب، كانت مقولة «الحزب»: لا يجوز أن يَفرض المسلمون رئيساً لا يحظى بالإجماع المسيحي. وبعد معراب، باتت مقولته إنّ مقتضيات الاستقرار المذهبي تفرض عدم تفرُّد الشيعة باختيار رئيس لا يرضى به السنَّة والدروز، ولو حصل ترشيحه على دعم الغالبية العظمى من المسيحيين.
2- إنّ الأكلاف التي ستترتب على «انتفاضة» عونية على «حزب الله» كبيرة. فهي تعني انفجار العلاقة بين الطرفين، بما لذلك من إثمان. فالعماد عون قادر اليوم، على ممارسة حدّ أدنى من الضغط المعنوي على «الحزب» من خلال التحالف معه، فإذا خرج من هذا التحالف سيفقد تماماً أيّ قدرة على الضغط. وإذا كان أملُ عون ضعيفاً جداً اليوم، فهو سيتلاشى تماماً إذا عمد إلى تفجير العلاقة مع «حزب الله»، فيما علاقته سيّئة مع برّي والحريري وجنبلاط.
ويقول المطلعون: إنّ لحظة الإفراج عن الانتخابات الرئاسية لن تحلَّ إلّا ومعها اسم الرئيس العتيد. فالطبخة الإقليمية- الدولية ستكون متكاملة. وإذا لم يكن عون هو الاسم المعتمد، فستكون لـ»حزب الله» مبرِّراته، وسيقدِّم اعتذاراً من عون لعدم تمكُّنه من إيصاله إلى بعبدا، أي سيتكرَّر سيناريو الدوحة.
على الأرجح، سيُصرّ عون في الفترة المقبلة على أحقية ترشُّحه للرئاسة، مدعوماً بـ»القوات اللبنانية»، مع علمه بأنّ أمر إجراء الانتخابات واختيار الرئيس العتيد ليس في يده أو يد «القوات». فلا شيء عنده يخسره بهذا الإصرار، وعلى العكس، إنه يعزّز موقعه كقوة لها اعتبارها السياسي من خلال تشبُّثه بموقفه، وتصدّيه لأيّ محاولة لتجاوزه كمرشح لرئاسة الجمهورية.
المطّلعون يقولون: يتعاطى عون مع المرحلة باعتبارها وقتاً ضائعاً في انتظار التسويات الآتية في الشرق الأوسط. ولذلك هو اختار التقارب الاستراتيجي داخل البيئة المسيحية، من دون أن يؤثر ذلك على تموضعه السياسي المحوري مع «حزب الله». وهو سينكبُّ على ترتيب علاقاته المسيحية أكثر فأكثر، وتنظيم البيت الحزبي ليكون قادراً على مواجهة التحوّلات الآتية.
وربما، لا هو ولا جعجع ولا سائر القوى المسيحية لهم دور تقريري في التسويات الكبرى الآتية، إذا كانت الصفقات الدولية- الإقليمية، كما كانت دائماً، ستراعي اليوم تفاهم السُنّة والشيعة ولم تأخذ مطالب المسيحيين في الاعتبار.
ومن هذا المنطلق، لا تريد الرابية التفكير في الأسئلة المتداوَلة حول ما إذا كان جعجع يدعم عون فعلاً كمرشح رئاسي أم أنه بادر إلى تبنّي ترشيحه عندما اطمأنّ إلى عدم رغبة «حزب الله» في إيصاله إلى بعبدا.
وعلى الأرجح، في المرحلة اللاحقة، سيزداد عون التصاقاً بالوضعية المسيحية، خصوصاً أن لا انتخابات نيابية تضطره إلى التنسيق الانتخابي مع «الحزب» ولا في الأفق حكومة جديدة يساوم فيها للحصول على حصةٍ ترضيه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News