لا تخفي الاوساط الضليعة في علم الكواليس والقريبة جداً من مطابخ القرار الدولي في واشنطن، خشيتها على مستقبل الساحة المحلية اللبنانية لارتباطها العضوي بالمحيط المشتعل من ادناه الى اقصاه، من ان تكون المنطقة دخلت مرحلة "البلقنة" التي انتجت تفكيك يوغوسلافيا الى مجموعة دول مذهبية بالدرجة الاولى، وان ما يحصل على الارض ليس استكمالاً لاتفاق سايكس - بيكو، انما لتوسيع رقعة هذا الاتفاق الذي وضع لتقسيم سوريا الطبيعية، بحيث يشمل كافة دول المنطقة من تونس مروراً بليبيا عبوراً الى مصر والعراق وانتهاء بسوريا، في ظل نقطتين تعتبران من علامات الازمنة.
في ظل الانقسامات التي تزداد اتساعاً داخل فريقي 8 و14 آذار، بحيث ان الاحتقان المذهبي اثبتت جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الفائت انه تحول الى احتقان طائفي، اثر الخلاف حول ملف جهاز «امن الدولة» مع تراصف الوزراء المسيحيين معاَ، في وجه تراصف الوزراء المسلمين، ما يشير الى ان البلد دخل عالم الغابة، ما يشجع الاصوات التي كانت تخون لطرحها الفيدرالية بحيث باتت تلقى رواجاً في الاوساط الشعبية كون التكاذب والنفاق بين اللبنانيين اصبح القاسم المشترك الجامع بينهم.
وتقول الاوساط ان الخلاف الذي نشب على هامش احدى الجلسات الوزارية بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل حول «الذمية السياسية» ولجوء رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تحذير الذين يفكرون بالفيدرالية من انه مستعد لمواجهة هذا الامر بالسلاح اذا اقتضى الامر، فان معظم المراقبين يرون ان الواقع الميداني يثبت ما هو اخطر من الفيدرالية، حيث تتناثر الدويلات على الارض اللبنانية والخارجة عن سلطة الدولة من «مخيم عين الحلوة» وباقي المخيمات الفلسطينية وصولا الى عرسال وجرودها حيث يحكم التكفيريون الدويلات المذكورة.
وتشير الاوساط الى انه يؤخذ على بري تخليه عن دور الاطفائي الذي لعبه بامتياز منذ قيام تحالف غير معلن بينه وبين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وان ما يجمع الاقطاب الثلاثة خصومتهم للعماد ميشال عون، ولبري ثأر يريد ان ىأكله طبقاً بارداً من الجنرال في معركة رئاسة الجمهورية كون الاخير حرر جزين من عباءة المصيلح، واذا كانت السياسة تبرر موقف بري فان الوقائع تشير الى ان التوافق العوني - القواتي عبر «ورقة النوايا» ازعج الثلاثي المذكور.
وكما بري كذلك الحريري الذي تلقى تبني رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لترشيح عون للكرسي الاولي على انها صفعة مؤلمة في الميزان السياسي، اما جنبلاط فله حسابات اخرى تبدأ بالانتخابات البلدية ولا تنتهي بالانتخابات النيابية، حيث ستكون الكلمة الفصل للعونيين و«القوات» في الجبل، لانهاء الاقطاع المزمن للجنبلاطية واذا كانت وحدة المسيحيين الحقت ضرراً ببيدر الثلاثي المذكور سياسيا، علما ان الوحدة المذكورة ليست موجهة ضد الشركاء في الوطن بل مقدمة تمهيدية لترتيب البيت اللبناني فان الامر لا يبرر اطلاقاً محاولة الهيمنة على حقوق المسيحيين على صعيد مؤسسات الدولة سواء في وزارة المالية ام في موضوع جهاز «امن الدولة» وليتذكر الجميع مقولة «عزل الكتائب» في سبعينات القرن الماضي وحصادها المر الذي لا نزال نعاني من تداعياته.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News