مرة جديدة، لن تخلو الانتخابات البلدية في الحدت في قضاء بعبدا من الحماوة التي يتداخل فيها الطابعان السياسي والعائلي. طبول المعركة تقرع، والاجتماعات واللقاءات تتكثّف قبل شهر من الاستحقاق، حيث ستتنافس لائحتان، بين رئيس حالي يريد المحافظة على موقعه، واستكمال مشروعه، وسابق يرغب بالعودة الى الموقع الذي ازيح منه قبل ست سنوات.
يتألف المجلس البلدي للحدت من 18 عضواً، يتوزّعون بحسب العرف المعتمد على الشكل التالي: 13 عضواً عن الحدت شمالي وقبلي (10134ناخباً)، 3 أعضاء عن سبنيه (2014 ناخباً)، و2 عن حارة البطم (1225 ناخباً)، على أن يكون نائب الرئيس من الطائفة الارثوذكسية.
ويتوزّع الناخبون على الشكل التالي: 7297 ناخباً مارونياً، و2854 ارثوذكسياً، و1454 كاثوليكياً، و761 سنياً، و701 شيعي، و313 ناخبا من الأقليات.
في العام 2010، خاض رئيس البلدية في حينه أنطوان كرم على رأس لائحة "لتبقى الحدت" الانتخابات في مواجهة رئيس تضامن شباب الحدت جورج أدوار عون. اما اليوم، فتبدو الوقائع معكوسة، اذ يسعى كرم، على رأس لائحة "وحدة الحدت" للعودة الى البلدية في مواجهة الرئيس الحالي جورج عون.
كانت "ام المعارك"
قبل ست سنوات، كانت العملية الانتخابية في الحدت واحدة من الاستحقاقات التي وصفت "بأم المعارك". يومها كان قد مضى اثنا عشر شهراً على تحوّل التمثيل النيابي المسيحي لقضاء بعبدا الى تكتل التغيير والإصلاح، والتيار الوطني الحر تحديداً. وبعد اثني عشر عاماً من رئاسة أنطوان كرم، فرض الحدتيون التغيير الديموقراطي من خلال صناديق الاقتراع، مانحين ثقتهم للائحة عون.
وبينما اقترع في العام 2010، 6300 ناخب، فحصلت لائحة "تضامن شباب الحدت" على 3300 صوت، واللائحة المنافسة على 2700، يتوقّع المعنيون ان يرتفع عدد المقترعين في هذه الدورة الى 7000 في ضوء الحماوة التي تعيشها البلدة.
حتى اللحظة، لم يستكمل كرم لائحته، متابعاً مشاوراته واتصالاته، مع العائلات والكتائب والقوات. وهو يسعى الى استقطاب وترشيح عونيين على لائحته. الامر الذي يشبّهه المنافسون بخروج اللواء عصام أبو جمرا من التيار الوطني الحر، من دون ان لهذا الخروج أي ثقل فعلي.
تمرّد عوني؟
وفي الوقت الذي تعتبر فيه أوساط لائحة كرم ان هناك "تمرداً عونياً على لائحة عون"، تؤكد أوساط "تضامن شباب الحدت" أن العلاقة مع الرابية ليست للجدل والنقاش والتأويل. وتشرح في هذا السياق، ان العلاقة عضوية وقديمة بين التيار والتضامن، والنائب حكمت ديب نفسه كان مرشح التضامن في العام 1999، واستطاع ان يخرق اللائحة المنافسة التي كانت برئاسة أنطوان كرم. ما يعني، بحسب أوساط التضامن، ان العلاقة مع التيار ليست مصلحية او انتخابية او طارئة.
بركة عون
وفي الوقت الذي تنطلق فيه اوساط "لائحة كرم" من زيارة الرابية لتتحدث عن بركة من الجنرال لها، بعدما استمالت القوات اللبنانية الى صفّها، تذكّر أوساط "شباب الحدت" أن بلدية الحدت برئاسة عون، كانت الوحيدة التي جلس على كرسي رئاستها، العماد ميشال عون في الثالث عشر من تشرين الأول 2011، مع ما عناه ذلك من بركة ورضى وتأييد، وقد ترجم ذلك عملياً ايضاً من خلال وضع الجنرال يده على القضايا الرئيسة المتعلّقة بوقف بيع الاراضي وباسترداد تلّة الوروار، والتي حصلت بتواصل مباشر بين عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
لم تنسحب الرغبة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على خوض الاستحقاق البلدي معاً على الحدت. قبل أسابيع، دخل نواب وقياديون من الجانبين في مساع للوصول الى ائتلاف لم يكتب له النجاح. عوّم اللااتفاق خصوم البلدية، وهم يسعون الى التكتل في مواجهتها. أدخلت لائحة عون مقرباً من القوات في تشكيلتها، فيما ارادت معراب حصّة أكبر، منطلقة مما تعتبره حقّها الشرعي.
وفي الوقت الذي تعتبر لائحة كرم أن اللائحة المنافسة ترفض الآخرين، وتستثني عائلات كبرى، فإن أوساط لائحة عون تذكّر بأن لائحتها تشكّل استكمالاً لفريق العمل الذي كوّن المجلس البلدي الحالي، ولا تتشكّل من جديد. فهناك مقعد شغر بما تصفه "بالسقوط الأخلاقي" لأحد الأعضاء، وجرى استبداله بروجيه الشرتوني، المقرّب من القوات، وحلول باسكال الأسمر محل شقيقتها كريستل. وما عدا ذلك، فالمجلس البلدي يصل الى الاستحقاق وفي جعبته إنجازات، ويطالب من الحدتيين تجديد الثقة بناء على هذه الإنجازات التي أتت على مستويي الدفاع عن الأرض والهوية، والانماء الشامل.
في الشق الأول، يعتبر "تضامن شباب الحدت" انه نجح في الدفاع عن الهوية والأرض بالتفاهم مع المحيط، وبتغطية سياسية كبرى من العماد عون والسيد نصرالله. اما على المستوى الإنمائي فقد تحقق الكثير، ولا رغبة امام الحدتيين للعودة الى ما قبل العام 2010، والتراجع انمائياً او امنياً، او لناحية الحفاظ على الأرض، او لجهة النظافة، اذ وعندما عانت المناطق اللبنانية من ازمة النفايات، بقيت الحدت نظيفة بفعل ما قامت به البلدية.
اشارات استفهام
في المقابل، يضع خصوم المجلس البلدي الحالي علامات استفهام على أدائه، رافعين في وجهه الشكاوى التي حقق فيها ديوان المحاسبة والقضاء المالي، فيما الوقائع تشير الى أن إبراهيم حفظ الشكوى بعد اشهر من التدقيق والتحقيق.
مساء الثلاثاء، اكتفت لائحة كرم باطلاق الماكينة الانتخابية، في ظل معلومات عن تعثّر حتى الساعة في تكوين لائحة كاملة. بينما تتحدّث اوساط حدتية عن ان بصمات روجيه لمع، الفائز على لائحة عون في انتخابات 2010، والذي تحوّل الى خصم بعد اشهر من بدء العمل البلدي، واضحة في تكوين الماكينة الانتخابية والدعاية الانتخابية للائحة كرم.
وبينما تبشّر أوساط لائحة كرم بأن العودة الى البلدية باتت قريبة، تستند أوساط لائحة عون الى الاستطلاعات لتؤكد أن المعركة محسومة لصالحها، وأن نتيجة استحقاق 2016 ستكون متكررة عن العام 2010، مع تحسّن بالنتيجة والفارق لمصلحتها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News