شهد المعهد الثقافي العربي في باريس قبل أيام احتفالاً دعت اليه لجنة أصدقاء كمال جنبلاط التي يترأسها عباس خلف وتضمّ شخصيات عربية.وفي المناسبة فإنّ المعهد الثقافي العربي في باريس الذي تموّله جامعة الدول العربية والذي يحتوي أرشيفاً ضخماً عن العالم العربي، وفي داخله قاعة مسرح تستقبل مناسبات عربية يتمّ إحياؤها بمواقيت لافتة لا تخلو من رسائل سياسية، هو في الواقع اكبر من منتدى، وله عملياً مكانة سفارة العرب في قلب اوروبا.
وعلى هذا فإنّ الخبر الخاص الذي تمّ رصده في احتفال إحياء الذاكرة عن كمال جنبلاط في المعهد، لم يتمثّل بوقائعه الرسمية التي اشتملت على عرض فيلم عن جنبلاط الأب، بل من خلال رصد لقاء طويل حصل على هامش الاحتفال بين خمس شخصيات مشاركة فيه، وهي: وليد جنبلاط، جيفري فليتمان، غسان سلامة، رياض سلامة، وناصر السعيدي.
لم يكن لهذا اللقاء، الذي لم تصل اليه عدسات الاعلام، أيّ طابع رسمي، لكنّ المواقع التي يشغلها أركانه الخمسة تبيّن انهم صُنّاع مناخات سياسية، ولديهم القدرة على تعريبها دولياً وداخلياً. والسؤال هنا هو هل نتجَت من هذا اللقاء الباريسي الخماسي غير الرسمي فكرة لمقاربة تجريب حل جديد في لبنان ينهي أزماته الساخنة: رئاسة الجمهورية وترشيد الحرب المالية الاميركية على حزب الله...
لا شك في انّ حضور فيلتمان كان الأبرز، نظراً لرمزيته التقليدية داخل الحياة السياسية اللبنانية التي استمر يحافظ عليها على رغم ابتعاده عن عوكر. ولكن يمكن إضافة معنى لبناني جديد لوجوده، يتأتّى من أنه منذ ايام لم يعد فقط نائب الامين العام للأمم المتحدة، بل اصبح وريثاً لتيري رود لارسن في مهمة منسق القرار ١٩٥٩ الذي يعنى بتجريد سلاح الميليشات اللبنانية والفلسطينية الموجودة على الاراضي اللبنانية.
ورياض سلامة بالاضافة الى كونه حاكم مصرف لبنان، فهو مرشّح طبيعي لرئاسة الجمهورية، ويقف الآن في واجهة ترشيد الحرب المالية الناعمة الدائرة هذه الفترة بين حزب الله والخزانة الاميركية.
امّا غسان سلامة فهو القريب من المعلومات الاميركية الاوروبية المتقاطعة حول المنطقة وأزمتها الأم سوريا، وانعكاساتها على لبنان، وهو الخارج من معركة ترشيحه لليونيسكو بنوع من الصدمة ما يعيده الى رهانه على دور جديد له في بلده.
وناصر السعيدي هو نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً، ومصرفي نخبوي و»سياسي ينتظر». ويبقى وليد جنبلاط من بينهم جميعاً الشخص المتمتع بالثقل الداخلي اللبناني الاقوى والمرشّح لأن يعود اليه دور «بيضة القبّان» في المعادلة الداخلية نظراً الى «التخلخلات» التي أصابت اصطفافَي 8 و14 آذار.
لم ترشح معلومات عن هذا اللقاء الخماسي، ولكنه في حد ذاته يسمح للمراقب أن يستنتج فحواه من قراءة لعنوانه، ذلك انّ لقاء فيلتمان الثقل الاميركي وغسان سلامة الثقل الاوروبي وناصر السعيدي الثقل المصرفي وجنبلاط الثقل اللبناني ورياض سلامة «حاكم جمهورية لبنان المالية» قد يُفضي الى «قطبة» سياسية جديدة لمعالجة «الفتق» الداخلي المستمر منذ فترة، وذلك في اتجاه إنتاج مبادرة ما تواكِب طفرة اقتصادية مقبلة على لبنان وسوريا ناتجة من البدء بإعادة إعمار سوريا.
تجدر الاشارة الى انّ مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية ولدت من خلال عصف أفكار غير رسمي حصل بين شخصيات لبنانية واميركية. وعليه، فإنّ هذا النوع من اللقاءات قد ينتج أفكاراً لمبادرات، وتكمن أهميتها عادة في انّ المشاركين فيها يملكون قدرات تعريبها خارجياً ومحلياً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News