متفرقات

placeholder

سابين الحاج

الجمهورية
السبت 18 حزيران 2016 - 08:28 الجمهورية
placeholder

سابين الحاج

الجمهورية

مِش ضروري يكون جسدِك منحوتْ... تتْروحي عالبحر

مِش ضروري يكون جسدِك منحوتْ... تتْروحي عالبحر

مع بداية موسم الصيف والبحر، تستعدّ النساء لغزوِ الشواطئ، وكثيراتٌ منهنّ لم يتردّدنَ في تمضية فصلَي الشتاء والربيع في صالات الرياضة، تحضيراً لارتداء «المايوه» في الصيف. فالمعِدة والبطن المشدودان باتا ضرورةً لا حُلماً، ونحتُ الوركين والمؤخّرة عملٌ يتطلّب جهداً رياضياً وحتّى عملياتٍ جراحية! أمّا مَن تتجرّأ على مخالفة هذه القواعد الصارمة فثِقتُها بنفسها ستُدمَّر عاجلاً أم آجلاً، إذ سوف تَشعر وهي تقارن جسدَها بالصوَر الجميلة المعروضة على لوحات إعلانات المنتجَعات السياحية... على الطرقات، بأنّها غيرُ مطابقة للمواصفات الرائجة والمطلوبة!لعبَ الفوتوشوب دوراً كارثياً في بثّ أحاسيس عدمِ الراحة وقلّة الرضى عند غالبية الفتيات في لبنان وحول العالم. فمهما كنَّ جميلاتٍ ويتمتّعنَ بقوامٍ رشيق، لن يتمكَنَّ من أن تشبه صوَرُهنّ الحقيقية الصورَ المفبرَكة والمنشورة في الإعلانات إلّا بَعد جهدٍ جهيد.

فبكبسة زرّ عبر هذا التطبيق يتمّ تنحيف خصرِ العارضة، وبكبسةٍ أخرى تُكبَّر مؤخّرتُها، وبكبسةٍ ثالثة يصبح ثدياها مشدودين وكبيرين وأكثرَ إثارةً. وتَطول لائحة التغيّرات الجذرية التي تجعل من صورة أيّ امرأةٍ صورةً خياليةَ المواصفات، لا تشبه نفسَها حتّى لو كانت جميلةً في الأصل.

التغيير في الواقع

تأتي التمارين الرياضية القاسية وعمليات التجمبل المتكرّرة والحقنُ والمستحضرات لتلبّيَ حاجات المرأة غير الراضية عن جسدها بعد أن اهتزّت ثقتُها بصورتها. فهي ببساطة تريد أن تشبه في الواقع صورتَها المعدَّلة عبر التطبيقات وصوَرَ الأخريات.

حتّى النجمات العالميات وملكات الجمال وأيقونات الجاذبية العرب والأجانب خضَعنَ لعدد هائل من العمليات والحقن لتطوير صورةٍ لم تكن قبيحة بالأصل، إلّا أنّ هوَس تحسين الشكل يجتاح العالم!

هذا الاتجاه يأخذ نمطاً تصاعدياً، وأحد الأدلّة القاطعة هو أجساد عدد كبير من النساء اللبنانيات على الشواطئ، إذ يكفي النظر إليهنّ لإدراك أنّهنّ استهلكنَ جهداً ووقتاً ومالاً وحِميات غذائية لا تعَدّ ولا تحصى خضوعاً لهوَسهنّ بأشكالهنّ، ورغبةً في الحصول على «الجسم المثالي». فالصورة التي تُعدَّل بكبسة زر في العالم الافتراضي قد تحتاج شهوراً وآلاماً ومبالغَ طائلة في الحياة الواقعية...

تستغلّ الشركات التجارية هذا الواقع فتلعب على مشاعر المرأة المرهَفة لتحثَّها على شراء المزيد من المنتجات، علّها تُجمّلها وتفيدها في الوصول إلى صورةٍ خالية من الشوائب تروّجها وسائل الإعلام.

النتيجة حلقةٌ مفرغة من عرضِ صوَر النساء الخياليات، وعرض المنتجات والوسائل لوصول كلّ امرأةٍ إلى هذه الغاية. وبالتالي تدمير ثقة النساء بأنفسهنّ وتهافتهنّ وراء تلك الخدمات بهدف التشبّه بالصوَر.

خطر وحظر

بهدف إيجاد حلٍّ ناجع لهذه الأساليب التي جَعلت المرأة مريضةً نفسياً، وحوّلتها إلى روحٍ تعيش أسيرةَ جسدٍ لا يعجبها وتسعى إلى تطوير القشور طوال الوقت، منَعت لندن عرضَ الإعلانات التي تصوّر نساءً ذات أجساد مثالية.

فقد اتّخذ عمدة لندن صادق خان قراراً بنزعِ الإعلانات التي تَعرض أجساداً يَبلغ جمالها حدَّ الكمال والمنتشرةِ على جدران شبكات النقلِ العام في المدينة. هذا التدبير سيَدخل حيّز التنفيذ بدءاً من الشهر المقبل. ويؤكّد خان أنّ «هذه الإعلانات تشكّل ضغطاً، خصوصاً على جيلِ الشباب، ليحوّلوا أجسادَهم إلى أجساد غير واقعية وغير صحّية».

ويلفت قائلاً: «كَوني أباً لمراهقتين، أنا مهتمّ بشكل كبير بهذا النوع من الإعلانات الذي يقلّل من شأن الناس، ولا سيّما النساء، ويَدفعهنّ إلى الخجل من أجسادهنّ». ويضيف: «حانَ الوقت لوضع حدّ لهذا. فأثناء التنقّل بواسطة المترو أو الحافلات، لا ينبغي لأحد أن يَشعر بالضغط جرّاء توقّعات غير واقعية تتعلّق بجسمه».

بين لبنان وبريطانيا

وبين شعبٍ بريطانيّ يرفض استفزازَ المعلِنين، وشعبٍ لبنانيّ يَرضخ للاستفزاز ويشجّعه، فرقٌ كبير. ففي بريطانيا أدّى انتشار إعلان يَعرض امرأةً «كاملة الأوصاف»، ترتدي «مايوه» أصفر، يروّج لمستحضَر يساهم في خسارة الوزن، تحت عنوان «هل جسمكِ مستعدّ للشاطئ؟» إلى جدلٍ واسع. مستخدِمو وسائل النقل العام في لندن استاؤوا من الشعار، وتلقّت هيئة معايير الإعلانات البريطانية بنتيجتِه حوالي الـ 400 شكوى، فيما يواصل المعلنون في لبنان والعديد من باقي دوَل العالم تفنُّنَهم في التلاعب بأعصاب الناس وأحاسيسِهم، وفي الاستخفاف بعقول النساء وبطريقة عرضِ أجسادهنّ. وما هي لوحات إعلانات ملابس البحر لعددٍ كبير من الماركات المنتشرة على طول الساحل اللبناني إلّا خيرُ دليل.

فقد تمَّ صَبغُ لون جلدِ العارضة بالبنّي، ونَحتُ خصرِها ليشبه انسيابية قارورة المشروبات الغازية، وتطويلُ ساقيها لتصبحا حوالى المترين! وكأنّ ذلك كلَّه يَدفع الفتاة لتفكّر بأنّه من أجل أن ترتدي ملابسَ البحر وتذهبَ إلى الشاطئ، عليها أن تكون بهذا الكمال الوهمي. أو ربّما يحاول المعلنون إيهامها بأنّها إذا دفعَت الثمنَ الباهظ لهذا «المايوه» فسوف تُشبه هذه العارضة الـ«Sexy» أو تلك.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة