إحتفلت ابرشية طرابلس المارونية، بسيامة الشدياق سركيس عبدالله، شماسا على مذابحها، بوضع يد راعي الابرشية المطران جورج بو جوده، خلال قداس احتفالي اقيم في كنيسة مار يوحنا المعمدان في حارة الجديدة في مجدليا في قضاء زغرتا. عاون المطران في القداس رئيس لجنة الدعوات في الابرشية الخوري مرسال نسطه، رئيس دير مار يوسف لللاباء اللعازاريين الاب شربل خوري، خادم الرعية الخوري حنا حنا، والخوري شربل ايوب، ومشاركة لفيف من كهنة الابرشية، وحضره الى عائلة الشماس الجديد حشد من الاصدقاء والاقارب ومدعوون.
بعد الانجيل المقدس، ألقى المطران بو جوده عظة قال فيها: "يقول كتاب أعمال الرسل في الفصل السادس عدد1 إلى7، أنه لما كثر عدد التلاميذ أخذ اليهود الهيلينيون يتذمرون على العبرانيين لأن أراملهم يهملن في توزيع الأرزاق (المساعدات) اليومية. فدعا الإثنا عشر جماعة التلاميذ وقالوا لهم: "لا يحسن بنا أن نترك كلمة الله لنخدم على الموائد، فابحثوا أيها الإخوة عن سبعة رجال منكم لهم سمعة طيبة ممتلئين من الحكمة والروح، فنقيمهم على هذا العمل، ونواظب نحن على الصلاة وخدمة كلمة الله. فاختاروا السبعة وأحضروهم أمام الرسل فصلوا ووضعوا الأيدي عليهم. وكانت كلمة الرب تنمو وعدد التلاميذ يزداد كثيرا في أورشليم، وأخذ جمع كثير من الكهنة يستجيبون للإيمان".
أضاف: "ان إختيار الشمامسة في الكنيسة الأولى كان من أجل الإهتمام بالأمور المادية لجماعة المؤمنين وكان على المختارين أن يكونوا من ذوي السمعة الطيبة وممتلئين من الروح والحكمة، أي بكلام آخر من الذين يتميزون بالأمانة والصدق والصراحة والشفافية لأن مسؤوليتهم في الكنيسة سوف تكون كبيرة ومهمة. لقد إختيروا ليكونوا في خدمة الآخرين.والخدمة في الكتاب المقدس لها معان وأبعاد مهمة. فالخادم ليس إنسانا من فئة ثانية يقوم بعمله تحت ضغط الإكراه بل هو رجل الثقة الذي يضع رب العمل ثقته فيه، ويسلمه المهمات الدقيقة والحساسة ويتكل عليه في تتميمها بكل أمانة كما حصل مع إبرهيم عندما أراد أن يختار زوجة لإبنه إسحق إذ إنه إستدعى رئيس خدمه ووضع يده في زناره وقال له: "إذهب إلى أرض آبائي وأجدادي إلى أهل عشيرتي وإختر هناك زوجة لإبني".
وتابع: "من ناحية أخرى فإن النبي أشعيا عندما يتكلم عن المسيح المزمع أن يأتي فإنه يخصص له أربعة أناشيد فيقول في الفصل الثاني والأربعين: "هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي رضيت عنه نفسي، قد جعلت روحي عليه فهو يبدي الحق للأمم، لا يصيح ولا يرفع صوته ولا يسمع صوته في الشوارع... يبدي الحق بالأمانة لا يثني ولا ينثني إلى أن يحل الحق في الأرض" (آشعيا42/1-3) وفي الفصل التاسع والأربعين عدد1 إلى3 يقول: "إن الرب دعاني من البطن وذكر إسمي من أحشاء أمي، وجعل فمي كسيف ماض وفي ظل يده خبأني وقال لي: أنت عبدي، فإني بك أتمجد...".
وقال: "الشماس هو الخادم وهذا هو معنى الكلمة. إنه المكلف أساسا بالإهتمام بالأمور المادية للجماعة، ولكن دوره لا يقتصر على ذلك بل إنه مرتبط بإلتزامه الإيماني. وهو بالتالي مكلف أيضا بمساعدة الكاهن في خدمة الكلمة. تطور مفهوم الشماسية حتى أصبح مرحلة تحضيرية للكهنوت، إضافة إلى المحافظة، أو العودة إلى رتبة الشماسية الدائمة".
وتوجه المطران الى الشماس الجديد بالقول: "تأتي سيامتك الشماسية ليلة إحتفال الكنيسة بعيد ولادة القديس يوحنا المعمدان آخر أنبياء العهد القديم الذي أعلن رسميا مجيء ملكوت السماوات عندما أشار إلى يسوع الآتي ليعتمد على يده فقال: هذا هو حمل الله، هذا هو الحامل خطيئة العالم. يوحنا المعمدان كان صلة الوصل بين العهدين القديم والجديد، وقد أرسله الله ليكون الصوت الصارخ في البرية ويقول: أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة. وقد قام بدوره على اكمل وجه كنبي. والمعروف أن النبي هو الذي يختاره الله ويكلفه بالمهمات الدقيقة كما حصل مع إرميا الذي قال له الرب: قبل أن تتكون في الحشا عرفتك وجعلتك نبيا للأمم، فمهما آمرك به تقول وإلى من أرسلك إليه تذهب. أقيمك نبيا على الأمم لتقلع وتغرس وتبني. النبي مدعو لقول الحقيقة والشهادة لها لمراقبة ما يحصل في بيئته من إيجابيات وسلبيات. فإذا كانت الأمور سلبية ومناهضة للإيمان، حاربها وإذا كانت إيجابية حافظ عليها ونماها".
وأردف يقول: "في الأساس الشماس مكلف بالإهتمام بالأمور المادية للجماعة، لكن دوره لا يقتصر على ذلك، بل هو مكلف في الكنيسة عادة بمساعدة الكاهن في القيام بخدمته الكهنوتية. وقد تطور هذا الدور حتى أصبح مرحلة تحضيرية للكهنوت. لقد قمت، أيها العزيز سركيس، بهذا الدور في فترة شدياقيتك وسوف تتابعه في فترة شماسيتك، إذ أنك، إضافة إلى إهتمامك بالنشاطات الرعوية مع الأطفال والشبيبة، الفرسان والطلائع وغيرها من المجموعات، كنت تسعى إلى مساعدة الفقراء والمعوزين، فتؤمن لهم المساعدة ممن تعرفهم من ذوي الإمكانيات المادية، وإنني أدعوك اليوم، أن تتابع عملك الرعوي والإجتماعي تحضيرا للكهنوت، على أن تحافظ على الروية والهدوء في خدمتك وأن تبني كل نشاطك على روح الصلاة والتأمل فلا تحول شماسيتك وكهنوتك إلى نشاطوية تلهيك عن الأساس. وستساعدك في ذلك دون شك العزيزة زينا، زوجتك التي تدربت هي أيضا على القيام بالأعمال الرسولية في الرعية منذ سنوات طويلة".
وختم بو جوده عظته: "تمنياتي لك ولها ولوالدتك وأخواتك وجميع أنسبائك بأن تكون حياتك كلها حياة خدمة وتأمل وصلاة بروح يوحنا المعمدان، فتعلن مثله أمام الجميع أن المسيح هو المخلص الوحيد وأنه هو، على ما يقول قداسة البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى يوبيل الرحمة، وجه رحمة الآب. وأن الرحمة هي الشريعة الأساسية التي تقيم في قلب كل شخص عندما ينظر بعينين صادقتين إلى الأخ الذي يلتقيه في طريق الحياة، وأن الرحمة هي الطريق الذي يوحد الله والإنسان".
بعد القداس، تقبل الشماس الجديد التهاني من الحضور واقيم كوكتيل في المناسبة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News