ليبانون ديبايت - لارا الهاشم
وكأن القدر شاء ان يكون الثامن والعشرين من حزيران يوما اسودا في تاريخ بلدة القاع. ففي الذكرى ال 38 لمجزرة القاع الشهيرة في ال 1978 ستمتزج الصلوات على راحة نفس شهداء سقطوا في الماضي واخرين قضوا في الامس القريب، وفي كلا الحالتين لا ذنب لهؤلاء سوى انهم سكان منطقة حدودية قدرهم ان يأتيهم الغدر من خلف الحدود، ولو بفارق في وقائع وظروف الحادثتين.
بلغ حد الاجرام ان يستهدف الارهاب مجددا مصلين يتضامنون مع ابناء شهداء مجزرة صباح الاحد-الاثنين بشكل سلمي امام الكنيسة ليل الاثنين ولم تكن دموع هؤلاء قد جفت منذ بداية النهار المشؤوم. وفي التفاصيل ان اربعة انتحاريين فجروا انفسهم في البلدة مساء الاثنين، اثنان منهم امام كنيسة مار الياس وثالث على مقربة من آلية للجيش ورابع قرب موقع التفجير الصباحي. في 28 حزيران 2016 ستتفتح الجروح وبدل من ان تضاء شعلة امام نصب الشهداء التذكاري تخليدا لذكراهم، ستذرف دموع ساخنة من قلوب محترقة على ابرياء ناموا آمنين ليصحوا على شرف الشهادة، وعلى جرحى دفعوا دماء في مواجهة الارهاب.
واذا كانت مجزرة ال 78 باتت معالمها واضحة فان معالم مجزرتي ال 2016 لا تزال غامضة والتحقيقات فيها معقدة. وفيما كانت الاجهزة الامنية منشغلة في تحديد خارطة وصول الانتحاريين الاربعة الى بلدة القاع وقعت اربعة تفجيرات جديدة ليلا غيّرت بشكل لا لبس فيه مجريات التحقيقات. بالنسبة للتفجيرات الاربعة الاولى، ترجح التحليلات الامنية ان يكون الارهابيون قد دخلوا عبر مشاريع القاع واجتازوا السهول الشاسعة التي تستحيل مراقبتها الى ان وصلوا الى نقطة الامانة التي تبعد عن الحدود حوالى العشرة كيلومترات، بفارق زمني محدود عن توقيت وقوع التفجيرات الانتحارية. اما بالنسبة لهدف العمل الاجرامي فلم تتمكن الاجهزة الامنية حتى الساعة من تحديده، الا ان الفرضية الاقوى كانت، الى حين وقوع التفجيرات المسائية، ان الارهابيين الاربعة ارادوا تنفيذ اعمال على نطاق اوسع قد تكون اما متزامنة واما متفرقة الا انهم اضاعوا الطريق مع ارجحية انهم كانوا في انتظار شخص ما يصطحبهم. وما عزز هذه الفرضية في البداية بحسب ما اشار مصدر امني لليبانون ديبايت هو ان الارهابيين الاربعة الذين وصلوا بثيابهم الشتوية بدوا بشعرهم الاجعد حليقي الذقون وذات بشرة ملساء تشير الى انهم حلقوا ذقونهم قبل وصولهم مباشرة ما يعني بحسب التفسير الامني انهم ارادوا التغلغل بين المدنيين الى حين تحديد ساعة الصفر لعملياتهم، مع ترجيح ان يكونوا منتمين لداعش. الا ان تطور الامور في الساعات القليلة الماضية اثبت ان ما بعد تفجيرات المساء لن يكون كما قبلها وان مسار التحقيقات سيتغير بحسب المصادر العسكرية. فعلى ضوئها باتت الاجهزة الامنية اقرب الى فرضية ان المستهدف الاول هو القاع مع ترجيح ان يكون خيار التفجيرات الانتحارية سببه الحصار الذي يتعرض له الارهابيون.
يد الاجرام التي تفتك بالقاع ترفع مجددا الصوت المطالب بوضع حد لحالة النزوح المتفلت في البلدة وعلى تخومها. فبحسب رئيس بلدية القاع بشير مطر بلغ عدد النازحين السوريين بعد الازمة السورية 25000 نازح في ظل وجود بيئة حاضنة للمسلحين في منطقة مشاريع القاع الحدودية الشاسعة وفي ظل التفلت الاداري والقانوني. ويضيف مطر انه صار لهؤلاء مدارس مرخصة ومحلات تجارية وحوالى ال 2000 وحدة سكنية منها ما هو غير مرخص بتمويل من جهات مشبوهة مجاورة، ما يعزز توسيع رقعة الاستيلاء على اراض زراعية هي لابناء القاع يبلغ مجمل مساحتها ال 120 مليون متر مربع وهذا الامر يسمح بتكريس هوية غريبة عن المنطقة. وبالتالي فالمطلوب هو وضع حد لتمدد ازمة المخيمات وتجمعات النازحين الخارجة عن اي رقابة، من اجل مساعدة الجيش في اداء مهامه في هذه المرحلة الخطيرة التي يعزز فيها مواقعه واجراءاته.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News