من عكار الابية الى القاع الجريحة

ليبانون ديبايت - وليد الخوري

اذا كان اثنين القاع الماضي اسود، فان يوم جمعتها لم يكن سوى ابيض ناصع مكلل بالعزة والكرامة، حملته معها عكار الابية الى القاع الجريحة التي ابت ان تركع او تخضع، على يد غادر من هنا او مستفيد من هناك.

وفد ضم اهل الشهيد والاسقف، رئيس البلدية والضابط المتقاعد، لم ينقصه سوى مشايخ رفعوا صلاة ظهرهم عن راحة انفس اخوان بعدما تعذر التحاقهم، تظلله طوال رحلة حجه الى الارض الطيبة ارواح شهداء نهر الارهاب البارد، ليقدم واجب العزاء برفاق سلاح ابوا الا ان يكونوا ابطال،كما عهدهم دوما، خريجوا الشرف والتضحية والوفاء.

الى هنا قد يكون الكلام وجدانيا شاعريا، لكن ان يكون في عداد الوفد ابناء بلدة ببنين "المرقطة" ورئيس بلدية البيرة "الارهابية"،هي القصة كل القصة.... باللبناني وبالمشبرح ومن الآخر سنة عكار يتقدمون الصفوف لتادية واجب العزاء بشهداء سقطوا على يد متطرف همجي تستر وراء دينه.

وصلوا البلدة الحزينة دون سابق انذار فاستقبلوا على انهم اهل البيت.... قدموا العزاء للعائلات الخمس.... زاروا دار البلدية مستمعين للحاجات والمطالب.... حجوا الى حيث اختلط الدم بالتراب غاسلا ذنوب ضالين ما عرفوا ماذا هم فاعلون....عرجوا الى عرين ابطال السرية المجوقلة الاولى حيث على ارضها لا يمكن ان تمشي الا مرفوع الرأس.

كيف لا وبين الوافدين اب استقبله المجوقلون بالعتاب والشوق.... اخ اعتاد تقدم الصفوف يوم اختار عرسال وجهة حاملا وردة بيضاء من اطفالها....حتى يوم كان في باريس ملحقا عسكريا فتح الخطوط مع ضباط الفوج الذي احب مستطلعا مستفهما مشجعا، متحسرا متمنيا لو يكون على الارض ذاك اليوم من آب 2014.

انتهت الزيارة التي أصر أن تكون الى القاع لا الى بيروت....الى إهل الارض وترابها.... ليخرسوا من رفع الصوت متحدثا عن خطوط حمراءمحاولا فرض معادلات لا تصح تحت السماء اللبنانية....في يوم عرس شهادة عسكرية بامتياز لا يفرق بين من استشهد على جبهة او سقط في قرية ....ليبقى اهله ويستمرون.....

من عكار الى القاع رحلة الجغرافيا قد تكون طويلة،اما رحلة الشهادة فدرب واحد خطه بدمائهم عسكريون ابوا الا ان يكونوا رجالاً لكن ليس كالرجال، ما عرفوا ذلاً ولا هوان، عاهدوا الله ان لا يبدلوا تبديلا ولا يستكينوا استكانة،فارتقوا الى عند باريهم رافعين كأس مجد وكرامة، مكللين باكليل من غار يفوح منه عبق بخور ارز الرب.