نعم للجمال ضريبة وأي ضريبة، إنها باهظة التكاليف والثمن، لأنها قد تودي بحياة صاحبها إلى السجن أو الموت والهلاك. وكلنا نعرف قصة النبي يوسف عليه السلام، التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، والآيات الكريمة تقول: «لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين»، «اقتلوا يوسف أو أطرحوه أرضا أو ألقوه في غيابات الجب»، «وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون»، «فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم».
وعندما أسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام في رحلة الاسراء والمعراج، حتى وصلا السماء الثالثة فرأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم النبي يوسف عليه السلام، فقال خاتم الأنبياء:«اُعطي شطر الحسن»، أي إن الله أعطى النبي يوسف نصف جمال الكون.
فالجمال يثير الغيرة والبغض والحسد من الآخرين، كما أثار جمال النبي يوسف بعض أخوته له، والجمال يؤدي إلى القتل كما حاول أخوة النبي يوسف فعله، والجمال يثير مشاعر الحب ويؤدي إلى التحرش كما فعلت امرأة العزيز بالنبي يوسف، والجمال يؤدي إلى السجن كما أودى بالنبي يوسف، هذه ضريبة الجمال لنبي كرمه الله وأعلى منزلته، فما بالنا نحن البشر؟
كثير من النساء يُظلمن بسبب جمالهن، وأعتقد إن البعض قرأ في الصحف عما حدث من ظلم لمضيفة تركية تمت إقالتها من وظيفتها بسبب جمالها. وسمعنا عن الكثير من النساء الجميلات اللواتي تم التحرش بهن بسبب هذا الجمال، هذا عدا عن عيون الحسد التي تقصف بالجميلات فتورث لهن الأمراض الجسدية والنفسية والمعاناة الحياتية. وبالطبع لكل قاعدة شواذ، قليل جدا من الجميلات من تصبح سعيدة في حياتها وتمر من عنق الزجاجة بسلام.
وكانت النساء الجميلات في العصور الغابرة تُعرض في أسواق النخاسة لمن يدفع أكثر، ويصبح مصيرهن، إما محظيات للحاكم أو ممن ملكت أيمانهم. أما النساء ذوات الجمال العادي أو المتدني، فهن يتعرضن للاستغلال الجنسي بنسبة أقل جداً، لأن مهن الطبخ والتنظيف غالبا بانتظارهن لخدمة الأعيان والأغنياء.
هذا عدا عن إن الرجل وفي شكل عام يَحَذر من الارتباط والزواج بامرأة جميلة، لأسباب عدة منها، خوفه من عيون الرجال الآخرين. وغالباً لا يرى الرجل عقل وفطنة المرأة الجميلة، بل يرى شكلها وجسدها فقط، وطبعاً إذا اقترن الجمال مع الذكاء في المرأة، فهي حتما ستواجه أقسى المحن في الحياة، ومنها محنة الحصول على الشريك المناسب. فالرجل الشرقي يفضل الزوجة ذات الذكاء المتدني والتي تلبي طلباته من دون نقاش ولا تجادله في كل صغيرة وكبيرة.
بل وحتى الرجل الجميل، يصبح ضحية للفتيات الجسورات اللواتي تلاحقنه ليل نهار، وقديما كان يُعرض في سوق النخاسة للبيع أيضا، وازدهرت آنذاك تجارة الغلمان والمخصيين، وغالبا يتم التحرش بالفتى الجميل منذ صغره، وأحيانا تكون ضريبة هذا الجمال كارثة على نفسية ذلك الإنسان، فينشأ مكسور النفس من الداخل نتيجة التحرش أو الاغتصاب الجنسي، وقد تزيد التربية الخاطئة والظروف البيئية المحيطة على ذلك الشاب الجميل، فينحرف عن طبيعته الذكورية التي خلقها الله عليه ليتشبه بالنساء ويتحول إلى الرغبات الأنثوية، وينشأ كجنس ثالث لا يعرف فيه نفسه ولا هويته، وليصبح ضحية من ضحايا المجتمع.
لذا على المرء أن يحمد الله على خيره وشره، على الجميل والقبيح، لأن لكل شيء إيجابياته وسلبياته، فحتى الجمال له ضريبة وأي ضريبة.
وكل عام وأنتم بخير، وعسى أيامكم كلها جمال في جمال.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News