ليبانون ديبايت - لارا الهاشم
لتسعة اشهر تحمل الامّ طفلها تحسُب كل يوم فيها بالثانية والدقيقة. في اللحظة التي يخرج الطفل من احشائها تنسى كل اوجاعها و الامها. تكتفي بالنظر الى وجهه لترى شريط حياته الذي تحلم به، في بريق عينيه. هذه سنة الحياة!
كلّ ما كبر عاما كلّما كبرت احلامها معه، في ان تراه سعيدا، مرحا، ناجحا لا بل متفوقا، فهي تريد ان تراه الاسعد والافضل والاوفر حظا على وجه الارض، قبل ان يغافلها الموت. ترفض كل ام في لاوعيها ان تعاكسها سنة الحياة هذه، وان تحمل هي كفن فلذة كبدها.
ويا هول تلك اللحظة اذا حلّت! فلربما اصدق تعبير عن قساوتها كان في صوت تلك الام الثكلى، ماجدة، ام الطفل كيفين التي ما انفكت تردد في مأتمه بصوتها المرتجف لكثرة الشهيق "بدي بوسو، جيبولي ياه....كان بردان جيبولو شي دفوه.... انا كان بدي شوف عميتخرج".
جرح جهاد الاب لا يقل نزفا، ذاك الوالد المفجوع الذي يعانق لعبة كيفين التي لا تفارقه اينما استدار. فهو اراد ان يكون ابنه بطل سباحة وان يتذكر الاخير في يوم من الايام ان والده لم يحرمه من شيء. لم يتصوّر جهاد يوما ان يتسلمه جثة هامدة.
لكن اليوم بعد ان مات كيفين، لعلّ ما يرطب هذا الجرح العميق كما يقول الاب المفجوع هو حسن سير العدالة. فعائلة الطفل ادّعت على كل من يظهره التحقيق مسؤولا عن التسبب بالوفاة عن اهمال والذي تصل عقوبته الى السجن لثلاث سنوات.
حتى الساعة اوقف المحامي العام الاستئنافي في الشمال زياد شعراني كلا من مشرف رحلات المخيم الصيفي ومراقب مسبح المنتجع السياحي في البترون حيث غرق كيفين والمسؤول عن مراقبي المسبح وصاحبة المخيم الصيفي.
وبحسب معلومات ليبانون ديبايت فقد اوُقف المراقب في المنتجع "ا" بعدما ظهر تناقض في افادته. اذ قال في البداية انه كان حاضرا في المسبح عندما وقعت الحادثة ثم تراجع عن اقواله مشيرا الى ان مسؤول المراقبين ضغط عليه للادلاء بهذه الافادة كونه الوحيد الحائز على شهادة في المراقبة. على اثر ذلك اوقف ايضا مسؤول المراقبين على اعتبار انه شريك في الاهمال وانه كان يترتب عليه توظيف عدد اكبر من المتخصصين.
اما صاحبة المخيم التي دخلت احدى مستشفيات جبيل لدقة حملها لاسيما بعد تعرضها لانهيار عصبي على وقع الحادثة، فقد امر النائب العام بتوقيفها كونها المسؤولة عن المخيم وبالتالي تقع على عاتقها مسؤولية تكليف عدد اكبر من المراقبين بما يتناسب مع عدد التلاميذ المسجلين في صفوف السباحة ومع مساحة الحوض. وقد تم توقيفها في المستشفى مع وضعها تحت الحراسة الامنية.
ما بات مؤكدا بحسب الاطباء الشرعيين ان الطفل قضى غرقا بعدما ابتلع كمية كبيرة من المياه على عكس ما اشيع حول وفاته قبل سقوطه في الحوض. وما يعزز فرضية الاهمال هو اعتراف مشرف رحلات المخيم بأن الطفل غفله وتوجه الى مسبح للكبار من دون "بويه" في وقت يؤكد الاطباء الشرعيين ان كيفين انتشل بعد ثلاث دقائق من غرقه في الحوض فيما يكفي اي طفل ان يبتلع مياه لمدة دقيقة حتى يختنق.
وكيل الدفاع عن عائلة متلج المحامي جورج الخوري اكد لليبانون ديبايت ان العدالة ستأخذ مجراها وان العائلة ستتابع القضية حتى النهاية، فيما علم ليبانون ديبايت ان الملف احيل على تحري طرابلس للتوسع في التحقيق.
على خط آخر علم ليبانون ديبايت ان ادارة المنتجع التي ادعى عليها المحامي خوري بوكالته عن العائلة، شكلت وفدا لتعزية عائلة متلج حيث اكدت وقوفها الى جانبها واستعدادها للتكفل بأي عطل وضرر.
قضية كيفين تحوّلت الى قضية رأي عام مهما انقسمت الاراء حول تحليل الظروف المحيطة بها. فالنتيجة هي ان طفلا مات اختناقا و "كسر ظهر امه كما رددت مئات المرات" وان الجرح لن يختم بل سيكبر يوما بعد يوم.
ليبقى الامل في ان تستريح نفسه بعد ان ينال كل من قصّر واهمل، عقابه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News