مختارات

الجمعة 19 آب 2016 - 07:20 البناء

بين "الجولان" و"كيان كردي".. تل أبيب وأنقرة في الحضن الروسي

بين "الجولان" و"كيان كردي".. تل أبيب وأنقرة في الحضن الروسي

لم يكن وارداً عند أكثر المتفائلين أو المفرطين في دعم الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه بين رؤساء وقوى سياسية وأمنية وفكرية، أن تقوم روسيا بالتدخّل العسكري كنوع من التعبير عن الدعم له. كان يكفي الفيتو الروسي – الصيني في مجلس الأمن ضدّ تمرير مشروع عملية عسكرية ضدّ دمشق في أول الأزمة، لاعتباره في الشارع السوري الحليف خطوة لا يمكن موازاتها بأخرى من أيّ صديق أو حليف للأسد.

كانت تكفي ساعات الشرح والمقاومة والمطوّلات الروسية في أروقة مجلس الأمن لتعميم اعتبار سورية خطاً أحمر روسياً، من غير الوارد تمرير مشروع بشأنها على غرار ذلك الذي تمّ في ليبيا، هذا أولاً وثانياً رفع روسيا لنبرتها باتجاه حسم استحالة السماح للغرب بالتعدّي على مصالحها بعد خطئها الاستراتيجي الذي ارتكب في التعاطي مع الملف الليبي. وهنا تحدّث مصدر ديبلوماسي روسي لـ «البناء» عن عملية إخراج مقصودة لروسيا من ليبيا تكفل بها الناتو والأوروبيون وتمّ على أساسها أيضاً طرد العاملين الروس من شركات ومؤسسات كبرى وإلغاء صفقات أساسية كتلك المتعلقة بالغاز، وهنا باتت روسية حسب الديبلوماسي الروسي خارج الكعكة التي أراد الأوروبيون اقتسامها في ليبيا».

يبدو كلام الديبلوماسي الروسي هذا عملياً بما يتعلّق بسورية وحتى ليبيا بعد ما حلّ فيها «خيراً أريدَ لروسيا به شراً»، في ذلك الوقت، فليبيا اليوم التي لم تكشف عن إنجاز أوروبي غربي كبير في مكافحة الإرهاب كشفت فشل الناتو في تأمين الاستقرار فيها فاتحة الباب لمسرح من فضائح حكومات لندن وواشنطن، فالأولى واجهت انقلاباً سياسياً كبيراً طرد على أساسه دايفيد كاميرون من على رأس الحكومة البريطانية بفضائح تتعلق معظمها بقرارات الحرب على ليبيا وتورّط بريطانيا بما يثقل كاهلها مالياً فيها، كذلك الأمر في العراق حيث كشفت لجنة تشيلكوت عما يدور في الأروقة السياسية المعارضة لسياسات الحكومات المتعاقبة والموالية لواشنطن وما يدور من امتعاض في الرأي العام، فكان تقرير اللجنة الذي قيّم مشاركة بريطانيا في عهد طوني بلير إلى جانب الولايات المتحدة في غزو العراق مفصلاً أساسياً أرخى زخماً على تأييد قرار التصويت ضدّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أولاً وتغيير الفريق الحاكم ثانياً.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس أمراً عادياً من عمر تكتلات سياسية بحجم الاتحاد الذي اعتبر المولود الأميركي الذي أسّس لعزل روسيا، وأيّ خروج من الاتحاد هو اهتزاز يجيّر لصالحها، ففي حين يتعرّض حلفاء واشنطن للهزات السياسية واحدة تلو الأخرى، تعزز روسيا وحلفاؤها مواقعها اكثر ليلفت مستجدّ هامّ على الحراك الروسي وهو القدرة على جذب حلفاء بارزين لواشنطن واستدراجهم للاعتراف بحتمية العلاقة الجيدة مع روسيا، وهو اعتراف بموقعها النافذ في الساحة الدولية، والأهمّ عدم القدرة على تخطيها في أيّ تسوية تتعلق بالشرق الأوسط.

استطاعت روسيا جذب «إسرائيل» من بوابة ضرورة الاعتماد عليها في ما يتعلّق بملف الجولان، وهو الملف الأكثر قلقاً بالنسبة إليها والذي كلّف 3 زيارات متتالية لمسؤولين إسرائيليين للقاء الرئيس الروسي بينها واحدة للرئيس الإسرائيلي رؤفين ريفلين واثنتان لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكان لافتاً حينها تقدّم موسكو شوطاً كبيراً في خلق «ودّ» مطلوب بين الطرفين أهدت على أساسه روسيا لإسرائيل دبابة إسرائيلية كان قد أسرها الجيش السوري في لبنان منذ 34 سنة، وفي هذا دلالات معنوية أساسية تعاطت موسكو «بدهاء» واضح لإيصالها من أجل تكوين أرضية مع الشارع الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية تضعهما فيها في خانة «الصديق» القادر على إيجاد ضالته في التعاون معها.

بدّدت «الهدية» برمزيتها مخاوف «إسرائيلية» من أن يكون الشأن السوري قد طغى على الحسابات بين الطرفين فباتت الزيارات الإسرائيلية ترجمة لحاجة إسرائيلية تستشرف فيها موقف روسيا من الوضع في الجولان، خصوصاً بوجود حزب الله، واضعة الضمانات المطلوبة بيد روسيا التي قدّمت رؤية واضحة بهذا الإطار للطرف الإسرائيلي.

تركيا بدورها تقدّمت نحو روسيا بما من شأنه التأسيس لضمانة بملف الأكراد وتوصّلت معها لاتفاق على أهمية المحافظة على وحدة الأراضي السورية، بمعنى نسف أيّ حديث عن كيان كردي، وهي القضية الأكثر قلقاً لتركيا من تداعيات الأزمة السورية.

تطلب أنقرة دعماً روسياً للملف بأيّ طاولة مفاوضات لتجد مطلباً روسياً يقضي بكفّ اليد التركية عن الدعم لداعش والتنظيمات المتطرفة، وهو الطلب الذي على ما يبدو بدأ يلقى تجاوباً تركياً بإعلان مسؤول تركي في ثاني يوم من زيارة أردوغان لموسكو عن نية سلاح الجو التركي ضرب داعش لأول مرة خارج إطار تحالف الناتو، مع ما يعنيه هذا من ضرورة تنسيق مع سلاح الجو الروسي حكماً.

ملف الأكراد وما يعنيه لتركيا من ملف مصيري يأخذها نحو خوض غمار ما يلزم من أجل بقائه تحت السيطرة، خصوصاً بعد الدعم العسكري الكبير الذي تتلقاه قوات كردية من واشنطن في مدينة «منبج» و«الباب» التي ستتبعها.

تركيا و«إسرائيل» وغرق قسري في الحضن الروسي… هكذا ضخت روسيا المزيد من القلق في واشنطن باستخدام «أدواتها» وبعد نكسة بريطانيا هل تخرج تركيا من الناتو أم تتحرّك واشنطن باتجاهها قبل فوات الأوان؟

تنصح صحيفة «التايمز» البريطانية الغرب بأن يوضح لأردوغان أنه لا يمكن أن يجعل لنفسه عضوية مميّزة في الناتو تسمح لصديقه بوتين بأن يكون له صوت في الحلف؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة