رد الرئيس حسين الحسيني على رواية الرئيس نبيه بري التي نشرت في الأول من أيلول الجاري، بعنوان: رواية بري في «أسكن هذا الكتاب» لنبيل هيثم: «اعتذرت عن مرافقته... لأسباب عائلية». وجاء فيه:
يروي الرئيس بري: "أن الإمام طرح فكرة زيارته لليبيا في منزل حسين الحسيني في خلدة. إلا أنه لم يلق حماسة في بادئ الأمر، لأن ثمة نصيحة من وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام والأمير عبد الله بن عبد العزيز بصرف النظر عنها".
ويروي بري: "في اليوم الأول لوصولي إلى نيويورك، تلقيت اتصالاً من عائلتي في ديترويت يفيد بأن الشيخ محمد مهدي شمس الدين وحسين الحسيني اتصلا من لبنان، ويريدان أن يكلماني في أمر ضروري جداً، فسارعت إلى الاتصال بلبنان وتحادثت مع حسين الحسيني الذي لم يكن يعرف أنني في نيويورك، فسألته ما الأمر، فأخبرني بأن الإمام مفقود، ولا أثر له أو لرفيقيه. وقال لي: ما دمت في ديترويت نتمنى عليك أن تذهب إلى نيويورك، وترى سفيرنا هناك غسان تويني، وحاولا أن تفعلا شيئا في هذا الشأن في سبيل كشف مصيره...".
ويروي بري: "وبعد انقضاء الأيام الخمسة، تركت نيويورك وعدت إلى لبنان، لأجد أن "حركة المحرومين" قد اتخذت في غيابي مجموعة من التدابير المؤقتة، قضى أحدها بتعيين حسين الحسيني أميناً عاماً للحركة، ونبيه بري أميناً عاماً مساعداً، وانطلقت الحركة على هذا الأساس".
ويروي بري: "واستمرت هذه القيادة الجديدة نحو أحد عشر شهراً حتى أوائل الثمانينيات، حين اجتمعت قيادات الأقاليم في الحركة في مدينة الزهراء في خلدة، وكانت هناك حملة ضد حسين الحسيني يباركها الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وأمام هذا الواقع المكهرب اقترحت أن أذهب أنا وأحمد إسماعيل ـ وهو أحد أصدقاء الإمام ـ وأحمد قبيسي لنقترح على صدري الصدر ابن الإمام، أن يتولى رئاسة الحركة على أن أبقى أنا مسؤولاً سياسياً للحركة كما كنت، باعتبار أن صدري كان لا يزال في أول فتوّته، وذلك إلى حين عودة الإمام الصدر. وبالفعل ذهبنا وقابلنا السيدة أم صدري وفاتحناها بالأمر، فعارضت معارضة قاطعة".
ويروي بري: "وسط هذا الواقع المتشنج، اتخذت قيادة الحركة في 4 نيسان 1980 قراراً، قضى بخلع حسين الحسيني، وتعييني على رأس الحركة، وذلك إلى حين إجراء الانتخابات».
الذي يبدو لي في ما نُقل من رواية بري، لبعض ما كان من الحوادث في تاريخ "حركة أمل"، بعد غياب الإمام السيد موسى الصدر، هو أنه أقرب إلى الرواية الخيالية منه إلى الرواية التاريخية. ولا أريد هنا تقويم هذه الرواية، لا من حيث العلم ولا من حيث الذوق، فما بلغني خبره منها ليس هناك.
لكنني، في هذا السياق، أجدني مضطراً إلى التنبيه على بعض ما بلغني خبره من اختلاق للوقائع، وذلك بواجب الشهادة لا بواجب الدفاع عن النفس، فما يمسّني شخصياً، في رواية الراوي، ليس شيئاً يستحق الرد عليه، لما فيه من الاختلاق الظاهر، أو الغرض الرخيص.
فأولاً ـ الواقع هو أنه بعد عودة الإمام من زيارة إلى الجزائر، زارني في منزلي في خلدة وهو في طريقه إلى دمشق، وأخبرني بعزمه على زيارة ليبيا بدعوة من العقيد القذافي تلقاها بواسطة الرئيس الجزائري هواري بومدين. وفاتحني بإمكانية مشاركتي له في هذه الزيارة، فاعتذرت لأن لي موقفاً سلبياً من العقيد القذافي وممارساته في لبنان. ثم بعد عودة الإمام من دمشق وبعلبك، التقى قبل سفره بعدد من أعضاء المكتب السياسي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مدينة الزهراء، ولم يكن بينهم عضو المكتب السياسي نبيه بري، لوجوده في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد انتهاء الاجتماع، زارني في منزلي في خلدة، يرافقه السيد عبد الله موسى أمين السر في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والشيخ علي مهدي (الباكستاني)، وطبعاً لم يكن معهم الأستاذ بري.
وثانياً ـ لا شك بأنه بعد انقطاع الاتصال بالإمام خلال زيارته لليبيا، أنني اتصلت بأعضاء المكتب السياسي ومنهم الأستاذ بري والطلب منه العودة إلى لبنان، لكن لا يخطر ببالي أن أكون بحاجة لوسيط بيني وبين الصديق غسان تويني الذي هو من طليعة المؤسسين في حركة المحرومين والذي كان يشغل منصب سفير لبنان في الأمم المتحدة، كما اتصلت بالأمير عبد الله بن عبد العزيز وسائر أصدقاء الإمام.
وثالثاً ـ إن القرارات التي اتخذتها "حركة أمل" لا "حركة المحرومين"، في ذلك التاريخ، أي بعد فقدان الاتصال بالإمام السيد موسى الصدر، كانت قرارين اثنين اتخذهما المكتب السياسي في جلسة واحدة بتاريخ 27/9/1978، تبعهما قرار ثالث اتخذه الاجتماع المشترك للجان أقاليم الجنوب والبقاع وبيروت وجبل لبنان بتاريخ 11/10/1978. والنصوص الحرفية لهذه القرارات هي الآتية:
القرار رقم 1 ـ
«في جلسته المنعقدة بتاريخ 27/9/1978 في مدينة الزهراء بخلدة الساعة السادسة مساءً وبحضور الإخوة: السيد حسين الحسيني، العقيد عاكف حيدر، السيد أحمد إسماعيل، الدكتور علي الحسن، الدكتور حسين كنعان، الأستاذ رفيق شرف، السيد جعفر شرف الدين، الأستاذ محمد سعد، الدكتور جمال منصور، قرر المكتب السياسي لمقتضيات المرحلة الطارئة في غياب سماحة الإمام القائد، انتخاب أمين عام للحركة يختار لجنة تنفيذية تساعده على تخطيط وتنفيذ ما يستلزمه الوضع الطارئ، وكانت نتيجة الاقتراع السري اختيار عضو المكتب "السيد حسين الحسيني" أميناً عاماً للحركة بستة أصوات من أصل تسعة وصوت واحد للعقيد عاكف حيدر وصوت تأييد لصاحب الأكثرية وورقة بيضاء.
القرار رقم 2 ـ
"في جلسته المنعقدة بتاريخ 27/9/1978 في مدينة الزهراء بخلدة الساعة السادسة مساء وبحضور الإخوة: السيد حسين الحسيني، العقيد عاكف حيدر، السيد أحمد إسماعيل، الدكتور علي الحسن، الدكتور حسين كنعان، الأستاذ رفيق شرف، السيد جعفر شرف الدين، الأستاذ محمد سعد، الدكتور جمال منصور، ولمقتضيات المرحلة الطارئة في غياب سماحة الإمام القائد، قرر المكتب السياسي بإجماع أعضائه ما يلي:
1ـ ضم الإخوة مسؤولي الأقاليم السادة: الأستاذ عاطف عون/ الأستاذ حسن هاشم/ الأستاذ حسين الموسوي، أحمد قبيسي إلى المكتب السياسي.
2ـ الموافقة على اختيار الأخ الأمين العام لجنة تنفيذية من الإخوة:
المسؤول المالي ـ السيد أحمد إسماعيل
المسؤول الكشفي ـ العقيد عاكف حيدر
المسؤول الإداري ـ الدكتور حسين كنعان
الرابط التنظيمي ـ الدكتور مصطفى شمران
مسؤول إقليم بيروت ـ الأستاذ عاطف عون
مسؤول إقليم الجنوب ـ الأستاذ حسن هاشم
مسؤول إقليم البقاع ـ الأستاذ حسين الموسوي
3 ـ تكليف الأخ محمد سعد بالمسؤولية الإعلامية في فترة غياب المسؤول الإعلامي الأصيل.
قرار لجان الأقاليم بتاريخ 11/10/1978:
"في الاجتماع المشترك للجان أقاليم الجنوب وبيروت والبقاع في حركة أمل، أقر المسؤولون بالإجماع اختيار المكتب السياسي تسمية الأخ السيد حسين الحسيني أميناً عاماً للحركة في فترة غياب سماحة الإمام القائد".
ورابعاً ـ ونتيجة لإدراكي صعوبة المهمة، تريثت في الإعلان عن هذا الانتخاب من 27/9/1978 حتى 9/11/1978، حيث تم الإعلان عنه في نشرة أمل الداخلية بعددها رقم 33.
وخامساً ـ وكما نرى، فإن هذه النصوص ليس فيها أي إشارة إلى الراوي الأستاذ بري لا من حيث الحضور ولا من حيث الغياب.
بل هناك إشارة صريحة إليه في القرار رقم 101/79 تاريخ 5 نيسان 1979 والموقع من أمين عام الحركة يقضي بتعيين عضو المكتب السياسي الأخ نبيه بري أميناً عاماً مساعداً. (أي بعد حوالي سبعة أشهر على القرارات الثلاثة المذكورة).
وسادساً ـ بعد دعوتي للمؤتمر العام للانعقاد بتاريخ 4 نيسان 1980، نشرت النشرة الداخلية الأسبوعية الصادرة عن حركة أمل في صدر صفحتها الأولى نص رسالتي الموجهة للمؤتمر، هذا نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الإخوة أعضاء المكتب السياسي والأقاليم والقطاعات والمناطق والكوادر والعناصر، لقد تحمّلت المسؤولية كأمين عام للحركة في ظروف قاهرة جميعكم يعرفها بحيث لم أكن لأتحملها لولا حادث إخفاء الإمام السيد موسى الصدر قائد هذه الحركة. وكان رائدنا جميعاً العمل على إعادته والحفاظ على خطه والمبادئ التي قامت عليها الحركة، ولا سيما ما يتعلق بإنقاذ الجنوب الجريح من الأطماع الإسرائيلية، وإنقاذ الوطن النازف. وذلك بموجب تنظيم استثنائي ينتهي مفعوله في تاريخ 3 نيسان الجاري".
"ولا بد من إحاطتكم بأن صعوبات كثيرة وضخمة اعترضت طريقي وطريق الحركة وما تزال، الأمر الذي يوجب عليّ التخلي عن كل مسؤولياتي في حركة أمل، كما يوجب الاعتذار عن عدم تسلم أي مسؤولية مجدداً، وذلك للإفساح في المجال أمام طاقات قد تستطيع تذليل هذه الصعوبات وإكمال المسيرة. وقد يكون من الأنسب اختيار نجل الإمام الصدر السيد صدر الدين لهذه المهمة".
"وفي هذه المناسبة أتوجه بالشكر والامتنان إلى جميع الإخوة الذين شاركوني في تحمّل المسؤولية على كل المستويات وطوال هذه الفترة، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقكم لما فيه خير قضايانا الوطنية والعربية والإسلامية".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News