فلنتخيل بلداً بلا أحزاب أو قوى سياسية، تمثل طبقات المجتمع أو فئاته المختلفة، ولنتخيل مجتمعاً بلا مؤسسات «مجتمع مدني»، بالطبع سيكون بلداً بحكم مطلق أو شمولي، ولن تكون هناك معارضة سياسية، تطالب بالإصلاح والتغيير.
ورداً على موقف القوى السياسية من زيادة سعر البنزين، قال البعض منتقداً هذه المواقف التي أسماها ردود فعل: إن القوى السياسية من المفروض أن تتعامل مع الأمر بسياسة ودراسة وتفهم لدوافعه ومبرراته، وأن هذه القوى السياسية تعاملت بسذاجة وعفوية مع الأمر.
فالحكومات تفرض قوانين مقيدة للحريات، ليس لتنظيم الحياة في المجتمع والدولة فقط، بل لمنع أي معارضة سياسية من توجيه وعي الجماهير وتعبئتهم، من أجل الوقوف ضد الإجراءات الحكومية، التي تنتقص من حقوقهم السياسية والاجتماعية، فالجماهير ومصالحها هي أساس وجود الأحزاب والقوى السياسية، والقوى السياسية مهمتها الدفاع عن مصالح الناس، والمطالبة بالإصلاح والتغيير باتجاه تطور المجتمع المدني، وتحقيق الرخاء والتقدم.
وليست مهمة القوى السياسية تمجيد كل قرار حكومي، وتقبل تبريرات الحكومة له، مهما بلغ القرار من إجحاف وتنفيع للقلة المتنفذة، فمن مهمات هذه القوى المطالبة بالعدالة الاجتماعية، والمساواة بين جميع فئات المجتمع في الحقوق والواجبات، ومكافحة الظلم والاستغلال للإنسان، ومكافحة الفساد.
للحكومات وجهات نظر تدافع عنها وتبررها، ويحق للقوى السياسية أو الشعب أن يكون لها وجهات نظر مختلفة، وهذا لا يعني أنها غير واقعية، فالاعتراض هو ضد السياسات والقرارات التي تنتقص من حقوق الناس، وليست لمجرد الاعتراض أو المشاغبة.
وهذا لا يعني أنه ليست هناك قوى سياسية انتهازية، وأخرى تدافع عن مصالح فئات ضيقة فئوية أو قبلية أو طائفية، فلا يجب الجمع بين قوى اليمين وقوى اليسار، فلكل برنامجه الذي يسير على هديه، قوى تعمل لمصلحة الوطن وأخرى تعمل لمصلحة الفئة والقبيلة.
إن من شروط المجتمع المدني الحديث، أن يكون هناك أحزاب وقوى سياسية تقوم على أسس وطنية، وهي صوت الناس والمجتمع بطبقاته وفئاته، ووجودها ضرورة موضوعية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News