افتتح، قبل ظهر اليوم في دير سيدة البير في جل الديب -بقنايا، مؤتمر الاعلام المسيحي في الشرق بعنوان "قضية واحدة ورؤية موحدة" الذي تنظمه مجموعة "تيلي لوميار - نورالشرق" برعاية بطاركة الشرق.
والتقت، في هذا المؤتمر، وسائل اعلامية مسيحية عاملة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والاردن والاراضي المقدسة ومصر وحضرته شخصيات رسمية وسياسية وروحية واعلامية واكاديمية، وذلك بهدف مناقشة واقع الاعلام المسيحي ومستقبله ووضع شرعة اعلامية مسيحية وتأسيس مركز اعلامي مسيحي جامع.
شارك في جلسة الافتتاح ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بولس مطر، وزير الاعلام رمزي جريج ورئيس مجموعة "تيلي لوميار" و"نورسات" جاك كلاسي.
تحدث الوزير جريج فقال: "اذهبوا وبشروا كل الأمم"، هذه الوصية الذي استودعها تلاميذه السيد المسيح، كانت الانطلاقة الأولى لمهمة التبشير بكلمة المحبة حتى نكران الذات من اجل الآخر، وبفعل المحبة حتى الشهادة من أجل الإيمان؛ أو، بعبارة أخرى، كانت الدعوة الأولى إلى اعتماد الإعلام كما صرنا نسميه اليوم، منصة لنشر التعاليم المسيحية. والكنيسة، منذ نشأتها الأولى، لم تعتمد إلا الكلمة منهجا للتبشير والحوار سبيلا للتواصل بين البشر، ما يدفعنا إلى القول ان الرسالة التي نجتمع الآن حولها ضاربة عميقا في جذور المسيحية ومستمرة الحضور منذ القرن الأول حتى اليوم".
اضاف: "صحيح أن نكسات كثيرة أصيبت بها الكنيسة في سعيها "الحواري"، سواء بين مذاهبها المختلفة، أو بينها وبين غيرها من الديانات. لكن ذلك لم يمنعها عن متابعة هذه المسيرة بلا كلل ولا ملل، وثابرت على مبدأ التواصل مع الآخر واحترامه وقبوله في المحبة. تشهد على هذا المجامع الكنسية المتعاقبة والسينودسات وهيئات الحوار المشتركة، ووسائل الإعلام المتعددة، التقليدية والحديثة، التي اعتمدتها الكنائس المختلفة لإيصال صوتها وأداء دورها".
وأشار الى ان "الاعلام الديني، بعد ان كان مقتصرا في الماضي على بعض المنشورات والمجلات، قد استفاد في الزمن الحاضر من تطور تكنولوجيا الاتصالات، وبات يستعمل الادوات الحديثة من اذاعات ك"صوت المحبة" ومواقع انترنت ومحطات تلفزيونية ك"نور الشرق" و"تيلي لوميار"، لكي ينقل بالصوت والصورة الثقافة المسيحية المنفتحة على سائر الثقافات. يضاف الى ذلك ان المحطات التلفزيونية السياسية، وغالبيتها مرتبطة بأحزاب سياسية متصارعة، تخصص قسما من برامجها لاحداث دينية هامة كتطويب الام تيريزا مؤخرا او لنقل الاحتفالات الدينية لدى مختلف الطوائف، بحيث يمكن القول ان الاعلام الديني بات حاضرا في حياتنا اليومية في لبنان".
وقال: "لم يقتصر دور الاعلام المسيحي على نقل المناسبات الدينية، وعلى الوعظ وشرح أصول الدين، وهي أمور ضرورية في ظل غياب التعليم الديني عن المناهج المدرسية، ولكنه تصدى أيضا للمسألة الاجتماعية وعالج من منظور إيماني القضايا الحياتية للانسان المعاصر، ولا سيما قضايا الفقر والاستغلال والتفاوت الطبقي، بحيث ألقى عليها كثيرا من نور المسيح".
اضاف: "من هذا المنطلق، يجب على الاعلام المسيحي أن يلتزم بمبدأ احترام الآخر، فلا يتحول إلى منبر لزرع التفرقة داخل المجموعات المكونة للوطن، لذلك من الضروري، كما يقول الدكتور جورج صدقة، أن يكون حق الآخر في الاختلاف من المبادىء الأساسية لكل اعلام ديني وأن يكون التعامل مع الآخرين على مبدأ أن لا اكراه في الدين. من هنا فإن وسائل الاعلام الديني مدعوة إلى تبني قواعد الحوار بين الأديان والحضارات وأن تفسح المجال لممثلي الديانات الأخرى لابداء رأيهم".
وقال: "هنا ينبغي لنا أن نؤكد ما تدعو إليه الكنيسة من وجوب انخراط المسيحيين في الحياة الوطنية، وفي تولي الشؤون العامة كجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في كل أماكن وجودهم. وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بأن الدور السياسي المسيحي. في لبنان على وجه التحديد، يتمثل أولا في مقام رئاسة الجمهورية. من هنا يجب التشديد مع صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي على وجوب المبادرة فورا ودون أي تأجيل إلى ملء الفراغ في السدة الاولى عبر النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يصون وحدة البلد، ويشكل انتخابه صمام أمان وفاتحة لانتظام عمل المؤسسات وباعثا لاستعادة اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا ثقتهم بدولتهم وبمستقبلهم في لبنان. وللاعلام المسيحي في هذا الشأن دور مفصلي إذ لا يمكنه السكوت على انهيار المؤسسات الدستورية وعلى الفساد وعلى انتهاك حقوق الانسان والحريات العامة. ويأتي مثالا على هذا الدور المواعظ الدورية التي يلقيها غبطة البطريرك، التي لا تخلو من المطالبة بملء الشغور الرئاسي وبتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وبمعالجة القضايا الاجتماعية. وهذا الدور يندرج ضمن الاعلام المسيحي الذي يترتب عليه ابراز دور الكنيسة على الصعيد السياسي والاجتماعي".
واكد "ان الإعلام المسيحي الملتزم قضايا الإنسان بات، حيثما وجد، حاضرا بقوة، للدفاع عن كل مظلوم يعاني من التعدي على حريته أو كرامته أو رزقه أو حقه في الحياة الآمنة السعيدة. وهذا يعيد إلى الشرق الذي تمزقه الحروب والنزاعات وتجتاحه موجات التعصب والحقد الأعمى بعضا من وهج فقده، ومن رحمة غابت عن قلوب قسم من أبنائه. ونحن في هذه السنة المكرسة للرحمة الالهية، نرجو ان تعود إلى مجتمعاتنا روح التسامح والألفة والمحبة المنبثقة من التعاليم السماوية".
وختم: "أنهي كلامي بما قاله قداسة البابا فرنسيس في رسالته في اليوم العالمي لوسائل الإعلام "ان للتواصل القدرة على بناء الجسور وتشجيع اللقاء والاندماج، وشفاء الذاكرة المجروحة وبناء السلام والتناغم".
اخترنا لكم



