لا تعكس الحركة السياسية المحمومة في لبنان أيّ ملامح تَقدُّمٍ في احتمالات انتخاب رئيسٍ للجمهورية في الجلسة الانتخابية المقبلة في 31 الجاري، بل ان ما استوقف المراقبين ان وتيرة التوقعات بمرور هذه الجلسة من دون إنجاز الاستحقاق الرئاسي ارتفعت بشكل لافت في اليوميْن الأخيريْن.
أما الأهم والأبرز من استبعاد انتخاب رئيسٍ في جلسة نهاية الشهر، فيتمثل في موجةٍ واسعةٍ من تعميمِ المعطيات والمعلومات والمواقف عن تَراجُع خيار انتخاب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الى حدودٍ بات معها بعض المطلعين يجزمون بأن هذا الخيار سيسقط تماماً مع حلول موعد الجلسة المقبلة التي اعتُبرت موعداً حاسماً لاختبار نجاح او فشل مبادرة الرئيس سعد الحريري لتزكية خيار عون.
وتداولتْ أوساط نيابية وسياسية أمس، معطياتٍ تفيد بأن الأيام العشرين الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية التي تحمل الرقم 46 ستشهد عملية إخراجٍ متدرّجة لاحتواء التصعيد الذي كان «التيار الوطني الحر» يزمع القيام به قبل مبادرة الحريري وعاد الى التريث في إطلاقه على أمل انتخاب العماد عون في الجلسة المقبلة. لكن يبدو حسب هذه الأوساط ان الخشية من اندفاع التيار العوني نحو تصعيدٍ كبيرٍ وحاد بدأت تتعاظم بعدما انتفت تقريباً كل الاحتمالات التي يمكن ان تحمل عون الى الرئاسة في ظل المواقف الداخلية والخارجية التي يستجمعها الحريري والتي جاءت في غالبيتها سلبية بالنسبة الى انتخاب عون.
واذ تؤكد هذه الاوساط ان الكواليس السياسية بدأت تتداول الاحتمالات والخطوات التي يمكن ان يلجأ عون وتياره الى اتخاذها بعد الإخفاق المرجح في انتخابه، فإن الدوائر المحيطة بزعيم «التيار الحر» لا تبدو كأنها سلّمت بهذه المعادلة منذ الآن، بل هي لا تزال تؤكد ان العماد عون يتلقى إشارات متواصلة من الرئيس الحريري الى مضيّه في مبادرته سعياً الى بلْورتها في وقت قريب وإعلان تبنيه لترشيح «الجنرال».
ويعتقد مطلعون في هذا المجال انه لن يكون ممكناً حسم هذا التباين الواسع في التقديرات والمعطيات إلا قبل وقت قصير جداً من موعد جلسة 31 اكتوبر، لأن أيّ اتجاه ٍسلبي او ايجابي للحريري في شأن عون لن يكون نزهة سهلة ولا بد تالياً من استنفاد كل الاتصالات والمشاورات الداخلية والخارجية قبل إعلان أيّ موقفٍ حاسم. ومع ان الوسط السياسي عاد يركّز على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المناهض بقوّة لانتخاب عون رئيساً للجمهورية، فإن المطلعين أنفسهم يرصدون بدقة ما يمكن ان يصدر في الساعات المقبلة من مواقف وإشارات عن «حزب الله» الذي سيشغل اهتمام القوى السياسية كافة بالخطبة التي سيلقيها أمينه العام السيد حسن نصرالله اليوم في مناسبة إحياء ذكرى عاشوراء في احتفال حاشد في الضاحية الجنوبية لبيروت.
واذ لم تتسرّب اي معطيات عن إمكان تَناوُل الأمين العام لـ «حزب الله» الملف الرئاسي في ظلّ تحرك الحريري، بدا واضحاً ان الوسط السياسي سيتّخذ من خطاب نصرالله معلماً بيانياً أساسياً للحكم على مصير هذا التحرك سلباً او ايجاباً، باعتبار ان «حزب الله» التزم حتى الساعة صمتاً مطبقاً حيال مسعى زعيم «المستقبل»، الأمر الذي يُنظر اليه على انه عامل سلبي كبير بالنسبة الى مصير هذا التحرك، ناهيك عن تمسُّك الحزب بمنطقه الداعي الى حوار وتفاهم بين حليفيْه اي بري وعون على قاعدة انه لا يمكن ان يذهب وحيداً بلا شريكه في الثنائية الشيعية (بري) الى جلسة لانتخاب زعيم «التيار الحر». علماً ان رئيس البرلمان أطلق أمس إشارة معبّرة عكستْ وطأة رمي حركة الحريري «كرة» تعطيل وصول عون الى الرئاسة في ملعبه بالدرجة الاولى. وقد نفى بري في هذا السياق كلاماً نُسب اليه قوله في اجتماع هيئة مكتب البرلمان (الاثنين) حول انه «إذا صوّت كل أعضاء كتلة التحرير والتنمية لمصلحة العماد عون، فأنا لن أصوّت له»، معلناً عبر مكتبه الإعلامي «بغض النظر عن موقف الرئيس بري، ما يعلنه هو يوم الانتخاب. ان مكتب المجلس ناقش الأمور المدعو اليها ولم يناقش موضوع رئاسة الجمهورية، مَن مع او مَن ضد عون، آملاً ان لا يحاول أحد ان يتغطى بموقف الرئيس بري».
وانشغلت بيروت، أمس، بتغريدةٍ كتبها القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري وتناولت قولاً لوزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل يشيد فيه بوزير الخارجية السابق والمرشح المعروف لرئاسة الجمهورية جان عبيد، اذ كتب: «وزير خارجية لبنان جان عبيد حكيم وزراء الخارجية العرب( #سعود_الفيصل).»
وبعدما أشعلت التغريدة التفسيرات والاجتهادات السياسية والإعلامية التي ربطتها بالملف الرئاسي وتساءلت عما اذا كانت بمثابة«ضوء أحمر»أمام تحرُّك الحريري المتصل بخيار عون، عمد الديبلوماسي السعودي الى التوضيح ضمناً انها لا تتصل بالوضع الداخلي والرئاسي، فأوضَح أنّ التغريدة«كانت في إطار سلسلة من الأقوال المأثورة لسموّ الأمير سعود الفيصل، لا تحتمل الكثير من الاجتهادات»، قبل ان ينشر تغريدة ثالثة معبّرة جاء فيها«إنَّ ما يجمع لبنان بالمملكة هو أكثر من علاقة عاديَّة، إنَّها علاقة أهل ولقد كان لبنان الوطنَ الثاني للسعوديين» #رفيق_الحريري. وتحت وطأة تفاعُل التغريدة الأولى التي ذُكر فيها عبيد، أعلن البخاري حذفها«بسبب سوء تفسيرها وخروجها عن مقاصدها».
ومع ذلك ذهب كثيرون الى اعتبار التغريدة مقصودة، لكن أوساطاً لبنانية وثيقة الصلة بالسفارة السعودية نفت نفياً تاماً أيّ إيحاءات سعودية رسمية وراء هذه التغريدة، وأكدت أن حذفها شكّل أكبر دليل على صحة الإطار الذي أدرجها ضمنه القائم بالاعمال السعودي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News