"ليبانون ديبايت":
في الطريق الى محافظة البقاع، يستوقفك منظر البلدات المتناثرة على جانبي الاوتستراد العربي في منطقة صوفر. الأشجار الشامخة المعمرة لا تزال تحافظ على وجودها رغم اتساع رقعة الأبنية المشيدة حديثا.
البلدات هذه تتبع لقضاء عاليه، وتشكل مجتمعة منطقة جرد عاليه، وتمتاز بنموذجها الفريد في العيش المشترك، بحيث لا يمكن التمييز بين الدروز والمسيحيين والسنة والشيعة، من عين دارة المتاخمة للبقاع حتى بتاتر وبحمدون مرورا بشانية وصوفر وبدغان.
يشكل الموظفون والمغتربون عماد اقتصاد هذه البلدات، ويتوزع ابناؤها بين الوظائف الرسمية والخاصة. انعدام فرص العمل في السنوات الماضية جعل الاغتراب يصبح الخيار الاول خصوصا لدى المتخرجين، سافر الكثير وبقي من ينتظر الحصول على فرصة عمل في الخارج، وإضافة الى ذلك يساعد القطاع الزراعي على سد رمق عدد كبير من العائلات بحكم تميز المنطقة بتربتها الصالحة للزراعة ووفرة المياه.
أمام واحد من المحال التجارية في رويسات صوفر بجرد عاليه، يتحلق عدد من كبار السن حول طاولة الحوار الخاصة بهم كما يطلقون عليها، نقاشاتهم تبدأ من كيفية تقليم الأشجار المثمرة وتطعيمها ولا تنتهي بتقييم الاوضاع السياسية في الشرق الاوسط بشكل عام ولبنان بشكل خاص.
يقول ابو جورج، الذي لا يترك بيروت شتاء سوى بعطلة نهاية الاسبوع، ويعطي صوفر وقته كاملا من ايار وحتى اواخر تشرين، على طاولة الحوار هذه نتبادل الافكار ذات النفع الكبير، لا جلسات عقيمة، دائما نخرج بنتائج تنعكس بالفائدة علينا، ويضيف ساخرا " لا احد عنا يهدد بتعليق الحوار او مقاطعته، اعتدنا الجلوس مع بعضنا على الدوام".
يأمل المتحاورون الجرديون،" ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية رغم قناعتهم ان هذا الامر لن يؤثر بشكل كبير على مجريات الحياة في لبنان"، تسألهم،" هل تريدون رئيسا كي يتم الانتقال الى الخطوة التالية المتمثلة باجراء الانتخابات النيابية، فيأتي الرد، " مرحبا بالانتخابات بعد سبع سنوات".
وفي غمرة الحديث وتبادل الاراء وتقييم السياسيين أين أخطأوا واين اصابوا، يقول أحدهم،" نريد واحد من بيننا للترشح الى النيابة"، تسأله،"وهل انت طامح لذلك او اي شخص آخر"، يحدق الرجل بغضب في وجهي ويقول،" لا لست راغبا ولا طامحا، ما قصدته هو انه يجب ان تمثل هذه المنطقة، كما حدث عام 2005 عندما دخل فيصل الصايغ الى مجلس النواب، والرجل مشهود له بكفاءته ونظافة كفه، ورغم خروجه من الندوة النيابية عام 2009 غير انه لم يتأخر يوما عن الوقوف الى جانب أهل المنطقة من الشويفات حتى الجرد ونأمل بعودته قريبا كنائب او وزير عن قضاء عاليه ".
يدخل رجل آخر على خط الحديث ويقول،" عطوفة الامير طلال (ارسلان) والاستاذ اكرم (شهيب) يقومون بدور كبير ايضا، ولكن الاستاذ فيصل قدم كثيرا للمنطقة دون تمييز ودون ان يأخذ، الجميع يحبه ويحترمه ان كان على صعيد جماعة المير والحزب الاشتراكي والقومي وكافة الاطياف".
الحديث عن الصايغ، يدفعك اكثر للاستفسار عن ماضيه السياسي، " الرجل عين محافظا للجنوب في اواسط التسعينيات حتى عام 2004 تاريخ تقديم استقالته، ترشح عن دائرة بعبدا-عاليه عام 2005 على لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي ونجح، الى جانب دوره الخدماتي، لعب دورا كبيرا في تحييد منطقة الجرد عن احداث السابع من ايار عبر التواصل مع الجميع، وبعد اتفاق الدوحة وسلسلة المصالحات التي تمت، خرج الرجل من البرلمان دون ان يخرج من الحياة السياسية، وذلك حرصا منه على وحدة طائفته، واستمر منذ ذلك الحين الى جانب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط.
الحديث عن الانتخابات يسرق وقت المتحاورين على الطاولة، وما ان تستودعهم وتخبرهم انك متجه الى البقاع بغاية القيام بعمل إعلامي، يصرخ احدهم،" انتم الاعلام سلطوا الضوء اكثر على معاناة الناس وحاجاتهم، ولا تهتموا فقط بتصريحات السياسيين، إكتبوا عن الزراعة وتعب المزارعين وصعوبة تصريف المحصول، او عن الحد الادنى للاجور واضطرار اولادنا للسفر من اجل تأمين مستقبلهم".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News