متفرقات

placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام
الخميس 15 كانون الأول 2016 - 14:45 الوكالة الوطنية للاعلام
placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام

عريجي: خوفنا على لغتنا مبرر

عريجي: خوفنا على لغتنا مبرر

نظمت مفوضية الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي مؤتمرا بعنوان "اللغة العربية وتحديات العصر"، برعاية رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، في قصر الاونيسكو.

حضر المؤتمر وزير الثقافة روني عريجي، النائب غازي العريضي ممثلا النائب جنبلاط وتيمور جنبلاط وممثلون عن الاحزاب والقوى السياسية.

افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم كانت كلمة لمفوض الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي فوزي بو دياب، قال فيها: "اللغة صلة الوصل والمظلة الجامعة لهوية الشعوب، ولغتنا العربية اكتسبت موقعا أساسيا في مكانة الحضارات على مر التاريخ. عندما يتسع انتشار اللغة يتحدد استعمالها وموقعها في المجتمعات الاخرى على عكس ما اعتقد البعض ان قوة المجتمع هي التي تفرض قوة اللغة".

واشار الى ان "اللغة العربية لم تكن معتمدة قبل 1973 في اللغات التي كانت يتحدث بها في الامم المتحدة. بعد الحرب العالمية الثانية حددت الدول المنتصرة بلغاتها فقط واختصرت، الا ان المسار التحرري للشعوب العربية في أربعينيات القرن مع القضية الفلسطينية واصرار القادة العرب بالتحدث باللغة العربية على منبر الامم المتحدة، ما فرض الاعتراف باللغة العربية. وما بين ذلك التاريخ الذي اعاد اعتبار اللغة العربية ويومنا هذا، عصف العديد من التحولات وتفككت دول ومجتمعات وعادت تبرز هويات جديدة بلغة رقمية. فقد وضعت الالفية الثانية العالم ومجتمعاته امام تحديات كثيرة اهمها ثقافة موجهة احساس بازالة الحواجز، ما جعل الانتماء الى العالم افتراضيا واجبا للالتحاق بالقرية الكونية، وللاسف لم تحصن مكانتها اللغة العربية واصبحت اللغة الانكليزية هي محط اهتمامنا في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا التربوية".

وأضاف بو دياب:"تؤكد الدراسات ان اللغة العربية كانت اللغة الام للمعارف حيث حققت حضورا فكريا ميزته التجنيد والتطوير، فاللغة التي دونت الجبر والهندسة يجب الا تفقد مكانتها مع هذا التطور في يومنا، خصوصا وان اللغة العربية هي اللغة التي اعتمدت في العلوم. نحن في مفوضية الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي اقمنا العزم على عقد هذا المؤتمر التخصصي لسبل اعادة فعالية ومكانة اللغة العربية في كل اللغات العالمية، والتي هي لغة القرآن والتراتيل في الكنائس العربية".

ثم ألقى عريجي، كلمة قال فيها: "في اليوم العالمي للغة العربية، نتساءل باهتمام وبعض قلق عن أحوال لغتنا الجميلة والتحديات التي تواجه".

اضاف: "من البداهة الاعتراف، أن اللغة العربية ليست في أفضل مرحالها والتألق الذي عرفته في الماضي، فالأزمنة تغيرت كما تضاعفت عوائق نموها. اذا انطلقنا من مسلمة، أن اللغة كائن حي يتحتم السؤال عن توفر أسباب الحيوية أو إنعدامها".

واشار الى "ان اللغة العربية عرفت في القرون الماضية انتشارا وأمجادا كبيرة، بدءا من كونها لغة القرآن الكريم، إضافة إلى توفر المناخات الكثيرة الملائمة لذاك النمو والانتشار". وقال: "يذكر التاريخ عن نهضة اللغة العربية، زمن المأمون في بغداد وبيت الحكمة، يوم كانت حضارات العالم القديم تترجم من اليونانية إلى العربية، فلسفة وفكرا وأدبا، يومها اغتنت العربية بالعلوم الوافدة وتأثر بها فلاسفة العرب وعلماؤهم وأهل الآدب وكتبوا ونشروا وفلسفوا، وازداد انتشار العربية مع قيام الحضارة الأندلسية في إسبانيا ثمانية قرون، إلى ان حلت مرحلة التحدي الكبير زمن السلطنة العثمانية ومحاولة تتريك المنطقة العربية. ونذكر جميعا الدور الانقاذي للغة الذي أداه نهضويو لبنان بانتقالهم، من لبنان إلى مصر ومعهم الآدب والمسرح والشعر والصحافة، وانتعشت اللغة بفعل ممارستها بكافة وسائل الإبداع".

وتابع: "يعيش العالم زمن العولمة بأنماطها واملاءاتها، وبينها اللغة احدى ضحايا هذه النعمة والنقمة معا. العولمة التي نعيشها ليست حالا مستجدة. فلغة التخاطب والتفاهم بين الشعوب بدأت مع بدايات العولمة قبل خمسة قرون، مع مغامرة الشراع واكتشاف البوصلة، والأرض الجديدة وكريستوف كولومبوس وصولا إلى الثورة الصناعية فالأقمار الصناعية".

وأوضح انه "في أحد تقارير الاونيسكو حول حيوية اللغات وتعرضها للاندثار، اشارت إلى أن 2500 لغة في العالم قد انقرضت - أو على الطريق - من اصل ستة الاف لغة ولهجة يتحدث بها البشر، وأن اندثار اللغة مرتبط بمدى عدم استعمالها كتابة ونطقا، أو بسبب ظروف خارجية كالاستعمار والاحتلال أو إبادة السكان الأصليين في بلد ما. (مثال: تسعون لغة انقرضت في أستراليا من اصل 250، كما اندثر 80% من أصل 175 لغة للهنود الحمر في الولايات المتحدة الأميركية".

وأشار عريجي الى "ان عولمة الاقتصاد والتواصل تفرض على سكان الأرض سلطان اللغة الإنكليزية. من عبر دروس التاريخ حتى اليوم، كل حضارة متفوقة تفرض لغتها، وفي المجالات كافة. كلمات نيل ارمسترونغ في العام 1969 من على سطح القمر، متوجها إلى سائر البشر، لم تكن بالعربية أو الفرنسية. خاطب سكان الأرض-ومن فوق - باللغة الإنكليزية".

وقال: "اذا كنا نخشى على لغتنا، فلأن مجتمعاتنا العربية ليست رائدة ولا منتجة وليست متفوقة. نحن غارقون في التلقي ومكتفون بالدور الاستهلاكي. أجيالنا الجديدة تعيش وتمارس وتتلقى لغة غريبة - بالمبدأ - عن بيئاتها وحضاراتها، وتتماهى في صلب اللغة المهيمنة بفعل التواصل الاجتماعي، وما ينتج عنه من تغريب بحكم الحتمية، مصطلحات وتعابير وملبسا ومأكلا وبرامج تربوية ومن على شاشات التلفزة والسينما وسواها وسلوكا اجتماعيا. هذه الحقائق لا تعفينا من مسؤولياتنا المباشرة في تدمير اللغة العربية. فإعلامنا يلعب دورا سلبيا في هذا المجال بتغييبه البرامج الثقافية، واعتماد مقدمي البرامج لغة هجينة، تختلط فيها اللغات العربية - الفرنسية - الإنكليزية وسواها، ما يخلق ازدواجيات خطيرة في لغة التخاطب. إضافة إلى ذلك، ضعف أداء البرامج المدرسية وغياب الاختصاصات الجامعية باللغة العربية، وسبات المجامع اللغوية العربية والمؤسسات الفكرية في العالم العربي".

اضاف: "اذا كانت حتمية التاريخ علمتنا أن حضارة تتفوق تفرض لغتها وسلوكها، فهمنا كيف ماتت اللغات السامية والكنعانية والفينيقية، وكيف تفرغ من اللاتينية التي اندثرت، لغات أوروبية، فرنسية وإسبانية وإيطالية وسواها. واذا كانت الإنكليزية عولمت الشعوب قرنا من الزمن، ربما غدا يأتي دور اللغة الصينية".

واكد عريجي ان "خوفنا على لغتنا مبرر ولا يكفي التذمر والقلق، فبعض أسبابه خارج عن إرادتنا، أما الأسباب الداخلية فلن يعفينا التاريخ من مسؤولياتنا والأخطاء في ضياع هويتنا واللغة".

وختم موجها تحية تقدير للنائب جنبلاط، راعي هذا المؤتمر، "الذي عودنا التطلع إلى القضايا الفكرية والى دعمه المشاريع والمبادرات الفنية والثقافية. كل الشكر لمفوضية الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي لهذا المجهود. التحية أيضا لجميع المشاركين في حلقات هذا المؤتمر، أتمنى لكم كل التوفيق".

والقى العريضي كلمة النائب جنبلاط، قال فيها:"يشرفني ان اكون بينكم ممثلا لوليد جنبلاط في اللقاء المهم في هذه المرحلة، واشكركم انتم النخبة من علماء وفقهاء اللغة العربية والمهتمين بها والمتابعين. واسمحوا لي ان اشكر مفوضية الثقافة في الحزب على مبادرتها بالدعوة لهذا اللقاء في اليوم العالمي للغة الذي اطلقته اليونيسكو بالرغم من كل المراحل الصعبة التي تمر بها المنطقة".

واضاف: "ان مفوضية الثقافة دخلت هذه المهمة الصعبة لتتحدث عن حماية اللغة في عالم صورته مهزوزة بسبب تراكمات ما يجري لعقود من الزمن، لكن هذه المفوضية هي جزء من هذا الحزب الذي هو حزب العروبة والعربية. لغتنا لغة التواصل، والمفوضية حددت محاور مهمة لمناقشتها وأتمنى ان نصل الى اقتراحات وخطط عمل تعمم على الجامعات والمدارس ولا سيما انه سيكون هناك لقاء في الشوف الاحد مقبل".

وختم: "ان اللغة والهوية، محور الانتماء والتواصل، والمهمة الصعبة هي في ان نحمي اللغة. امامنا تحديات كبيرة، ليس فقط الحزب التقدمي الاشتراكي، بل جميعنا"، داعيا الى "التكاتف والدعوة الى مثل هذا المؤتمر والدفاع عن قيمنا. فاللغة العربية لغة العقل والحكمة والمعرفة والتسامح والاخلاق وليست لغة استعباد او ظلامية نظامات، هي لغة المثقفين والرسالات السماوية التي انطلقت من هذه المنطقة".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة