المحلية

placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام
السبت 21 كانون الثاني 2017 - 19:22 الوكالة الوطنية للاعلام
placeholder

الوكالة الوطنية للاعلام

مطر في ذكرى حبيقة: وطننا بات يفرض نفسه كحاجة

مطر في ذكرى حبيقة: وطننا بات يفرض نفسه كحاجة

أحيت عائلة الوزير والنائب السابق الشهيد إيلي حبيقة الذكرى الخامسة عشرة لاغتياله ورفاقه، في قداس ترأسه رئيس أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وحضره الى عائلة الشهيد، طوني فرنجية ممثلا رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب حكمت ديب، السيدة مارلين حردان ممثلة النائب اسعد حردان، ممثلون عن وزراء المالية، العدل والاشغال، الوزير السابق كريم بقرادوني، القائد السابق ل"القوات اللبنانية" فؤاد ابو ناضر، القائد السابق للدرك العميد صلاح جبران، وفد من "التجمع لأجل لبنان" برئاسة أمينه العام مسعود الأشقر ورؤساء بلديات من بلدات قضاءي بعبدا والمتن وقيادات سابقة في حزبي "الكتائب اللبنانية" و"القوات اللبنانية" ومحازبون من "حزب الوعد" وشخصيات.

وقد ألقى مطر عظة قال فيها: "نقيم هذا القداس الإلهي في الذكرى الخامسة عشرة لغياب وجه الوزير إيلي حبيقه ورفاقه الأعزاء فارس سويدان وديمتري عجرم ووليد الزين. ونرفع الصلاة معا لراحة أنفسهم وقد سقطوا بيد الإجرام المتعمد والإرهاب الذي كان يخطط لعودته إلى الساحات في لبنان وفي المحيط العربي، فيما حبر الطائف لم يكن بعد قد جف ولا الوعود السلامية قد تحققت على إثر فتنة قتالة هزت منا الكيان وهددت بسقوط هيكل الوطن على رؤوس أهله أجمعين. وإذ نحمد الله على أننا في لبنان قد بتنا اليوم ننعم بالهدوء الأمني، إلا أننا نبقى متوجسين من جراء الحروب المفزعة التي تستعر نارها في بعض الدول من حولنا وتجلب لأبنائها المآسي بما لا يتصوره عقل ولا يقبل به ضمير".

أضاف: "كل هذه المحن التي ذقنا مرارتها حتى الثمالة قد عصفت في ديارنا وما زالت تعصف بفعل اختيار العنف الهدام وسيلة لتحقيق غايات سياسية ولفرض الذات على الآخر، إما بتطويعه وإما بمحاولة شطبه من الوجود. هذا والله قد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ودعا الناس إلى إقامة أخوة صادقة في ما بينهم بفضل الكلمة الحلوة والحوار الذي يقرب كل المسافات. وبهذا الروح دعا قداسة البابا فرنسيس في النداء الذي وجهه إلى العالم في مناسبة يوم السلام العالمي في مطلع السنة الجديدة، إلى اعتناق اللاعنف وسيلة لبنيان المستقبل ولخلق فرص أمام الإنسانية لتنقذ نفسها وتجد لها سبيلا آمنا نحو الحياة. فهل أقنعنا نفوسنا بعدم جدوى القتال والتقاتل، وبضرورة تبني لغة الحوار وتغليب النزعة إلى المحبة دون سواها؟ يقول قائل أن هذا الكلام له علاقة مع الأخلاق أكثر مما يرتبط بواقع السياسة. ولكن من قال أن دائرة الأخلاق لا تقاطع لها مع دائرة السياسة ومن ادعى حقا بأن السياسة يجب أن تمارس أو أن تستقيم بلا أخلاق؟

ليس لنا أن ندين الناس الذين قد تفرض الحروب عليهم فرضا. لكننا نستمر في القول بأن الحرب سيئة وبأنها لم تحل يوما مشكلة بل هي تولد في استعارها مزيدا من المشاكل. لذلك فإننا لا نحمل شخصا واحدا مسؤولية اندلاع الحرب الأخيرة في لبنان. وإن ذكرنا الوزير إيلي حبيقة في هذه الحقبة فكلنا يعرف أنه كان يخص جيلا من الشباب دخل معترك القتال دون أن تكون له فيها إرادة خاصة. بل هو تحمس مع المتحمسين لقضية ناضل من أجلها.

ومع الأيام، رأى البلاد تتخبط في بحر من المآسي كما رأى الأعمار تنزف والطاقات تهدر والأفق ينغلق أمام الوطن بفعل غيوم دكناء. وإنه يسجل لهذا الرجل الذي عرف الحرب وويلاتها أنه ما لبث أن حاول الخروج منها لا بل إخراج البلاد عبر مفاوضات لم يوفق فيها كل التوفيق ولا هي جاءت قادرة على وضع حد للعنف الذي غرقت في مستنقعه البلاد وكادت أن تتلاشى. وعندما تجمعت الإرادات في داخل لبنان وخارجه توصل القيمون على الوضع العام إلى تفاهم دعي باتفاق الطائف وأعطيت للبلاد فرصة في أن تسترجع أنفاسها. فدخلت يومها فعلا في مرحلة جديدة من السلام الوطني وأطلقت فيها المواعيد بالخلاص النهائي من المحن التي اكتوينا بها على أكثر من عقد ونصف من الزمن".

وتابع: "في هذه الأجواء الجديدة دعي الوزير إيلي حبيقة إلى المشاركة في الحكم، فأظهر في نطاق مسؤولياته قدرة عالية على حمل المسؤوليات والدفاع عن الحقوق، ومن المهم التذكير بأن هذا الوزير الشاب قد أمن للبلاد طاقة الكهرباء على جميع أراضي الوطن، وذلك على الرغم من الأوضاع المالية الصعبة التي سادت في تلك الحقبة، فأثبت أن العزم إذا كان كبيرا يستطيع أن يقلب الضعف قوة والقدرات المحدودة آمالا بغير حدود.

لكن يد الإرهاب المجرم وضعت حدا لهذه التجربة الناجحة كما حاولت أن تعيد البلاد إلى سوء حالها من جديد. وبالحقيقة نقول أننا ما زلنا إلى اليوم نحيا في لبنان إجماعا كبيرا على التمسك باتفاق الطائف والتأكيد على ضرورة هذا الاتفاق لنسير بالحياة الوطنية قدما نحو الأفضل.

ولكننا من جهة ثانية نستمر في إثارة الشكوك بعضنا حيال بعض، ونغوص في تفسيرات متعددة لبنود هذا الاتفاق كما بخلق أجواء تتناقض فيها الإرادات وتحول دون اتخاذنا القرار الموحد لتطبيقه. وكأننا نعلق مسيرة لبنان نحو التقدم وذلك في وقت يتطلع الناس فيه إلى هذا الوطن الرسالة الذي بات يفرض نفسه كحاجة للمنطقة وكرمز واعد لمصالحة أبنائها في ما بينهم على غرار ما قمنا به نحن يوم خرجنا من الحرب وجنحنا إلى السلام. إن هذا الموقف المتردد للبنانيين في دفع بلدهم نحو الحياة لهو جريمة بحق الوطن أولا وبحق سلام المنطقة التي نتوق إليه ثانيا مع جميع أهلها وأبنائها الطيبين".

وأردف: "على أننا في هذا الظرف بالذات، ومع طلوع عهد جديد في لبنان يتمثل بانتخاب رئيس كبير بشخص فخامة العماد ميشال عون حفظه الله، بتنا نجد أنفسنا أمام فرصة يجب ألا تفوت لإعادة لبنان إلى خارطة الدول القادرة على صنع مصيرها وعلى الإسهام في مصير المجتمع الإنساني على غير صعيد. فالإجماع الذي جرى حول شخص الرئيس المنتخب لم يكن إجماعا ظرفيا بل كان حقيقة دامغة من أجل لبنان.

فأثبت الوطن بذلك أنه قادر على أن يوحد أبناءه وعلى جعل إرادتهم تأتلف لصونه ولحمل رسالته بفخر أمام الله والناس. فيا أيها المحبون لهذا الوطن توحدوا من أجله وتوكلوا على ربكم فجميعكم للوطن مخلصون. وسوف تجدون عن ذلك الإخلاص براهين دامغة إذا ما تباحثتم في أموركم بصدق الشركاء الحقيقيين. عند ذاك تشرق على أيامكم شمس الوطنية الدافئة لتملأ أرضكم خضرة وبيتكم خيرات وفيرة من عطاءات الأرض وأنعام السماء.

لا تدعوا هذه الفرصة الجديدة تفوتكم كما فاتت من قبل فرص عديدة. بل صلوا على شهداء وطنكم أجمعين ومنهم الذين نصلي اليوم من أجلهم ليكون موتهم حياة وفداء للبنان الحياة. وإننا جميعا لمدعوون للصلاة باستمرار من أجل إيقاف الحروب وويلاتها عند الأشقاء في سوريا والعراق واليمن وليبيا وسواها من البلدان المتعثرة في وحدتها وفي صفاء عيشها الوطني والإنساني معا. وادعوا إخوانكم هؤلاء إلى نبذ العنف كما صنعتم أنتم عندما خلفتم الحرب من ورائكم إلى غير رجعة.

واسعوا معهم إلى التصافي من جديد، فمنطق الغالب والمغلوب لا مكانة له بين الأخوة وهو غير نافع حتى مع الأعداء لأن الغالب اليوم مغلوب غدا ولأن هذه الحلقة الجهنمية من القتل والقتال لا خروج للعالم منها إلا بكسرها وإزالتها من الوجود".

وختم مطر: "ليرحم الله وزيرنا الشاب إيلي حبيقة ورفاقه، فهم جميعا من طينة لبنان ومن لحمه وعظامه. وعلى هذا الرجاء نتقدم بالتعزيات الحارة من عائلته العزيزة فردا فردا، ومن رفاقه ومحازبيه ومن جميع الذين يذكرونه بأخوة ووفاء، راجين أن يتلاشى الإرهاب من العقول والقلوب فيغيب عندها من الساحات غيابا أكيدا، وأن نقدر جميعا رحمة الله لكل منا دون استثناء. ولينزل إلهنا الرحيم في قلوبنا هذه العاطفة الإنقاذية لنصبح نحن على صورته ومثاله رحومين بعضنا تجاه بعض فتسود المصالحة في كل الصفوف. وليذكر الله جميع أمواتكم في فسيح جنانه وليغدق عليكم في كل حين فيضا سخيا من نعمه وبركاته. آمين".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة