تعيش الساحة الدرزية حالة انقسام سياسي على خلفية قانون الإنتخاب، بحيث يواجه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط قانون النسبية، وكذلك المختلط، الذي سبق ومشى به إلى جانب «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، في حين أن القيادات الدرزية المقرّبة من قوى 8 آذار، تخوض معركة مواجهة قانون الستين وترى أن الفرصة مناسبة لنزع آحادية التمثيل الدرزي عن زعيم المختارة، وخصوصاً أن غالبية المناطق الدرزية بدأت تعبّر عن استيائها لغياب الخدمات وعدم تسجيل أي بصمات إنمائية وتنموية طوال فترة وجود نواب جنبلاط الدروز في المجلس النيابي، وهذا حتى ما يشير إليه مناصروه ومحازبوه.
فعلى الصعيد الجنبلاطي، فإن رئيس الحزب التقدمي، بدأ يشعر بخسارته للقب «بيضة القبّان»، وبات هامش مناوراته السياسية محصوراً بتصعيد سياسي ألمح إليه النائب أكرم شهيّب بعد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، إضافة إلى ما ينقل من معلومات عن أحد نواب «اللقاء الديمقراطي» المستائين من الحلفاء الذين انخرطوا في لقاءات رباعية مهمّشين دورهم، ويسأل هذا النائب عن كلام أطلقه النائب جورج عدوان بما معناه أن قانون الإنتخاب سيكون جاهزاً بعد أسبوعين، وذلك بخلاف ما سمعوه في معراب من كلام تطميني ودعم للنائب جنبلاط في معركته في وجه المحاولات الجارية لإقصائه. ولا يخفي حصول وجهات نظر متطابقة مع حزب الكتائب وتيار «المردة»، لا سيما أن ما قاله وزير الأشغال يوسف فنيانوس إنما يصبّ في هذا المنحى.
ويضيف النائب نفسه، مؤكداً أن التصعيد السياسي وارد من خلال الأطر الديمقراطية، ولكن تحريك الشارع مستبعد ودونه محاذير، ونحن عبّرنا منذ أيام عن أسفنا لما طرحه البعض عن إمكانية اللجوء إلى الشارع.
ويلفت إلى أن جنبلاط سيسير في معركته حتى النهاية، وهناك سلسلة خطوات مدروسة سيسلكها «اللقاء الديمقراطي» في مواجهة النسبية والقوانين الإلغائية التي تطبخ بمعزل عن موافقة البعض من القوى السياسية التي لها تاريخها وحضورها، أو دعوتها للمشاركة في هذه اللقاءات، مستبعداً معاودة طاولة الحوار لأنه فات الأوان لأي حوار على غرار حوارات عين التينة التي كنا نطالب بها وندعمها، وسبق لنا اننا ابدينا أسفنا لغياب البعض عنها. من هذا المنطلق، نحن دعاة حوار ولكن أي عملية تهميش لنا ينمّ عن نوايا مبيّتة فاحت رائحتها عبر نشوة البعض من الثنائيات والثلاثيات والرباعيات، حيث ذهب البعض بعيداً في قراءة الواقع السياسي التاريخي لزعامات لها جذورها ودورها وموقعها ولطوائف مؤسّسة للكيان اللبناني.
في موازاة الحراك الجنبلاطي، تبرز مواقف وتحركات من القيادات الدرزية المناهضة للموقف الجنبلاطي، ولا سيما من رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب، الذي ترى أوساطه أن حقوق الدروز ومكتسباتهم وتنمية مناطقهم لا تأتي بقانون إنتخابي، وخصوصاً قانون ألـ60، حيث تطرح تساؤلات عما اكتسبه وجناه الدروز منذ العام 1992 وحتى اليوم من ممثليهم في الندوة النيابية، فهل أتى قانون ألـ60 بالمعامل والمصانع والوظائف والمستشفيات لطائفة الموحدين الدروز، وتؤكد الأوساط بأن معارضة ألـ60 ومواقف وهاب، إنما هي سياسية وذات منحى ديمقراطي وهو ضنين أكثر من سواه على مصلحة الدروز وحقوقهم، وحيث وحدة الجبل واستقراره ومصالح أبنائه خط أحمر، بمعزل عن التباينات والخلافات السياسية مهما بلغ حجمها.
وأيضاً، وفي سياق المعارضة الدرزية من محور 8 آذار لجنبلاط، يلاحظ أن وزير المهجرين طلال إرسلان مصرّ على رفض الستين في ظل معارضة «ناعمة» لجنبلاط، وحيث التواصل بينهما وفق مصادر الطرفين مستمر، وبالتالي فإن موقعه النيابي محفوظ في عاليه. من هذا المنطلق، يستبعد بأن يخوض إرسلان مواجهة عنيفة أو حتى إطلاقه أي تغريدة لـ»زكزكة» سيد المختارة، تحسّباً لبقاء الستين، وبالتالي استمرار التواصل بينهما والقائم منذ 7 أيار العام 2008 وحتى اليوم.
وأخيراً، علم أن رئيس «اللقاء الديمقراطي» بصدد مواصلة تغريداته التي تحمل إشارات عما يكتنزه من قلق وهواجس، وبالتالي إيصال رسائل للمعنيين، باعتباره لا يريد الدخول في معارك سياسية على غرار ما كان يقوم به في فترات سابقة، نظراً لجملة ظروف داخلية وإقليمية. فعلى الصعيد المحلي هناك تفاهم معراب، والثنائية الشيعية، وعلى الصعيد الدرزي، وعلى الرغم من أنه لا يزال الأقوى داخل طائفته، لكنه لم يعد بمقدوره كما السابق تحريك الشارع الدرزي، ولا سيما من أجل قانون انتخابي لا يراه الدروز محطة تستحق النزول إلى الشارع أو التظاهر في ظل أوضاع إجتماعية صعبة، كذلك على المستوى الإقليمي، يظهر بوضوح غياب انتقاداته وحملاته على النظام السوري كونه يقرأ الموقف الإقليمي، وتحديداً الدور الروسي تجاه النظام السوري، إلى وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، بمعنى غياب الحديث الداعم له على المستويين الإقليمي والدولي كما كانت الحال في مراحل سابقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News