أقام الوزير السابق فيصل كرامي حفل عشاء على شرف وفد فرنسي من محافظة الالزاس الذي يزور طرابلس بدعوة من كرامي منذ يوم اول امس ويغادر لبنان صباح الجمعة، في مطعم "الشاطئ الفضي" في الميناء.
وقال كرامي: "يسعدني أن أرحب بكم في طرابلس، مثمنا تلبيتكم الطيبة لهذه الدعوة في اطار توثيق علاقات التشاور والتعاون بيننا، في كل ما يعود بالخير على بلدينا وشعبينا، لا سيما ونحن نتشاطر بحرا وشمسا ومصائر مشتركة، أرادتها لنا الطبيعة، وكرسها التاريخ، وتغذيها اليوم الصداقة العميقة التي تربط بين اللبنانيين والفرنسيين. نحن أيها الأعزاء من المؤمنين بتكاملية وحتمية العلاقة بين الشرق والغرب، فالشرق مختبر الفكر البشري، والغرب مصنع القوة الآلية. الشرق اتصال بالشمس والنجوم، والغرب تفعيل للطاقة، يصيب حينا، وينحرف أحيانا. الشرق مجد الذكاء الأنساني، والغرب سلطان الذكاء الأصطناعي. ونحن نلتقي أيها الأعزاء على أهداف انسانية واحدة وان اختلفت الجسور التي يعتمدها كل منا للوصول الى هذه الأهداف.
المفارقة اليوم أننا نتقاسم خيبات واحدة تجاه هذه الأهداف، فواقعنا في الشرق والغرب لا يشبه عقائدنا وقيمنا والمبادىء التي نادت بها الثورات العظيمة في تاريخنا. لقد أعلنت الأديان السماوية التي خرجت من الشرق، والثورات الكبرى التي أسست للحضارة الغربية، البشر مخلوقين متساوين، وفي حقيقة الأمر، وبعد قرون على اختبار صدقية القيم العظيمة التي حملتها هذه العقائد والثورات، فأن البشر اليوم ليسوا متساوين سوى في التعاسة!".
أضاف: "إن البؤرة الوحيدة التي تتيح لنمو التخلف والهمجية والأرهاب ضمنا، هي انعدام العدالة، هي غياب العدالة، هي السكوت عن الظلم، هي ازدواجية المعايير السياسية والأخلاقية في المجتمع الدولي تجاه القضايا العادلة".
وتابع: "إن أبشع ما وصلنا اليه اليوم، هو التهديد الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق، والتهديد الذي يتعرض له المسلمون في الغرب. لا شك أن المسيحيين متجذرين في هذا الشرق، في سوريا وفلسطين ولبنان والعراق ومصر وكثير من البلدان، لكن طغيان ثقافة التطرف المتنامية منذ زرع اسرائيل كدولة دينية في أرض فلسطين، كفيل بالقضاء على الجذور وعلى التنوع وعلى العيش الواحد. وأتت بعض الأصوات المخيفة في الغرب ضد المسلمين لكي تزيد مخاوفنا على شرقنا وعلى تنوعه وعلى المسيحيين فيه. أنا أعرف أنني أقول كلاما كبيرا ربما لا يهتم له سيد البيت الأبيض الذي يعتبر رمز السلطة الكبرى في الغرب، لكنني لا أقول ما أقوله الا لأن الخوف كبير، والمسؤوليات الملقاة علينا جميعا، في كل مواقعنا كبيرة وتاريخية. نحن اليوم جميعا نتعرض لهجمة ارهابية غير مسبوقة، لعلها أخطر ما شهدته البشرية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي هجمة لا توفر أحدا ولا تستثني بلدا، وعنوانها الأبرز هو التطرف الديني والذي يرد عليه الغرب للأسف بتطرف عنصري، لدرجة يمكن القول أن شعبية الفكر الفاشي صارت في الصدارة في كل المجتمعات".
وتناول الى الشأن اللبناني، فقال: "سأتطرق سريعا الى أمرين: الأول هو أزمة النازحين السوريين التي فرضت على لبنان الجار والشقيق أن يستقبل عددا من النازحين يوازي عدد سكانه، وهو واجب لا نمن فيه على الأخوة السوريين، ولكن لا يعني ذلك أن نتجاهل تبعات هذا الواقع على بلد منهك اقتصاديا فضلا عن مشاكله السياسية العميقة. وهنا لا أخفي عليكم عتبنا الكبير على دول الأتحاد الأوروبي ومنها فرنسا، اذ كنا ولا زلنا نرى أن أوروبا لم تساعد لبنان بالمستوى المطلوب والمتوقع منها في ملف النازحين، وأنا هنا أتحدث تحديدا من منطلق سياسي وأمني وانساني، ويقيني أن القيمين على الأمور في اوروبا والدارسين العارفين في التأثيرات الجيوسياسية، يدركون أن مثل هذه الأزمة لا تنحصر في الجغرافيا اللبنانية، وأن هذا البحر الذي نراه الآن أمامنا هو قدرنا نحن وأوروبا، وفيه خلاصنا وفيه أيضا هلاكنا. الأمر اللبناني الثاني الذي يجدر أن أشير اليه سريعا، هو عجزنا كلبنانيين عن التوافق على قانون جديد للأنتخابات النيابية. وبما أن دستورنا نسخناه عام 1926 عن دستور احدى الجمهوريات في فرنسا، فلا بأس أن أناشد الأصدقاء الفرنسيين بإطلاع نواب الأمة في لبنان على التعديلات التي أجروها خلال 90 سنة على دستورهم، وعلى أحدث قانون انتخابات يتبعونه اليوم".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News