في وقت يترقب اللبنانيون تطورات يُقال أنها «بارزة» على الخطين الانتخابي من جهة، والموازنة العامة للدولة من جهة ثانية، طفا إلى واجهة المشهد السياسي اللبناني مرة جديدة ملفُ السلاح غير الشرعي المنتشر على الأراضي اللبنانية، وفجر الكلام الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في شأن «حزب الله» جدلاً واسعاً.
فغداة التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول مدى التزام لبنان بمندرجات القرار 1701، والذي حمل دعوة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون لعقد طاولة حوار توصّلا إلى إستراتيجية دفاعية تنزع أسلحة «حزب الله». بدت بكركي، وفق مصادر سياسية، تلاقي في موقفها هذا التوجه الدولي وتزيل أي لبس قد يكون شاب الموقفَ «الماروني» من السلاح، بُعيد كلام الرئيس عون عن دور سلاح «الحزب» المكمل لدور الجيش. وكان الراعي قال في مقابلة تلفزيونية «أنا مواطن، وشريكي مواطن، وأنا أعزل وهو مسلّح، وهذا شيء غير طبيعي». ولم يكن كلام البطريرك عالي السقف في مسألة السلاح فحسب، بل هو رأى أيضا أن «حزب الله» دخل الحرب السورية «من دون أيّ اعتبار لقرار الدولة اللبنانية بالنأي بالنفس»، وذهب إلى حد القول إنّ ذلك «أحرجَ اللبنانيين وقسّمه».
السؤال الآخر الذي يتم تداوله هل حقاً أن الاتجاه كان إلى إصدار مجلس المطارنة الموارنة نداء في اجتماعه الأخير مطلع هذا الشهر حول سلاح الحزب، قبل أن يتم الاتفاق على أن يقتصر الموقف على تصريح (تلفزيوني) للراعي؟. وكما هو معروف فإن مجلس المطارنة برئاسة البطريرك يطلق نداءات عند الانعطافات الكبرى أو عند الأزمات الكبرى.
لا تعليق من «حزب الله» لكن القوى والأحزاب القريبة منه تتحدث عن أنه فوجئ بهذا الكلام، خصوصاً أن التواصل مستمر بينه وبين بكركي، وعلى أن مسألة السلاح تدخل في إطار الإستراتيجية الدفاعية.
مصادر سياسية تشير إلى أن البطريرك ليس من النوع الذي يطلق مواقفه عشوائياً. إنه يرصد بدقة ما يجري على الأرض السورية، حيث لا يعرف ما إذا كانت قد دقت ساعة الصفقات الكبرى أم ساعة التصفيات الكبرى.
في كل الأحوال، كان موقف الراعي صاعقاً على الساحة اللبنانية. ردات الفعل بقيت في الغرف المقفلة، لكن الاسئلة تلاحقت حتى لدى المراجع عن خلفيات وآفاق ذلك الموقف.
واشنطن تحدثت عن إقصاء «إيران ووكلائها» عن الأرض السورية. هل مشكلة لبنان هنا أم لدى عودة نحو 10 آلاف مقاتل خاضوا على مدى سنوات معارك هائلة إلى بلادهم؟
بالتأكيد، هناك جهات سياسية تعتبر أن ذهاب «حزب الله» إلى سوريا لم يكن السبب في انقسام اللبنانيين، المنقسمين دائماً حيال أي شيء.
والثابت لدى الأوساط السياسية أنه لا بد أن يكون هناك مبرر ما (وطارئ) جعل الراعي يقول ما يقوله باعتبار أنه ليس من النوع الذي يستدرج بالأسئلة إلى موقف على هذا المستوى من الحساسية.
وهذه الأوساط ترى أن البعد الدراماتيكي في المشهد الراهن أن «حزب الله»، ومع الدخول الأميركي المباشر في الحرب السورية، ومع اعتبار التصريحات التي صدرت عن مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم نيكي هالي، وما صدر عن بنيامين نتانياهو في موسكو بشأن إيران وأتباعها بات شديد التوجس من الاحتمالات.
بالتالي، كلام البطريرك المفاجئ، لابد أن يزيد في مخاوف الحزب، وعلى أساس أن الراعي لا يمكن أن يدلي بمثل ذلك الكلام لو لم يكن يستند إلى معطيات جديدة باتت بين يديه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News