المحلية

صحيفة المرصد
الاثنين 20 آذار 2017 - 21:47 صحيفة المرصد
صحيفة المرصد

الحريري: نمر بمرحلة صعبة في المنطقة

الحريري: نمر بمرحلة صعبة في المنطقة

رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مساء اليوم، حفل إفتتاح "جائزة عزم طرابلس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده"الذي نظمته "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية" و"دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية"، وذلك في قاعة مسجد محمد الأمين في وسط بيروت.

شارك في الحفل الرئيس نجيب ميقاتي،الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس تمام سلام،مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان، مفتي البقاع الشيخ خليل الميس، الوزير محمد عبد اللطيف كبارة، وزراء ونواب حاليون وسابقون، سفراء الدول العربية والاسلامية، اعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى، حشد من المشايخ والشخصيات ورؤساء البلديات والنقباء ورؤساء الجمعيات والمؤسسات الاسلامية ورابطات العائلات وممثلو القيادات الامنية.

قدم الحفل الاستاذ محمد بركات الحفل فقال: "هذه الجائزة اخذت حجما دوليا بمشاركة وفود وعلماء من 31 دولة عربية واسلامية واهمية المناسبة انها اكدت جوهر طرابلس ووجهها الانساني كمدينة جامعة لكل اللبنانيين".

ميقاتي
ثم تحدث الرئيس ميقاتي فقال: "منذ انطلقت العزم وهي تتبنى الوسطية، وهي ليست حكرا على فئة بعينها، او تنظيم او جماعة بل قاعدة شرعية التصقت بأمة الإسلام نصا وروحا، والوسطية ليست وصفا لأمر بين شيئين، هي ليست مرتبة بين الكفر والايمان، ولا بين الحق والباطل، بل هي ترفع عن كل باطل "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" التي تشهد على الناس وتقيم بينهم العدل والقسط، تتبع الفطرة بلا إفراط ولا تفريط. أمة وسط في التفكير والشعور، تعمل على الوصول الى التوازن الذي يعني الالتزام الفعلي في النهج والاداء بكل ما للكلمة من معنى".

أضاف: "ما تحاملنا على مخالف لنا، أو متميز عنا، او رافض لأسلوبنا، بل إخترنا الإقناع بالحجج، والسكوت عن الأذى والتعرض نهجا ثابتا، لأننا نؤمن بصوابية خياراتنا ، وبمبادئ الوسطية والإعتدال والتسامح. وبينت الأيام أننا لم نتنازل عن حق او ثابتة، بل عملنا على تخفيف المشقات والنكسات، وواجهنا الغلو والتطرف بصبر المؤمن وبذهنية المستوعب ومن يرغب بحماية مجتمعه من تلك الآفات".

وتوجه الى الرئيس الحريري بالقول" في حفل يعبق بالقرآن أؤكد لك أنه، لا عداوة بيننا وبين اي شريك لنا في الوطن ولن تكون بل إختلاف في المقاربات، ولعل في ذلك فائدة للبنانيين، فإختلاف الأئمة فقها رحمة للأمة، ولعل اختلاف المقاربات في السياسة أيضا دون حقد او عداوة او تنازع، هو في مصلحة الديموقراطية ومصلحة اهلنا ولبنان عامة الذي نريده وطن رسالة للعالم أجمع".

وقال: "إن تلاقينا، كمكون لبناني آمن بالعيش الواحد، وناضل من أجل تثبيت عروبة لبنان وتشبث بالمناصفة ، هو واجب علينا جميعا . أبدأ بنفسي ،وبدولتكم وبكل الأطراف الوازنة الأخرى التي تلتزم ثوابتنا، بعيدا عن اي استحقاق آني أو ظرفي، ولا ننسى الدور الوطني الكبير لدار الفتوى والجهد الذي يبذله صاحب السماحة المفتي الدكتور عبد اللطيف دريان في سعيه الدائم لتعزيز التلاقي بين الجميع مع احترام كل طرف للآخر وتقدير قيمته وكبريائه والاعتراف بخصوصياته.حسبنا في هذا الأمر أننا نستلهم نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن سبقونا في الوصل والاستيعاب، وتفهم هواجس الاخرين".

وقال" إن تشتتنا، يا دولة الرئيس، يضعنا في موقع الضعف، فيما وحدتنا تقوينا وتمنع انزلاق الوطن الى مهاوي الفتن وضياع الهوية والدستور. وما دمنا محافظين على ثوابتنا ،فلا مكان للإحباط في قاموسنا بإذن الله، فنحن كنا، وسنبقى أمام اهلنا، ندافع عن الحق، ونحمي وطننا وأرضنا ونكرس وجود لبنان وطن الرسالة والعيش الواحد بين جميع أبنائه.وما لقاؤنا اليوم في دارتكم مع اصحاب الدولة رؤساء الحكومة السابقين و بدعوة كريمة منكم الا خطوة مشكورة على الطريق الصحيح نحو مزيد من التلاقي نامل متابعتها لما فيه خير أهلنا ووطننا. صديقي سعد: رعايتك لهذا الحفل رسالة ود ولن نبادل الود الا بمثلها".

دريان
ثم تحدث مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان فقال: "لم تكن يدك يا دولة الرئيس ميقاتي يوما مغلولة، بل كانت ممدودة ومبسوطة للخير والعطاء والتواصل. يشهد لك فيها أعمالك الطيبة، ومشاريعك الخيرة على المستوى الوطني، ذات النفحة الإنسانية في مجال التربية والتعليم، والصحة والتنمية، وهذا المشروع الذي تطلقه اليوم، ما هو إلا تأكيد لما زرعت فيك عائلتك الأصيلة، أنت وأخيك طه، من نبات حسن، وتربية وقيم وأخلاق عالية، أثمرت ما أثمرت من مؤسسات رعائية واجتماعية وخيرية، وتربوية وتعليمية وصحية، كانت نصيرا وسندا للفقير، وكل ذي حاجة. وخير الثمرات كانت رضا من الله وإكراما، فأي جائزة أكرم من جائزة حفظ القرآن وتجويده، التي تأتي يا دولة الرئيس، لتتوج أعمالك الطيبة والخيرة؟

وقال "لقد أكرمنا الله تعالى بالإسلام، وهذا الإكرام يحملنا مسؤولية كبيرة، أن نكون جديرين به، أوفياء لتعاليمه ووصاياه. فالإسلام الذي جاء رحمة للعالمين، رسم لنا طريق الحق وطريق النجاح، وأوصانا أن نتبع صراطه المستقيم، وأن نهتدي بهدي القرآن الكريم.. أوصانا بالأخلاق، بالاعتدال، بنصرة الحق، وبرفع الظلم عن المظلوم، والأخذ بيد الفقير والمحتاج، وحفظ الجار، وبكل ما يرفع من شأن الإنسان، وبالابتعاد عن استعمال العنْف في التعامل مع الناس، وباللجوء إلى الحوار والكلمة الطيبة، لأن الكلمة الطيبة تبني، والكلمة الخبيثة تهدم، أوصانا بالصدق في القول وفي العمل".

أضاف "أنا أتوجه إليكم يا أصحاب الدولة، وأنتم من القيادات المشهود لها بالخلق والاعتدال، والوطنية والسيرة الحسنة الطيبة، ومن خلالكم إلى القيادات السياسية، وإلى اللبنانيين جميعا، لأقول: إنكم عندما تجتمعون، واجتماعكم مطلوب من وقت لآخر للتلاقي والتواصل، والتشاور والتناصح، فإنكم لا تجتمعون إلا لخير، ومن أجل الخير العام، وخير الشعب اللبناني بأسره. هذه تربيتكم الأصيلة، وهذا تاريخكم، وهذا ما نشأتم عليه، واستشهد رؤساء حكومات من أجل لبنان، وسعيا لإنقاذ لبنان، ووحدة لبنان، وسيادة لبنان، وعزة لبنان، وخلاص شعب لبنان، وذكراهم لا تفارق القلوب ولا الوجدان.. وهل يمكن لأي لبناني أن ينسى رياض الصلح، ورشيد كرامي، ورفيق الحريري؟"

وقال"اجتماعكم وتشاوركم يريحنا ويطمئننا، لأنكم لا تجتمعون إلا لما فيه صلاح الوطن والخير العام، ووحدة اللبنانيين وتضامنهم، وتعزيز مفهوم العيش المشترك. وأنتم تعلمون أن دار الفتوى كانت جامعة لكل المسلمين، ولكل القادة اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، على قاعدة وحدة لبنان وعروبته، وحريته واستقلاله وسيادته، ونحن على هذا النهج الوطني الجامع مصرون، وسائرون ومستمرون.. ولن يثنينا عن هذا النهج أي موقف فئوي، أو خطاب طائفي، أو دعوة للانكفاء أو التمايز، ونعلم يا دولة الرئيس سعد الحريري، أنك على نهج والدك الشهيد، الرئيس رفيق الحريري سائر ومصمم.. نهج الاعتدال والانفتاح والتواصل، والإيمان بلبنان واللبنانيين، وحريص على وحدتهم وتضامنهم وعيشهم المشترك.. وأنك لن تحيد عن الثوابت الوطنية، وستعمل وستدعو وستدافع، كما الشهيد، عن حقوق اللبنانيين، كل اللبنانيين، من دون استثناء، ونحن معك في هذا النهج، ولن نتحول إلى دعاة تجزئة وفرز، وتمايز وتصنيف.. وسنبقى حماة الوطن والشرعية والحقوق، والعدل والمساواة، أيا كانت الأوضاع والظروف.. وسنتسلح عن قدرة واقتناع، بالكلمة الطيبة، والدعوات الطيبة، متمسكين بالحوار الديمقراطي البناء، وبكل ما يجْمع ولا يفرق، مبتعدين عنْ لغة التهديد والوعيد، والانْبهار بالذات.. آخذين بفضيلة التواضع الكريم، كما علمنا القرآن الكريم، مقتدين بالحديث الشريف" من تواضع لله رفعه الله."

اضاف "نحن نعلم يا دولة الرئيس، قدرتك في التعاطي السياسي ومرونتك، وحكمتك وبعد نظرك، في مقارنة الأمور، وبخاصة، في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ونقدر حرصك الشديد في الحفاظ على الوفاق الوطني، وعدم تعريض لبنان وسلمه الأهلي لأي اهتزاز.. ويطمئننا بالمقابل تمسكك بالثوابت الوطنية، التي أكدتها وثيقة الوفاق الوطني، أي اتفاق الطائف، وجسدها الدستور في نصوصه، ولا سيما في مقدمته التي توافق عليها اللبنانيون، وشكلت لهم جوهر الاجتماع اللبناني، وفي طليعتها العيش المشترك، ووحدة لبنان وعروبته.".

وقال" نحن اللبنانيين يا دولة الرئيس، شعب واحد لا شعوب، ننتمي إلى وطن واحد، ومواطنون في دولة واحدة، نتكون من طوائف متعددة نعم، لكننا شعب واحد يا دولة الرئيس. لسنا أقليات منكفئة ومتناحرة، ننصب العداء بعضنا لبعض والبغضاء، وبالتالي، فإن كل طرح أو مشروع يحولنا إلى شعوب أو إلى دويلات طائفية، يتعارض مع هذه الثوابت والمسلمات الوطنية الجامعة، يعتبر مخالفا لاتفاق الطائف الذي ارتضاه اللبنانيون في دستورهم، ومخالفا للدستور، ومخالفا لإرادة اللبنانيين جميعا، ولن يكتب له النجاح. إننا يا دولة رئيس مجلس الوزراء، ويا أصحاب الدولة، لن ندعوكم إلا لما فيه خير اللبنانيين جميعا، وصلاح أمرهم. واعلموا، وأنا أقولها صريحة من موقعي الديني المسؤول، وأتوجه فيها، ومنْ خلالكم، إلى كل اللبنانيين: إن خير الطائفة السنية، هو ما فيه خير اللبنانيين كل اللبنانيين".

وختم "شكرا دولة الرئيس نجيب ميقاتي، صاحب الأيادي البيضاء، على دعوتك الخيرة، لإطلاق جائزة عزم طرابلس الدولية، لحفظ القرآن الكريم وتجويده. ورحم الله من رباك هذه التربية الصالحة، عزمي وسعاد، وجعل مثواهما الجنة ونعيمها".

الحريري
وفي الختام تحدث الرئيس الحريرير فقال: "وسط عواصف المتغيرات يعود الإنسان إلى الثوابت. الثوابت التي ينشأ عليها صغارنا، ويسير عليها كبارنا.

وأهم ثوابتنا هذا الدين الحنيف، بما يبعث عليه الإيمان به من أخلاق فاضلة، وتعامل حسن مع الناس، ووفاء للوطن، وخير وحب لبني البشر.

وإن من ثوابت المسلمين وعاداتهم في التربية منذ كان الإسلام، وكانت دعوة النبي عليه الصلاة والسلام: القراءة والحفظ للقرآن، والإقبال على التعبد به.

وقد عرف اللبنانيون هذه الفضيلة منذ مدة طويلة، وقامت جمعيات لحفظ القرآن والحفاظ عليه، وبيننا اليوم علماء وقراء من تلك الجمعيات.

ونحن اليوم أيضا في رحاب محمد الأمين، وفي رحاب جمعية العزم التي ضمت جهودها إلى جهود الجمعيات الأخرى ليصبح العمل على القرآن إنطلاقا من لبنان جهدا محليا ودوليا.

الدعوة القرآنية إذن هي دعوة إيمان وأخلاق. وأخلاق الإسلام والقرآن هي أخلاق الاعتدال في التفكير والسلوك. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وأول سمات أخلاق الاعتدال التواصل مع الناس، ومقابلتهم بالبشاشة والمودة، وتحويل ذلك إلى أعمال ومبادرات، تكافح القطيعة، وتكافح الجفاء، وتكافح التطرف، وتنشر الرضا والمودة. وهذا هو جوهر أخلاق القرآن الكريم.

تعالوا نقرأ معا قوله تعالى: { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}.

فالتعارف من طريق التواصل، والمعاملة الحسنة، ليس دعوة قرآنية وحسب؛ بل هو مقتضى كل رسالات السماء.

قبل أيام، قرأنا جميعا الإعلان الصادر عن الأزهر الشريف للمواطنة والعيش المشترك، وهو إعلان وجدت فيه الرسالة التي يعيشها لبنان، رسالة الإعتدال والحوار والحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين.

وإنني لأرى في هذا الإحتفال مناسبة لتوجيه التحية إلى الأزهر الشريف والدعوة إلى الإقتداء بالإعلان الذي صدر عنه وشكل قاعدة فكرية وروحية لإرادة التعايش في العالم العربي والإسلامي، ولمفهوم الدولة الوطنية، التي يجب أن تعلو وتتقدم على المفاهيم الزائفة للدول الدينية والمذهبية.

لقد اكتشفت في إعلان الأزهر روح لبنان الحقيقية، التي يجب أن تحيا في دنيا العرب، وقرأت فيه دعوة متقدمة من أحد أهم المراجع الدينية في العالم الإسلامي لتعميم ثقافة التواصل مع الآخر وإعلاء شأن المواطنة في بلداننا.

ومسجد محمد الأمين في وسط بيروت، على صورة لبنان وإعلان الأزهر، هو بدوره قاعدة اعتدال وسبيل عبادة وتواصل وتعارف.

كما أن تعليم أبنائنا القرآن هو تعليم لهم على أخلاق التعارف والتواصل. فشكرا لجمعية العزم وراعيها، دولة الرئيس نجيب ميقاتي، على هذه العادة الحميدة. وشكرا لسماحة المفتي. وشكرا لكل الحضور: حضور العبادة والأخلاق وتعليم كتاب الله، ونشر المودة بين اللبنانيين.

أنا لم أكن سأتحدث بالسياسة، ولكن بما أن سماحة المفتي دعانا إلى الحرص على وحدتنا، فإن هذا الحرص يجب أن نعمل جميعنا عليه من أجل وحدة اللبنانيين وحمايتهم. نحن في مرحلة صعبة، نمر بها في المنطقة ولكن وحدتنا كلبنانيين وكطائفة وكطوائف مجتمعة، علينا أن نتقبل الآخر وتنفهم هواجسه، وهذا هو الأساس في قيام لبنان.

لذلك أشكر سماحة المفتي، وأشكر الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس تمام سلام الذي حمل راية الصبر، كنا نقول عن الرئيس فؤاد السنيورة أنه الصبور، ولكن تبين أنك يا دولة الرئيس سلام أكثر صبرا منه. وكذلك أود أن أشكر الرئيس السنيورة الذي واكبني منذ لحظة استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، وحتى هذه اللحظة، وهو الصديق الصادق في كل المراحل".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة