ليبانون ديبايت - المحرر السياسي
أربعة أشهرٍ من الخِداع المُبرم هو ما نجحت الطبقة السّياسيّة بفرضه على الشعب اللبناني النائم في سباتٍ بعد أن غزته طبقة من الهدوء، وأضحى جسده مشبعاً من وخز الإبر المُخدّرة التي جعلت منه كتلة من دون طاقة!
"وخز الإبر" أخذ جولات مكوكيّة من الإيحاءات التي تحمل نيّة باتّفاقٍ جديد. جزء من اللاعبين انبرى نحو "رشّ" كميات التفاؤل، وآخر كان يرفع السّقف بأنّه لن يقبل بغيرِ الانتخابات، فبان زيف الجميع، ووصلنا إلى مُهلة 15 نيسان ولا قانون في اليد؛ بل إخراجة جاهزة وحاضرة لتعميد التمديد الثالث قدّيساً على مذبح الآلام.. كلّهم بلعوا طُعم التّمديد وكلّهم تذوقوه كما يشتهون على إيقاع الرقص على جسد الشّعب الميّت. ماذا جرى حتى أُخرج المشهد على هذا النحو؟ وهل حقّاً أنّه وفي ليلةٍ واحدة ركن الجميع إلى الحائط المسدود؟
تخلص مصادر عليمة لـ"ليبانون ديبايت"، إلى أنَّ "من أوصلنا إلى الحائط المسدود وحشرنا جميعنا في الزاوية هو التعنّت والمصالح المتضاربة، الخاصّة والظّرفية، ولو أنّهم سمعوا كلام الرئيس برّي وساروا بالسلة الكاملة لكنّا وفّرنا على أنفسنا هذا القطوع". وعلى الرغم من أنّ بري مُتّهم اليوم بإخراج التّمديد عبر الإيحاء بذلك للنائب نقولا فتوش "لدواعٍ تقنيّة"، تبرّئ المصادر ساحته وترمي بالاتّهام صوب "من كان يبتدع الحلول العقيمة"، في وقتٍ رمت مصادر "الحكم" السّبب على "من رفض اقتراحات الربع ساعة الأخيرة". تفسير المقصد من الاتّهامات يضيّع أكثر مما يُفيد، ويبقى أنَّ التمديد بات أمراً حكمياً.
كيف أُخرج التمديد؟
بدأت القصة حين ركن الجميع بوجوههم إلى الحائط ولم يعد في اليد حيلة. تقول مصادر عليمة إنَّ زيارة وفد حزب الله إلى قصر بعبدا حفر في جدار التمديد وثبّته، ليس من بوّابة أنَّ الحزب يريده؛ بل من بوّابة عدم وجود أيّ حلّ أو اتّفاق في ظل دهم الوقت واتّساع دائرة رفض الاقتراحات "الباسيليّة" خاصّة النّسخة الأخير. أدرك الحزب وربّما من خلفه العماد عون أنْ لا إمكانيّة لإنتاج قانونٍ في ثلاثةِ أيّام ولا في شهر حتّى، فقبلوا بتجرّع كأس السُّمّ بعد اِلتماسهم أنَّ الجميع حضّر نفسه للجرعة.
لكن ورغم ذلك سعى المجتمعون إلى توفير مناخات ربّما تنتج حلولاً في آخر ساعة تُرجم ذلك من خلال نقلات الاجتماعات المكّوكيّة بين أقطاب الساحة الرئيسة، فطار الوزير جبران باسيل إلى بيت الوسط ليل ذلك الاجتماع مبلّغاً الرئيس سعد الحريري بما دار، وعدم الوصول إلى تفاهم مع حزب الله حول "المختلط". ضرب الحريري موعداً مع عون فأعطيَ له قبل جلسة مجلس الوزراء، في حين كان باسيل في طريقه للقصر يدعو لاجتماعٍ حضره إلى جانب الوزيرين الخليل وأبي خليل والسيّد نادر الحريري والنائب علي فياض، تلاه آخر شارك فيه معاون الأمين العام لحزب الله حسين الخليل، وكان مخططاً له أن يصل إلى تفاهمٍ حول صيغتين ترسلان إلى طاولة مجلس الوزراء على أن يجري مناقشتهما وربّما التوصّل إلى شبه اتفاقٍ حول إحداهما، لكن ذلك لم يحصل.
وبدا أنَّ اجتماع "القصر" أعطى حرارةً لنقاشات الوقت الضائع، لكن العِبْرَة كانت في الخَواتيم، إذ لم يتوصّل المجتمعون إلى "صيغةٍ مقبولة" إلّا الاتّفاق على تطيير "اقتراح باسيل" إذ جرى إعدامه في الاجتماعين ولاحقاً على طاولة مجلس الوزراء وأُنتجت كبديلٍ عنه "لجنة" لبحث اقتراحٍ جديد مؤلفة من الوزراء جبران باسيل، علي حسن خليل، طلال أرسلان، جمال الجراح، أيمن شقير، حسين الحاج حسن، وبيار أبي عاصي. وكان قبل ذلك قد وفّر الرئيس برّي جوّ التمديد بعد إدراكه صعوبة استيلاد قانون قبل مهلة 15 نيسان، فوفّر هذا التاريخ وظيفة تعبيد طريق التمديد الذي استُتْبِع بالحديث الذي خرج من على لسان الرئيس عون على طاولة مجلس الوزراء مبرراً هواجس الفراغ التي فُهِمَ منها أنّها توفير ملاذ ومبررات التّمديد.
وعلى ذمّة مصادر "ليبانون ديبايت" ربّما ركن إلى خيار التمديد في الاجتماعات الثنائيّة والثلاثيّة التي عُقدت ليل الأحد – الاثنين، والاثنين - الثلاثاء وأوجدت الحاجة لتمرير التمديد ضمن هامش معارضة كحلٍّ يُنقذ من الفراغ ويفسح في المجال أمام إعطاء وقت مستقطع لإقرار قانونٍ جديد. ويبدو أنّه أوجد مخرج يتيح للتيار الوطني الحر عدم المشاركة في الجلسة التي لا يَعلم مصير ميثاقيتها إلا الله.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News