افتتحت "الرابطة الثقافية" معرض الكتاب السنوي الثالث والاربعين، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالنائب سمير الجسر، في قاعات معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس.
حضر الاحتفال الدكتور عبد الإله ميقاتي ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، سامي رضا ممثلا وزير العمل محمد كبارة، طوني ماروني ممثلا وزير الخارجية جبران باسيل، الدكتور مصطفى الحلوة ممثلا النائب محمد الصفدي، رفلي دياب ممثلا النائب سليمان فرنجية، خالد عيط ممثلا الوزير السابق اللواء أشرف ريفي،الدكتور ربيع العمري ممثلا الوزير السابق فيصل كرامي، العميد فؤاد مرعب ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون،العميد نديم عبد المسيح ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، العميد ريمون أيوب ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، العميد فادي خالد ممثلا المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، المقدم أمين فلاح ممثلا رئيس فرع مخابرات الجيش في الشمال العميد كرم مراد، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة توفيق دبوسي، ربيع جحجاح ممثلا رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، نائب رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" الدكتور كمال معوض، المنسق العام لتيار "المستقبل" في طرابلس ناصر عدرة، رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة، رئيس الرابطة الثقافية رامز فري وحشد من الهيئات المحلية والتربوية والثقافية ومهتمون وحشد من أبناء المدينة.
بعد النشيد الوطني، قدم للحفل المهندس نوري الصوفي، ثم تحدث الفري فأكد على "أهمية الثقافة ودورها وبموقع الكتاب في وعيكم كأحد أهم مقومات الثقافة، فاللقاء مع الكتاب هو نوع من قطاف نجني به ثمار الثقافة، هو تواصل مع المعرفة بأوسع معانيها وأشمل مضامينها كما هي الطريق إلى الخروج من دياجير الجهل، وظلمات التخلف".
ورأى أن "الحياة الثقافية العربية تعيش اليوم أزمة عميقة ومديدة، ولا يبدو في الأفق ما يبشر بالخروج منها، والهوية الثقافية العربية موضع تشكيك ونظر وبحث، والخطابات السياسية والعقائدية والفكرية مليئة بالأسئلة الحائرة والأجوبة المتعارضة، والنخب الثقافية العربية تتوزع شيعا وتيارات متناحرة يفتقد الكثير منها للموضوعية، إلا أن نقطتي ضعفها الرئيستين تتمثلان في غياب العقلانية والعجز عن الحوار.
ثم ألقى النائب الجسر كلمة إستهلها بالقول: "يسعدني أن التقي بكم في هذه الأمسية المباركة ممثلا لراعي الإحتفال الرئيس سعد الحريري الذي يحييكم جميعا كما يحيي الرابطة الثقافية بشخص رئيسها وجميع أعضاء الهيئة الإدارية وكل المنتسبين اليها، كما يحيي جمعكم الكريم وكل طرابلس التي هي دائما وأبدا في منزلة القلب عنده".
وأضاف: "إن هذه الإحتفالية، التي دأبت الرابطة الثقافية على إقامتها منذ أكثر من نصف قرن بالرغم من كل الصعاب التي مرت على الوطن وعلى المدينة، إنما تعكس أمرين: الأول هو إرادة الحياة عند أهل المدينة التي تتحدى الموت وتتحدى كل الصعاب وتؤكد على أن العمل يجب أن يستمر حتى قيام الساعة وكما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن إستطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل". والأمر الثاني هو التأكيد على هوية المدينة التي عرفت عبر التاريخ بأنها مدينة العلم والعلماء، والعلم لا يكون الا بكتاب وبقراءة".
وتساءل "أين نحن الآن من الكتاب والقراءة؟ إن مؤشرات القراءة في الوطن العربي مرعبة وقد يعود ذلك الى أنه يوجد حتى هذا التاريخ سبعون مليون أمي وإن من بعض أسباب ضعف القراءة في العالم العربي الوضع الإقتصادي المتدهور وترك الدراسة في وقت مبكر (التسرب المدرسي)، والناس الذين لا يجدون لقمة يومهم يعتبرون لقمة الخبز أهم من الحرف، فمتوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويا وذلك بحسب نتائج خلصت اليها لجنة تتابع شؤون النشر تابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، ويعتبر هذا المعدل منخفضا ومتراجعا عن السنوات الماضية".
وتابع: "في العام 2003 وبحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو كان كل 80 عربيا يقرأ كتابا واحدا، بينما كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابا في السنة والمواطن الإسرائيلي يقرأ 40 كتابا في السنة، ورغم الفارق الكبير في نصيب القراءة للمواطن العربي مقارنة بالأوروبي الا أنه يعتبر أفضل من الوقت الحالي، حيث تراجع الى ربع صفحة فقط، وهو معدل كارثي".
وقال: "أما عن الكتاب وبحسب تقرير التنمية الثقافية الذي أصدرته منظمة اليونيسكو، فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنويا في العالم العربي لا يتجاوز 5000 عنوان. أما في أميركا على سبيل المثال فيصدر سنويا نحو 300000 كتاب. وإذا إنتقلنا الى عدد النسخ المطبوعة عن كل كتاب عربي نجد إتساع الهوة فالكتاب العربي لا يطبع منه الا الف أو الفان، في حالات نادرة تصل الى خمسة الاف، بينما تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب في الغرب 50 ألف نسخة وقد يصل الى أكثر من هذا العدد".
وأشار الى انه "في لبنان، يبدو أن نسبة القراءة الى تحسن بالنسبة الى باقي العالم العربي، فقد تصدر لبنان "مؤشر القراءة العربي" الذي عرض خلال الدورة الثالثة من قمة المعرفة التي أقيمت في دبي تحت شعار "المعرفة: الحاضر والمستقبل" وإرتكز المؤشر على مسح ميداني شمل 148 ألف شخص من مختلف الدول المشاركة، وحلت مصر ثانية والمغرب ثالثة والإمارات العربية رابعة والأردن خامسة. أما ماذا يقرأ اللبنانيون؟ يتبين من الدراسة أن القراءة الإلكترونية تتفوق على القراءة الورقية (كما مجمل الدول العربية). فمتوسط قراءة اللبناني 59 ساعة بلغ عدد ساعات القراءة الورقية 27 ساعة والإلكترونية 32 ساعة وهو ما يدفع لتقييم المادة المقروءة الكترونيا، نعم هذا ما آلت اليه أمة "إقرأ".
وقال: "إن كنت قد أشرت في هذه الكلمة الى واقع الكتاب وواقع القراءة في العالم العربي فإنما لأدق ناقوس الخطر، لأن القراءة هي أصل المعرفة وأصل العلم، فالمعرفة تدون والعلم يدون ولا ينتقل الينا الا من خلال القراءة ومن خلال الكتاب، وإن هذه الأرقام الكارثية يجب الا تدفعنا الى اليأس بل الى العمل، فما من مشكلة في الكون الا ولها حل، من ضمن الحلول تشجيع الناشئة على القراءة، ولدى قراءتي للأنشطة التي تقيمونها لفتني نشاط "توزيع جوائز ربيع المطالعة بالتعاون مع الإتحاد العربي للمرأة المتخصصة". وهذه بداية طيبة وجيدة ومشكورة وإن كانت غير كافية لكنها ولا شك بمثابة إضاءة شمعة في عتمة الثقافة التي تلفنا".
أضاف: "لأنكم أنتم المبادرون ولأنكم المشكورون وأنتم الأكثر تأهيلا أتمنى عليكم أن تطلقوا ورشة عمل حول مشكلة القراءة والكتاب وسبل معالجتها وعلى أن تكون هناك ورشة متابعة في كل معرض سنوي تقيمونه وتكون من أنشطة المعرض الرئيسية، نعم نحن بحاجة لإعادة النظر في كل شيء، وخاصة في مناهج التدريس التي يجب أن تتضمن برنامجا لحمل التلاميذ على القراءة كجزء من المنهج في كل مراحل التدريس وعلى أن تكون مكافأة القراءة مضاعفة في مجموع العلامات، فالقراءة قبل كل شيء هي تعود، ولا بد من نشر فضيلة القراءة وإبرازها، فالقراءة ليس من المفروض أن تكون هواية بل هي ضرورة، هي ضرورة وظيفية لمن يقرأ في صلب تخصصه وعمله وهي ضرورة تطويرية من خلال قراءة ما يصقل الشخصية ويصقل المواهب، وهي ضرورة ثقافية ومعرفية كالقراءة العامة للمعرفة والإطلاع وزيادة المخزون الثقافي، وهي ضرورة ترويحية فيها إيناس للنفس من خلال قراءة النوادر والحكايات والأعاجيب، هي ضرورة واقعية بالتفاعل مع الواقع ومستجداته. والى جانب تعديل المناهج أتمنى على كل المراكز الثقافية وأنتم في مقدمها أن تنشأ الجوائز المحفزة على القراءة في كل مراحل التعلم وأن تكثر من الندوات حول مناقشة كتاب بل أن ينشأ كل منها في كنفه "نادي للكتاب".
وتابع: "مع كل هذه العتمة التي أشرت اليها، لا يسعني الا أن أتفاءل طالما أن هناك أناسا أمثالكم يرعون الكتاب والقراءة، لقد إطلعت على مشروع "تحدي القراءة العربي" الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي، وهو مشروع مدعاة للفخر والأمل ويقوم المشروع على تشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة خمسين مليون كتاب خلال عام دراسي، ويأخذ التحدي شكل منافسة للقراءة باللغة العربية يشارك فيها الطلبة من الصف الأول الإبتدائي وحتى الصف الثاني عشر من المدارس المشاركة عبر العالم العربي".
وأوضح ان "هذا التحدي يهدف الى تنمية حب القراءة لدى جيل الأطفال والشباب في العالم العربي، كما يهدف التحدي الى فتح الباب أمام الميدان التعليمي والآباء والأمهات في العالم العربي للمساهمة في تحقيق هذه الغاية. أعتقد أن إيصال هذه المعلومة الى كل المدارس في طرابلس وبالذات الى المدارس الرسمية للإشتراك في التحدي يشكل خطوة مميزة على درب التشجيع على القراءة من دون أن نغفل دورنا ومسؤوليتنا خاصة كمسؤولين وكتربويين وكمثقفين تجاه مدينتنا وأبنائنا".
وختم: "إن القراءة مدخل الى الثقافة، والثقافة مدخل للاطلاع على إبداع الآخرين وفكرهم والتعلم منهم وتفهمهم، وما أحوجنا في لبنان الى معين ثقافي بقدر ما يوسع مداركنا يوسع صدورنا على تفهم الآخرين وتقبلهم، إن الوطن يتسع للجميع وهو ملك للجميع ، ولا ينهض إلا بهمة الجميع، علينا جميعا أن نتقي الله في هذا الوطن، وأن نحول دون إحداث أي فراغ جديد في أي من مؤسسات الحكم. إن بعض التنازل القليل من كل الأفرقاء السياسيين ينقذ البلد من أزمات الحكم والسياسة ويفتح الباب أمام إعادة تكوين السلطة من خلال قانون جديد تجري في ظله الإنتخابات النيابية وإنطلاقة البلد من جديد، مبروك لكم هذا المعرض السنوي وعلى أمل أن نرى جديدا في كل عام، فإني أنقل اليكم تحيات وتقدير دولة الرئيس سعد الحريري وتمنياته لكم بالتوفيق".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News