القوات "تستنفر" والحريري "ينقذ"

ليبانون ديبايت – المحرر السياسي

سقط التأهيل.. عاش المختلط ومن ثمّ سقط المختلط وعاش التأهيل وهكذا دواليك.. يحصر السياسيون أفكارهم الانتخابيّة ضمن هذا المستوى مُبعدين النّسبيّة عن شرورِ أعمالهم على الرغم من أنَّ أيّ من الاقتراحات التأهيلية أو المختلطة وجدت طريقها إلى العبور السّليم، في وقتٍ تريّث رئيس الحكومة سعد الحريري في الدّعوةِ للجلسة الأسبوعيّة التي كان من المفترض أن تنعقد أمس الأربعاء أو اليوم الخميس كأبعدِ تقدير، ما أماط اللّثام عن مشكلةٍ ربّما يسعى رئيس الوزراء لتجنبها.

آخر نسخة من التّأهيليّ عادت لتدخلَ "مقبرة الاقتراحات" فاسحةً في المجال أمام الصّيغ المختلطة للظهور وتسيّد السّاحة الانتخابيّة. الأخيرة يُتّهم حزب الله بإسقاطها بينما الأولى المطروحة بصيغةٍ معدّلةٍ من قبل الوزير جبران باسيل تكفّلت القوات اللبنانية بالإجهاز عليها، وكأنَّ هناك تقاطعاً بين الحزبين على "قنص الاقتراحات"، في حين أنَّ ثمّة من يردّد أنَّ الحزبين ينوبان عن حلفائهم أو ما يضمره الباقين لناحية القوانين.

القوّات اللبنانيّة التي كشف أمس "ليبانون ديبايت" أنّها عدّلت على برنامجها الانتخابيّ بتكليفِ النّائبِ جورج عدوان إدارته، نشط الأخير في البدء بجولاتٍ مكوكيّة في محاولةٍ لوضع قدمه في ساحة "الدبكة". وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ حزب القوّات فعّل طاقاتِه الانتخابيّة إلى المستويات القُصوى ورفع من حالة الاستنفار لديه منذ أنْ استخدم الرئيس ميشال عون صلاحيّة المادة 59 إذ كان من ضمن هذا التّفعيل، التّوكيل الذي وقّع للنائب جورج عدوان.

لكن نشاط القوّات لا يصل إلى مستوى إنتاج قوانين انتخابيّة كون هذه الميزة "تُرِكَت إلى الحليف جبران باسيل". وعن الاستنفار، كشفت مصادره ل"ليبانون ديبايت" أنَّ "معراب تنشط في متابعة التّفاصيل الدّقيقة المتعلّقة بقانونِ الانتخاب معممةً على دوائرها إجراء اللقاءات والدفع قدماً صوب تحريكِ عجلة القوانين" كما أنّها "تنشط على المستوى الداخليّ في التحضير إلى ما قد يحصل في حال وصلنا إلى 15 أيّار ولم يُصار إلى الاتّفاق على قانونٍ واحد" مؤكدةً أنَّ "القوّات ستقيّم موقفها بحسب مقتضيات المرحلة".

على كلّ حال نشط النائب جورج عدوان في "الطيران" من لقاءٍ إلى لقاء. وخُيِّلَ كأنّه ينقل رسائل من الرئيس نبيه بري للقوّات والتّيار وبالعكس. وتواتر لـ"ليبانون ديبايت" أنَّ عدوان نقل الجوّ من بري إلى اجتماعات معراب كما نقل وُجهة نظره إلى الاجتماع الذي عُقِدَ في منزل الوزير جبران باسيل وضمّ إلى عدوان الوزير ملحم الرياشي والنائب إبراهيم كنعان خاصّة في ما له علاقة بالقانون التأهيلي وملاحظات بري على ما حدثه الوزير باسيل من جهة، ومن جهة أخرى حول الاقتراح المُختلط 64*64 الذي قدّمه النائب علي بزي عام 2014 والذي لا يبدو أنَّ الرئيس بري كثير التحمّس نحوه.

على الجانب الآخر لم يُدْع الرئيس سعد الحريري الوزراء للاجتماع على مائدة طاولة المجلس نظراً للخلاف الذي قد يحصل كون الجلسة مُعنونة ببحث قانونِ الانتخاب ليكون مادةً رئيسةً على جدول الأعمال. وكون لا قانون في اليد، لا للتوافق أو الاقتراح، يبدو أنَّ الحريري يتأنّى مقرراً ترحيل الجلسة إلى الأسبوع القادم.

وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ سقوط اقتراح قانون التأهيل من على طاولة بحث الأقطاب وعدم التئام اللّجنة الموكّلة إيجاد تصوّر انتخابيّ، حتّم على الحريري عدم الدعوة لجلسة ومردّ ذلك إلى نيته أنْ تكون "مفعمة بالنقاش الانتخابي المنطلق من تصوّر على قانون" وألّا تكون الجلسة "مضيعةً للوقت فيها جدل عقيم أشبع نقاشاً هو انعكاس لأحاديث الثّنائيّات لا يريد نقله إلى الحكومة".

لكن وبحسب مصادر "ليبانون ديبايت"، فإنَّ أكثر ما يتخوّف منه الرئيس الحريري مجبراً إيّاه على عدم دعوة الوزراء هو إمكانيّة "تفجير الجلسة في ظلِّ النّقاش الانتخابيّ ذات السّقف المرتفع" إذ إنَّ "غياب شكل القانون وتعدّد الطروحات غير المحصورة بواحدٍ ربّما يُنْتَج عنه صراع قد يتطوّر وربّما يؤثّر على الجلسات الأخرى التي ستأتي". ومن الواضح أنَّ موقف الحريري بهذا الشأن يدفع باتّجاه "تأمين اقتراح لبحثه على الطاولة لا غير" وفي هذه الخطوة إنقاذ لأزمةٍ قد تُفتَح في حال الذهاب نحو "بحث انتخابيٍّ في الحكومة دون وجود حدٍّ أدنى من اتّفاق".

وإذ رحبت أوساط سياسيّة بهذه الخطوة ورأت فيها "عامل إنقاذ وإطفاء لفتيل أزمة قد تندلع وخطوة إنقاذية لجلسات الحكومة"، رأت في الخطوة تعزيز لدور "اللجنة المصغرة التي أوجدت من أجل توفير اقتراح واحد لكي يُبْحَث بمهنيّة وجديّة على طاولةِ مجلس الوزراء لا بحث اقتراحات عدّة"، مؤكدة أنَّ الحريري "يمارس في الفترة الأخيرة نضوجاً سياسيّاً أهّلهُ لأنْ يكون إطفائيّ أزمات" وهذا تجلى فيما سبق تاريخ 13 نيسان حين نشط على خطِّ الرئيسين عون وبري لدرءِ ما هو أسوأ. ويبدو أنَّ الحريري مستمر في ممارسة السياسة نفسها التي تبعده عن التدخّل في أزماتٍ قد تؤثّر على "شهر العسل" مع العهد.