"ليبانون ديبايت"
بعد ثلاثة أعوام تقريباً من دخول حزب الله خطّ المواجهة العسكريّة المباشرة في سوريا، نجح بفرض سيناريو انتصارٍ لا يقبل الشّكّ، بعد تحقيقه أحد أهم أهدافه الموضوعة للمعركة، وهي السّيطرة على الخطّ الحدودي بين لبنان وسوريا.
نجح حزب الله في تطبيق إحدى نظريّاته العسكريّة المستجدة على أرض الميدان. في عام 2013 وعند اقتراب المجاميع المسلحة من الحدود اللّبنانيّة، أعلن الخروج لملاقاتِهم في سوريا، فدخل بشكلٍ مباشرٍ الحرب من بوابة القصير وتمدَّدَ منها حتّى ذهب بعيداً. قبل أيّام، رسم تنفيذ الأهداف على بساط الجغرافية مع تحقيقه أطباقاً كاملاً (مع وجود استثناءات طفيفة) على الجزء السّوري من الحدود الدّولية التي كانت حتّى الأمس القريب مكان نشاط للمجاميع المسلحة، رابطاً إياها مع تلك التي ينتشر فيها الجيش السّوريّ ولم يغادرها ليخلق حالة إخراجٍ كاملةٍ للمسلحين من هذا الشريط، وتكامل بين المناطق.
تمثّل الإعلان الأخير، بلوغ الهدف باستعادة جزءٍ أساسٍ من جرود رنكوس، بقي منذ عام 2014 خارجاً عن دائرة السّيطرة. يمتدّ هذا الجزء على مساحة واسعة تنقسم إلى قسمين، سبنا (تحت سيطرة تحرير الشام)، ودرّة (تحت سيطرة لواء القادسيّة). الجزء الأخير دخله حزب الله يوم الأحد الماضي عبر التفاوض بضغط السّلاح، ويُصَنَّف مهمّاً كونه مرتبط الى حدٍ ما بالخط الحدودي اللّبنانيّ. الدّخول هذا أنجز مشروع تأمين الحدود رابطاً المنطقة هذه بخطِّ سرغايا - الزبداني – مضايا، الغربي والشمالي الغربي (نسبة إلى رنكوس) وتالياً يابوس وجديدة يابوس حتّى الدّيماس (مناطق سيطرة للجيش السوري وحزب الله) وصعوداً نحو الشمال والشمال الشرقي من جرود القلمون (عسّال الورد حتّى فليطا) امتداداً من منطقة القصير وصولاً لتلكلخ التي تُحيط عكار، فان هذه المنطقة كانت في أعوام 2012 - 2014 خاضعة لسيطرة المجموعات السّوريّة المسلّحة. الذي تحقق هو ربط المناطق آنفة الذّكر بتلك التي لم يفقد الجيش السّوريّ السّيطرة عليها وتتمثّل بخطِّ الحدود الشّرقي ومن ضمنه النقاط – المعابر - الشرعية.
وبحسب معلومات ميدانيّة عسكريّة حصل عليها "ليبانون ديبايت"، فإنَّ حزب الله والجيش السّوريّ باتا بعد الدّخول إلى درّة، يسيطران على أكثر من 250 كلم2 من خطِّ الحدود اللّبنانيّة السّوريّة، بينما يبلغ استحواذ الحزب وحده على أكثر من نصفها كونه مثبّت في مناطق القتال السّابقة.
وعن تفاصيلِ آخرِ جزءٍ من السيطرة، أشار المصدر، أنَّ الدّخول إلى درّة حصل بعد مفاوضات شاقّة مع لواء القادسية (إسلامي - مركزه رنكوس) أدّى في النهاية إلى اتّفاق يقضي بخروجه وتراجعه إلى داخل رنكوس، أمّا الجزء الباقي (سبنا - تحت سيطرة تحرير الشام) فبات تحت الحصار ومسألة دخوله لن تطول.
ما يمكن الإشارة إليه لتأكيد تطبيق حزب الله لنظريّته العسكريّة هنا، هو تمكّنه من تحقيق هدفه عبر سلوك خطّين متوازيين، الأوّل خطّ العمليّات العسكريّة التي بدأت ربيع عام 2013 من القصير التي دخلها وسيطر عليها مع ريفها في عمليّةٍ عسكريّةٍ دامت قُرَابَة شهرٍ ونيّف، وعمليّة ثانية في منطقة تلكلخ بريف حمص عام 2014 حقّق فيها متعاوناً مع الجيش السّوريّ سيطرة على خطٍّ استراتيجي كان يستغلّ في نقل المسلحين وإمدادهم بالسّلاح من منطقة عكّار إلى داخل الأراضي السّوريّة، وكانت تصنّف على أنّها جزيرة حيويّة، وعمليتين عسكريتين 2014 و2015 في القلمون، أثمرت الأولى عن استعادة السّيطرة على القرى والثانية تنظيف الجرود وصولاً لحصر المسلحين في منطقتين، (جرود قارة - الجراجير تحت سيطرة داعش)، وجزء من جرود عرسال (تحت سيطرة جبهة النصرة)، ما أدّى لتحقيق النتائج العسكريّة التي أوصلت إلى بلوغ طريق التفاوض بعد استشعار المسلحين بهزائمهم.
المستوى الثّاني في مشوار تحقيق الأهداف كان تفاوضيّاً، بدأ على الخطِّ الحدودي في منطقة ريف دمشق الجنوبي الغربي مع إخراج المسلحين من منطقتي الهامة، قدسيا ومحيطهما وامتدَّ ليشمل منطقة وادي بردى، بالتوازي كان ينشط التّفاوض بشكلٍ متفاوتٍ النِسَب في الزبداني - مضايا - يقين - سرغايا وبلودان، والتي أخرجت أوّلاً من المعادلة العسكرية عام 2016 بعد بلوغ العمليّة العسكريّة إلى الزبداني، وتالياً عام 2017 مع إخراج كامل المسلحين من هذه المناطق.
يبقى لحزب الله من أجل تحقيق سيطرةٍ كاملةٍ بنسبة 100% على الخطِّ الحدوديِّ منصتان تتضمنان معمودتي نار، الأولى في ريف القنيطرة امتداداً حتّى جبل الشيخ (يخوض فيهما حزب الله والجيش السوريّ معارك متفاوتة حالياً)، الهدف منها تأمين خطّ جبل الشّيخ (بيت جن حتى الحضر) من جهة شبعا - العرقوب، لقطع إمكانية استغلالهما في شنِّ أيّ عملٍ مؤذٍ صوب عمق الجنوب أو البقاع الغربي، ومنطقة جرود قارة - الجراجير - عرسال التي تنشط فيها إرهاصات تفاوضٍ مقرونٍ بوابل من الضغط الذي قد يتحوّل عسكريّاً هذا الربيع من أجل تحقيق النتائج المرجوّة وبالتالي إطباق كامل 100% على خطِّ الحدود اللّبنانيّة السّوريّة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News