"ليبانون ديبايت"
عادت الضاحية الجنوبية لتشغل بال الإرهابيين المتربّصين بها شراً. ظنّ كثيرون أنَّ ضيق الحال لدى هؤلاء في الجرود، وضع الضاحية على "رفِّ" المخاطر، لكن تحليل العمليات الميدانية الجارية في دماغ المجرمين، تتجاوز أنشطتها حدود ملاذات الجرود لتصل إلى الجيوب الداخليّة التي باتت تتشكّل بطرقٍ عنقوديّة وتنتشر في عددٍ من المناطق، لتستخدم لرفد "داعش" بمصادر قوّة في الاستقواء على الداخل اللّبنانيّ.
لم يشأ الإرهابيون أن يمرّ شهر رمضان المبارك دون صبغه بآلتهم الحاقدة. فبينما الأبرياء يخطّطون لجني محاصيل عبادتهم، تتفرّغ أدمغة الإرهاب في التخطيط لحصدِ ثمارٍ دمويّةٍ عبر إطفاء الشهر الفضيل بصبغةٍ سوداء تحوّل سعادة أيّامه إلى أحزان. مخطّط إرهابيّ عُمل على تنفيذه بدقّةٍ عالية، وما حال دون ذلك بعد الإرادة الإلهيّة، هو سهر الأجهزة الأمنيّة التي وجّهت ضربة على رأس المجموعات الإرهابيّة العنقوديّة المولجة التنفيذ، ما أدّى لإفشال مخططٍ إجراميٍّ كان في مراحله الأخيرة، كناية عن عملية انتحاريّة - انغماسيّة تستهدف منتج حيوي موجود على أطراف الضاحية الجنوبية.
وعلم "ليبانون ديبايت" أنّ المُخطّط كان يقضي بمهاجمة أحد المطاعم المعروفة والموجود على أطراف الضاحية، ويتمّ على مستويين: الأوّل تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار قرب المكان المستهدف، والثاني دخول انتحاريين مجهزين بأحزمةٍ ناسفة وتفجير أنفسهم بين روّاد المطعم، وقت الإفطار.
بدأ مشوار كشف المخطّط أواخر الشهر الماضي بعد استحصال الأجهزة الأمنية على معلوماتٍ هامّة نتيجة الرصد والتعقب، أدّت لإلقاء القبض على عددٍ من المشتبه بهم من جنسياتٍ عربية، تبيّن أنّهم ينشطون في صفوف إحدى "مجموعات داعش" التي تحضّر لعملٍ أمنيٍّ خطير. نتيجة التحقيقات، تبيّن أنّ هؤلاء يتواصلون مع المدعو عمر مصطفى الذي يملك محلّاً للبقالة في مخيّم برج البراجنة، وهو، بحسب المديريّة العامّة لأمن الدولة "من الجنسيّة الفلسطينيّة وأحد أخطر المنتمين لداعش".
رفعت درجة التنسيق مع اللّجنة الأمنية في المخيّم، وهو ما قاد إلى توقيف "مصطفى" في محيط المخيّم بتاريخ الأربعاء 31 أيّار الماضي، بينما كان يقود درّاجته النارية، وإحالته فوراً إلى التحقيق. وبعد مواجهته بما اعترف به الموقوفين الآخرين الذين سبقوه، تبيّن أنّ "مصطفى" يتواصل مع قيادي في داعش بمخيّم عين الحلوة، يعتقد انه جمال الرميض فارس، على أحد وسائل التواصل الاجتماعية، وله علاقة بالموقوفين الآخرين.
التوقيفات الأربعة تلك، أثمرت عن إماطة اللّثام عن المُخطّط الذي كان يجري إعداده، بعد تطوّر التحقيقات، وهو ما أدّى لاحقاً إلى انتزاع اعترافاتٍ من الموقوفين الأساسيين "الميدانيين" يؤكّد وجود نوايا تنفيذ استهدفات ذات بعد انتحاري، ما يؤكّد أنّ الموقوفين الثلاثة هم عبارة عن انتحاريين مفترضين، والرابع (اي مصطفى) لوجستي مهمته تدبير أمر الهجوم، فبدأ البحث عن أمكنة تخزين أدوات الجريمة، والمسار الذي كان سيتّبع.
قادت التحقيقات إلى طرفٍ يؤكّد وجود عبوة غير جاهزة للتفجير موضوعة في شنطة سوداء في مكانٍ ما في "مجمّع الربيع" الموجود بمنطقة أرض جلول على أطراف مخيّم صبرا القريب من طريق الجديدة، يعتقد أن الموقوفين قاموا بإخفائها، فتوجّهت القِوى الأمنيّة يوم الجمعة الماضي فور حصولها على المعلومات، إلى المكان عاملةً على تفكيك وسحب العبوة، ليتبيّن أنّها شديدة الانفجار.
توالت التحقيقات مع الموقوفين، حول ما كانوا يصبون إليه، ففضلاً عن تقديمهم معلومات حول جمع وإعداد بنك أهداف لاستهداف مراكز تابعة للجيش وحزب الله، تبيّن أنّ الهدف الأبرز الذي عمل عليه واكتمل نظريّاً بالنسبة إليهم، هو تنفيذ "هجوم المطعم" في الضاحية، وكان المخطط الموضوع على الشكل الآتي:
توضع العبوة الناسفة في مكانٍ ما قرب المكان المستهدف، والذي يُفترض أنّه مطعم معروف في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقبل تفجيرها، يدخل انتحاريان إلى المطعم ويتوزعان بشكلٍ لا يُصاب أحدهما في حال تفجير الآخر لنفسه، وبُعيدَ تفجير العبوة وحصول حالة الهرج، يقدّم الأوّل على تفجير نفسه ويتبعه الثاني بعد دقائق للرفع من القدرة على إيقاع الإصابات، في وقتٍ يكون الثالث في مكانٍ ما خارج المطعم ليختم السيناريو الإجراميّ مستفيداً من عملية الفرار.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News