المحلية

placeholder

رصد موقع ليبانون ديبايت
الثلاثاء 08 آب 2017 - 12:05 رصد موقع ليبانون ديبايت
placeholder

رصد موقع ليبانون ديبايت

بهذه الكلمات رثى حرب يوسف الحويك!

بهذه الكلمات رثى حرب يوسف الحويك!

غادر الصحافي يوسف الحويك الحقل الأرضي بوطأة هدوء دون مصارعة مع الحياة أو حتى مع البشر، غيّبه الموت بلحظة ليترك فراغًا فادحًا في موقع "المستشار الإعلامي للنائب بطرس حرب"، الذي رثاه بكلمات تختصر "مسيرة درب وعمل وصداقة وأخوّة" على حدّ تعبير حرب، في تشييع الحويك.


"كلمة النائب بطرس حرب في تشييع رفيق دربه الأستاذ يوسف الحويك
ما أصعبها ساعةً عليّ أنا الذي كنتُ على موعدٍ معك، لأقف إلى جانبك سعيداً أشبيناً لعرسك الموعود، أن أقف اليوم حزيناً أمام نعشك راثياً إياك.
وما من مهمّةٍ أشقى عليّ، أكثرَ من أن أستطيعَ، ببضع أسطر، التعبيرَ عمّا في قلبي وعقلي تجاهك، والحؤول دون غصّة الفؤاد التي أبكمتني بعد إعلان وفاتك فحالت دون قدرتي على الرد على الاتصالات للإطمئنان إلى حالتك، لأتمكن من رثائك أمام محبيك وقادريك وعارفيك وجمهورك وعائلتك المفجوعة بفقدانك.
فبقدر ما يؤلمني فقدانك يا يوسف، فبالقدر عينه يعزّيني ما شهدته وأشهده، إذ لم أرَ شخصاً معزياً بخسارتك إلا والدموع تملأ عينيه.
فنحن هنا اليوم، ليس للمشاركة بعزاء، نحن هنا لأننا أهل المصاب، لأننا أهلك وأصدقاؤك ومحبّوك، لأننا كلنا فجعنا بالمصاب بفقدك.
بماذا أناديك، أخي، صديقي،مستشاري، رفيق السنوات الصعاب الملأى بالتحديات والمخاطر. لست أدري يا يوسف، لأن أياً من هذه الصفات لا تفيك حقك، ولا موقعك، فأنت كل هؤلاء معاً.
قد يظن البعض أنني فقدت مساعداً ومستشاراً إعلامياً، والحقيقة إنني فقدت جزءاً مني، من نمط حياتي، من خيرة أصدقائي، وفقدت رفيق نضالي الذي لم توقفه مخاطر، لم تردعه صعاب، ولم يوهنه مكسب مادي أو مركز معنوي.
ففي الربع القرن الأخير من حياتنا، أي منذ خمس وعشرين سنة، لم تفارقني لحظة، ولم تأبه لخطورة التزامك بي وبمبادئي أو مرافقتي ومساعدتي في خوض المعارك، وكلها معارك العين والمخرز، حيث كنا العين ولم نرتدع.
وإذا طلب إليّ، بعد مساري الطويل معك، تشخيص الوفاء والإخلاص والصدق والالتزام، فليس ما يمكن بنظري أن يجسدها كلها إلاّ إسم يوسف الحويك.
لقد عشنا معاً، بحيث أصبحت جزءاً من حياتي اليومية ومن مشاريعي السياسية. ففي كل عرس كنت القرص، وفي كل معركة كنت رأس الحربة، وفي فرحنا كنت البسمة والعجقة، وفي مجالسنا كنت اللطيف الأليف الأديب.
لقد وقع خبر سقوطك كالصاعقة علينا، علينا كعائلة، علينا كخط وطني نضالي، علينا كفريق عمل سياسي يعمل من أجل تحقيق مبادئ وأهداف وطنية ثابتة.
لقد عملت إلى جانبي طويلاً، ما سمح لي بمتابعة وتقييم مسارك، وأودّ أن أسجل لك أن طموحك المهني ميّزك، فرفع مقامك بين أترابك وزملائك، لأنك رفضت تغييب صوت الأجيال الجديدة من الشابات والشباب الإعلاميين، فأنشأت، مع بعض من شاركك هذا الهم، نادي الصحافة، بغية جمع كلمة من لا كلمة لهم من زملائك، وبغية ضخ دم جديد قادر على مواكبة التطورات في عالم الإعلام الحديث، وعلى مواجهة التحديات الكبيرة التي طرحتها.
والأهم في مسارك، أنك رفضت الاستئثار برئاسة النادي وقبول التجديد لك كرئيس للمرة الثالثة رغم إلحاح زملائك، أعضاؤه عليك، فخضت معركة إنتخاب خلف لك، دون أن تتخلى عن مسؤولياتك، تجاه ناديك، فقبلت بتولي المديرية التنفيذية فيه. وإذا ذكرت هذه الواقعة أمام نعشك، وبعد وفاتك فلتكريس نبل تصرفك وعمق ديمقراطيتك، وهي صفات تكاد تصبح نادرة في أيام القحط والبؤس التي نعيش.
ويكفي أن ننظر اليوم إلى زملائك بين هذه الجموع الغفيرة التي تقاطبت من كل بقاع لبنان لوداعك، فقلّ ما نجد عيناً من أعينهم خالية من دموع الحزن والأسى والتقدير.
أيهــا الفقيد الغالي،
أستمحيك عذراً لأنني عاجز عن إيفائك حقك في بضعة سطور، إلا أنني أسيء إليك إذا أهملت ذكر إنسانيتك وأخلاقك ووطنيتك.
لقد كانت مسيرتك الشخصية والاجتماعية موضع إعجاب واحترام، لأنك استطعت جمع الكفاءة والجدارة والمركز المتقدم في مهنتك بالطيبة والبساطة والوداعة والعفوية. فلم يقعدك مركزك مركزك كرئيس لنادي الصحافة، وكإعلامي مرموق مثلاً، من ممارسة هوايتك المفضلة كمصور تستل كاميرتك لتسجيل ما يطيب لك من أحداث ومناسبات، ما أكسبك محبة الناس و إحترامها.
لقد عشت حياتك القصيرة بكامل طاقتك وحيويتك، لكنك لم تلحق ضرراً بإنسان، ولم تتردد مرة في مديد العون إلى كل إنسان قصدك طالباً لخدمة أو مساعدة أو استشارة.
لقد كنت مسيحياً حقيقياً ملتزماً، فلم تجلس مرة إلى مائدة طعام، إلاّ ورسمت إشارة الصليب لتشكره الله على نعمه، ولم تكره يوماً أحداً، بل كنت ممارساً لما أوصانا به السيد المسيح عندما قال: " أحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم."
لقد كنت ناقداً إعلامياً، ولاذعاً أحياناً لردع الشتامين، لكنك لم تعادِ أحداً، ولم تكنّ ضغينة لأحد، كنت جميل المعشر، لطيف المجلس، صاحب نكتة أنيقة ذكية تؤنس الفؤاد، وصاحب ابتسامة رقيقة ترضي العباد.
ووراء كل ذلك، إن لم يكن قبل كل ذلك، كنت لبنانياً صافياً مخلصاً، ومواطناً ملتزماً بوطنه ودولته وبالأسس التي قامة عليها. لم أشهد لك موقفاً يعاكس التزامك وقناعاتك. كنت نقيضاً للمرتزقة الذين يطبّلون ويصفقون لمن يكرمهم ويشتري ضمائرهم. كنت حر الضمير نصير الحق.
وقد يكون ذلك أهم ما جمعني بك وما جمعك بي. فوفاؤك وإخلاصك في مواكبتي ترجمة حقيقية لأخلاقيتك الرفيعة، التي لم تستطع مغريات الدنيا الكثيرة التي عُرضت عليك من زعزعتها.
فيا يوسف، يا عزيزي، بغيابك المفاجئ سقط مدماك كبير وأساسي من بنياننا، ولي الفخر أن إسمك التصق بإسمي ومواقفك بمواقفي، ورسائلك النصية والمسجلة بمساري، وأعلم أنك ستترك فراغاً كبيراً لن يستطيع أحد غيرك أن يملأه. رحمات الله عليك يا رفيقي وصديقي، فمن هم مثلك، وإن غابوا عنا بالجسد، لا يموتون، لأن ذكراهم ستبقى خالدة في عقولنا ونفوسنا إلى الأبد".



تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة