"ليبانون ديبايت" - أحمد الأيوبي:
لا يمكن إبتلاع همروجة "حزب الله" عن الإنتصار الذي سيغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط كما أعلن وزير صناعة الحزب حسين الحاج حسن إنطلاقاً من جرود عرسال ، رغم أن كل الشاشات اللبنانية اصطبغت باللوان الأصفر وتحوّلت إلى إعلام حربي ، في تحوّل لا يمكن فهمه إلا في إطار الإكراه السياسي والأمني ، وسرعان ما تبيّن أن روايته مشوبة بالعيوب الوطنية وبالثغرات المعنوية والأخلاقية.
وإذا كان طبيعياً أن يتصدى المعارضون المعروفون لمحاولات "حزب الله" فرض تشريع خطواته في جرود عرسال ، إلا أن اللافت كان رفض وزير الداخلية نهاد المشنوق لحملة التطبيع القسري التي شنها الحزب على اللبنانيين ، وكان أبرز ما ردّ به على حملة "تحميل الجميل" ، تذكير الحزب والرأي العام بأن "أهالي بيروت تصدّوا في العام 1982 للاجتياح الإسرائيلي (..) وأخرجوا القوات الإسرائيلية من العاصمة ولم يحمّلوا أحدا جميلاً". في حين لا تتوقف آلة "حزب الله" الإعلامية عن جلد اللبنانيين باستنتاجات أن لبنان يحتاج بشكل دائم إلى قوته للحصول على الحماية.
بقي المشنوق في البرزخ السياسي جامعاً ثوابت سياسية تحطِّمُها وقائعُ تنازلات لا يزال يعتبرها جاءت في الشكل ولم تصل إلى المضمون ، لكن الكثيرين باتوا يدركون أن حقيقة المسار الذي وصله تيار المستقبل يوشك أن يطيح بما بقي من عناصر قوة أو وجود.
لطالما حافظ نهاد المشنوق على تناقض نادر في سلوكه السياسي جمع بين النخبوية وبين حسن التقاط نبض الشارع ، وهو أمر يجعله دائم الحرص على عدمر التفريط والتنازل وعلى جعل التسويات أكثر توازناً ، في حين يشعر الشارع اللبناني عموماً والسنيّ خصوصاً أن الرئيس الحريري بات غير معني بكل هذا الجهد ، وهو أمر ظهر في محطات كثيرة ، كان آخرها ذلك التفاوت الكبير بين موقفه وبين البيانات الصادرة عن تيار المستقبل نفسه حول معارك جرود عرسال.
لم يستطع الوزير نهاد المشنوق أن يُماشي هذا الواقع وأعاد صياغة المقاربة حول الحدث العرسالي ، لإدراكه أن السكوت في مثل هذه المواقف يعني فقدان تميزه الذي طالما تمسّك به في مختلف الظروف والمراحل ، رغم كل مظاهر السطوة لـ"حزب الله" ولإيران محلياً وإقليمياً.
قد يعتبر البعض ما يقوم به المشنوق نوعاً من مراعاة الرأي العام أو ركوب الموجة ، ويأخذون عليه أنه يسكت على كثير من التجاوزات ، ولكن ما بدأ الكثيرون يدركونه الآن أن تلك المرحلة التي كان فيها نوع من التوازن آخذة في الأفول ، لندخل مرحلة الإنسحاق تحت وطأة الإقرار بالأمر الواقع.
تلقي الأحداث الإقليمية بثقلها على الواقع اللبناني ، ولا شك أن لبنان عاد تدريجياً إلى حالة الإستقطاب الخارجي ، ولا شك أن للوزير المشنوق علاقات خارجية وازنة إضافة إلى وجوده في قلب المعادلة السياسية المحلية ، وفيما يواجه ضغوطاً داخلية عنيفة أكثرها من تيار المستقبل لإزاحته من المشهد ، هل تكون صلاته الخارجية عامل تثبيت له أم أن هذه المرحلة لم تعد تحتمل ساسة من وزن نهاد المشنوق؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News