"ليبانون ديبايت":
عبّرت أوساط قضائيّة عن استيائها الكبير من الطريقة التي تتعامل بها القِوى السياسيّة مع السلك القضائي برمّته، والظلم الذي يلحق بهم نتيجة المصالح الخاصّة التي يضعها السياسيّين ضمن أولويّاتهم التي تأتي أهمّ من المصالح العامّة، وتُناقضُ بدورها المواد القانونيّة التي نصّ عليها الدستور اللّبنانيّ، والنصوص القانونيّة المرتبطة بالسّلطة القضائيّة.
وأشارت الأوساط لموقع "ليبانون ديبايت"، إلى أنّ "القوى والأحزاب السياسيّة تُطالب في العلن باستقلاليّة القضاء، فيما تقوم بتصرّفاتٍ غير علنيّة، ومحاولات مستمرّة للتدخّل بعمل القضاة والدعاوى، والتأثير في الأحكام الصادرة لتغيير وجهتها، الأمر الذي بات مفضوحاً في الفترة الأخيرة، ليأتي بعدها قانون سلسلة الرُّتب والرواتب الذي قضى على كلّ النصوص والمواد القانونيّة والصلاحيّات والحقوق، ما أدّى إلى انتفاضة القُضاة على الواقع الذي لم يَعُد يُحتمَل، والاعتكاف حتّى استعادة حقوقهم، ليصلَ الأمر إلى حدّ توقيع 352 قاضياً عريضة موجّهة إلى رئيس وأعضاء مجلس القُضاء الأعلى، رئيس وأعضاء مجلس شورى الدولة ورئيس وأعضاء مجلس ديوان المحاسبة، تُطالب بـ"استقلاليّة القضاء وإلغاء سلسلة الرُّتب والرواتب تحت طائلة الاعتكاف الشامل".
ولفتت الأوساط إلى أنّ "القضاء هو سلطةٌ بحدّ ذاته، تماماً كالسلطتين النيابيّة والوزاريّة، وله الأهميّة نفسها لا بل تفوقهما أهميّة، فالسلطة القضائيّة تُراقب وتُحاسب وتُعاقب، وتقمع المخالفات، فالنظام قائمٌ على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، وذلك بحسب الفقرة "ه" من مقدّمة الدستور، كما أنّ القُضاة وكما نصّت عليه المادة 20 من الدستور اللّبنانيّ، هم "مستقلّون في إجراء وظيفتهم وإصدار القرارات والأحكام من قبل كلّ المحاكم وتنفيذها باسم الشعب اللّبنانيّ. كما أنّ السلطة القضائيّة تتولّاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظامٍ ينصّ عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة. أمّأ شروط الضمانة القضائيّة وحدودها فيعينها القانون".
واعتبرت أنّ "هذه النصوص القانونيّة، بالإضافة إلى المادة 44 من قانون القضاء العدليّ التي تنصّ على أنّ "القُضاة مستقلّون في إجراء وظائفهم، ولا يمكن نقلهم أو فصلهم عن السلك القضائيّ إلّا وفاقاً لأحكام هذا القانون"، هي بجميع نقاطها القانونيّة غير مُطبّقة، ويتمّ تجاوزها من قبل القوى السياسيّة وكأنّ "قانوناً" لم يكن، وهنا خطورة الوضع، لا سيّما وأنّ القُضاة علّقوا آمالاً كثيرة على العهد الجديد وينتظرون منه إنصافهم لا إلحاق الظلم بهم، وانتهاك أبسط حقوقهم وصلاحيّاتهم التي يُعتبر احترامها أمراً ضرورياً لبقاء هذا البلد وانتشاله من الفساد المستشري، إلّا أنّه وللأسف لحدّ الآن، يتمّ التعامل مع السلطة القضائيّة والقُضاة بطريقةٍ غير مقبولة لن يُصارَ إلى السكوت عنها".
وحذّرت الأوساط من "انتفاضةِ القُضاة على الواقع السياسيّ، والتدخّلات الكثيرة، والانتهاكات الصريحة، ما من شأنه أخذ البلد إلى كارثةٍ كبيرة، فالسّلطة القضائيّة هي أساس هذه الدولة، والضمانة الوحيدة للعدل والعدالة، فقبل أيّامٍ خَسِرَ السّلك القضائيّ، رئيس مجلس شورى الدولة سابقاً القاضي شكري صادر الذي طلب إنهاء خدماته بعد 44 سنة خدمة في القضاء، ومن المُمكن أن نشهد خطوات مقبلة وردّات فعلٍ كثيرة وقويّة في حال لم يتمّ التعامل مع القُضاة والسلطة القضائيّة كما يجب وكما نصّ عليه الدستور اللّبنانيّ".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News