"ليبانون ديبايت" - أحمد الأيوبي:
تعرّض وزير الداخلية نهاد المشنوق منذ ما قبل تثبيت قدميه في حكومة الرئيس سعد الحريري لهجمات منسقة قادها نواب ومقربون من رئيس الحكومة وانطلق كثير منها من بيت الوسط ، في حين تتقاطع التوقعات والتسريبات بأن الرئيس الحريري يضغط لعدم ترشـّح الوزير المشنوق في الانتخابات النيابية المقبلة ، في ترجمة لتوجهٍ اعتمده يقضي بالإتيان بوجوه جديدة ميزتـُها أنها تتمتع بالولاء الأعمى ، وبقلّة الخبرة وباعتمادها على الإنتماء السياسي لتيار المستقبل فقط ، من دون الأخذ بعين الإعتبار الموقع النيابي وما يستوجبه من حضورٍ وكفاءة تقوى بها الكتلُ النيابية.
في مقابلته الأخيرة مع الزميل مارسيل غانم ، تحدث المشنوق بحذر شديد حول مساره السياسي ، كاشفاً أنه لم يقرر بعد اذا كان سيترشح للانتخابات النيابية المقبلة معتبرا أنّ الموضوع "يستلزم نقاشا طويلا وهادئا".
يأتي هذا الموقف في ظل مسار طويل لطالما وقف نواب "المستقبل" وقياداته متفرجين على هجمات تعرّض لها المشنوق في طرابلس وفي مناطق ومحطات أخرى ، دون أن يكلّف أحد منهم نفسه عناء الدفاع عنه..
يترك الرئيس الحريري الوزير نهاد المشنوق وحيداً في مواجهة حصار يفرضه الرئيس نبيه بري بواسطة وزير المال علي حسن خليل على قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات من دون أن يحرّك أحد ساكناً ، مما يدفع للتساؤل: كيف يمكن للرئيس الحريري أن يسكت ويرضى على حصار شعبة المعلومات كل هذه المدة ، في وقت تستعر فيه حروب تحصيل المواقع من قبل العونيين وحركة أمل و"حزب الله" وبعد أن استعاد المسيحيون جهاز أمن الدولة تعييناً وميزانية؟
يقف الوزير المشنوق اليوم أمام وضعية معقدة ، يواجه فيها تمادياً من الرئيس الحريري في تكبيل وزراء تيار المستقبل ، مع سماحه بتعرض المشنوق لهجمات محمية من بيت الوسط ، بحيث بات الجميع مدركاً لحقيقة أن طرح إسم وزير الداخلية في مرحلة من المراحل لرئاسة الحكومة ، حوّله إلى ضحية استئساد الرئيس الحريري وسعيه لإقصاء أي طامح أو مؤهل لهذا المنصب ، مع إتخاذ الرئيس الحريري قرار التسليم بالأمر الواقع والإلتفات إلى تحقيق ما يمكّنه من تأمين إستمراريته في السلطة.
إزاء ما بات الرئيس الحريري يقدّمه لـ"حزب الله" لم يعد نهاد المشنوق خياراً مفضلاً لدى الحزب ، ويجد وزيرُ الداخلية نفسه مضطراً للحفاظ على خطابٍ تخلى عنه الحريري في مواجهة طغيان الحزب الزائد على الحياة السياسية ، وهو ما بدا في مقابلته مع مارسيل غانم ، لجهة تأكيد رفض التطبيع الإكراهي لسلاح الحزب مع الحياة السياسية.
يجدُ أهل بيروت أنفسهم يستذكرون ملاحظات كثيرة على أداء نهاد المشنوق ، ولكنهم أمام التردي الحاصل ، باتوا يعتبرون أن إدارة المشنوق للأزمات عبر مراحل مختلفة ، كانت تحمل حداً مقبولاً من الحفاظ على التوازن ، في حين يمرّ الشارع السنيّ في بيروت بحالة فقدان للوزن ، في ظل ما يراه من تقهقر متواصل..
تتسع دائرة الإعتراض في بيروت على إهمال الرئيس الحريري لأهلها ، وقد بات معظمهم من سكان بشامون وعرمون وصولاً إلى صيدا ، وهم يفقدون قدراتهم على البقاء والإستمرار في الصمود ، ليحلّ محلّهم "مستوطنون" يأخذون مكانهم ويُلغُون حضورهم ، والصرخة نفسها تتعالى في صيدا والبقاع والشمال...فهل يتمكن نهاد المشنوق رجل التسويات من عبورها في زمن سقوط مرحلة التسوية وزحف سياسة الإستسلام للأمر الواقع؟!
إن حالة الضغط التي تعانيها دار الفتوى والعائلات البيروتية الكبرى جراء تراجع حقوق أهل السنة في العاصمة وفي لبنان ، لا يجب أن تتشظى إلى حالاتِ انكفاءٍ أو لجوءٍ سياسيٍ بائس ، بل يجب أن تأخذ خياراً سياسياً هو أقرب إلى المنطق والعقل والمصلحة ، يتضمن الحفاظ على الإعتدال والحفاظ على الحقوق والوجود؟!
وهنا يبرز السؤال: هل يكون الوزير نهاد المشنوق في موقع التسوية الإيجابية التي يحتاجها أهل بيروت للحفاظ على قوة الإعتدال وتحقيق التوازن المفقود؟!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News