المحلية

placeholder

ريتا الجمّال

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 22 آب 2017 - 03:00 ليبانون ديبايت
placeholder

ريتا الجمّال

ليبانون ديبايت

من رأس بعلبك - القاع.. إلى الجيش: مشهد تنحني له وتحيّة إلى الأبطال

من رأس بعلبك - القاع.. الى الجيش: مشهد تنحني له وتحيّة إلى الأبطال

"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

السبت، انطلقت معركةُ "فجرِ الجرود"، التي يُهاجم فيها الجيش اللّبنانيّ إرهابيّي "داعش" في جرود رأس بعلبك - القاع، لاستعادةِ أرض الوطن والانتشار على الحدود، وتمكّن حتّى هذه السّاعة، من السّيطرة على أقسامٍ واسعة من المناطق المُحاذية للحدود اللّبنانيّة - السّورية، لتتوسّع أكثر فأكثر المساحات المُحرّرة منذ بدءِ المعركة. وقد استشهد خلال العمليّات العسكريّة أربعة عسكريّين من الجيش وسقط عدد من الجرحى، فيما أسفرت العمليّات عن مقتل عددٍ كبيرٍ من الإرهابيّين، وتدمير الكثير من مراكز التنظيم التي تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتّصال وتحصينات وأسلحة مختلفة.

هذه السّطور، تروي بعضاً من الوقائع الماديّة والعسكريّة، التي نحن كلبنانيّين نفتخر بتفاصيل معركةٍ عَجِزَت دول المِنطقة الكبيرة عن خوضها والخروج منها منتصرةً. معركةٌ ليست سهلة، ضدّ تنظيمٍ إرهابيٍّ يهوى القتل والذبح والإجرام، ويتلذّذ بأفعالهِ الإرهابيّة، وضعه الجيش اللّبنانيّ كهدفٍ أمامه ولن يخرج من أرض المعركة إلّا مُنتصراً ليبرهنَ للعالم أنّه على الرغم من الأزمات السياسيّة الداخليّة وحتّى الإقليميّة، هو قادرٌ على الحسم ورفع العلم اللّبنانيّ على أعلى المُرتفعات.

هذه السّطور، هي تلك التي يُفترضُ على وسائلِ الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التركيز عليها، لأنّ اللّبنانيّ مُتعطّش للانتصار، ويترقّب بفارغِ الصّبرِ الإعلان العسكريّ عن نهاية "داعش" والتنظيماتِ الإرهابيّة في لبنان، لكن للأسف يذهبُ التعاطي مع هذه الأحداث إلى مكانٍ آخر وفي غير وقتِهِ المُناسب، إذ إنّه وفيما يحتاج الجيش اللّبنانيّ إلى كامل الدّعم المعنويّ والغطاء الشّعبيّ على مساحة الـ10452، ما يزال هناك من يُلقي الضوء على أمورٍ أقلّ من ثانويّة بدل التركيز على ما هو أهمّ. فبينما كانت وحدات الجيش تخوضُ معركةً شرسةً بوجهِ عدوٍّ إرهابيّ، شُنّت في المُقابل، "معارك" كلاميّة، سياسيّة، إعلاميّة، فيسبوكيّة، بين فريقٍ يُجاهرُ بالتنسيق الذي يحصل بين "حزب اللّه" والجيش اللّبنانيّ، وينشر الصور التي تدلّ على هذا الكلام، وبين طرفٍ آخر يصرّ على أنّ الجيش يخوض مُنفرداً هذه المعارك، فيبدأ التلاسنُ من هنا وهناك وردود الفعلِ فيما الجيش يخسرُ شهداء من عمرِ الربيع.

إنّ الكلام عن تنسيقٍ بين "حزب الله" والجيش اللّبنانيّ، قد يكون صحيحاً، وقد يعتبره البعض طبيعيّاً على اعتبار أنّ الحزب أيضاً يخوضُ معركةً ضدّ الإرهاب، ومن شأن التعاون الثنائيّ أن يحسم المعارك بشكلٍ أسرع بأقلّ الخسائر المُمكنة، انطلاقاً من وجهة نظرهم، بأنّ التنسيق في النهاية هو داخليّ، وبين أبناء الوطن الواحد بغضِّ النظر عن الخِلافاتِ العسكريّة، حيث يبقى "حزب الله" فريقاً لبنانيّاً، وكما يحصل الجيش على دعمٍ عسكريٍّ أميركيّ فما المانع من ذاك اللّبنانيّ!... وقد يكون الكلام غير صحيح، فمصادر خاصّة تؤكّد أنّ التنسيق غير موجود، لكن بغضِّ النظر عن هذه الحقيقة الأكيدة، إلّا أنّ التركيز على الموضوع بهذا الشّكل يدلّ على أنّ هناك محاولات خبيثةٍ لأخذِ المعاركِ إلى اتّجاهٍ آخر وإضعاف الجيش معنويّاً، بإظهاره وكأنّه غير قادرٍ على خوضِ المعركة من دون مساعدةِ أو دعمٍ من فريقٍ آخر، فما الفائدة من هذا الكلام الآن؟ هل هو الوقت المُناسب للتركيز على قضايا هي أصلاً خِلافيّة واتّفق السياسيّون على وضعها جانباً عند حصول التسوية الرئاسيّة وما قبلها؟! هل هذا ما يستحقّه الجيش اللّبنانيّ في هذا الظرف هو الذي عانى كثيراً من أهل السياسة؟!

دعونا اليوم من هذا "الإشكال التاريخيّ"، والجدل البيزنطيّ الذي لن يُقنعَ أحداً، فكلّ فريق يعتبر نفسه أنه على حقّ، ولنركّز بدلاً من ذلك، على انتصاراتِ الجيش، وعلى وعي أهالي رأس بعلبك والقاع وعرسال، والبلدات المُجاورة، والبقاع ككلّ، ونملأ سطور المقالات عن كيفيّة تعاطي هؤلاء الناس مع هذه المعركة، إذ وضعوا أنفسهم بتصرّف المُؤسّسة العسكريّة، وأعلنوا عن جهوزيّتهم الكاملة للوقوفِ إلى جانبِ الجيش اللّبنانيّ، ووضعوا دمائهم في خدمةِ جرحى الجيش، من دون أن ينظروا إلى "فئةِ" دين هؤلاء، وفتحوا منازلهم للجميع، وقاموا بتحضيرِ وجباتِ الغداء للعسكرييّن، وغيرها من الاستعداداتِ اللّوجستيّة التي بمجرّد مُشاهدتها تنحني لها احتراماً وفخراً، وتشعر فعلاً لا قولاً أنّ لبنان هو نموذجٌ للعيشِ المشترك ووطنُ الرسالة.

دعونا اليوم، نشكر الرقيب الشهيد باسم موسى موسى، ابن برقايل - عكّار، والجندي الشهيد إيلي إبراهيم فريجة "عريس" زحلة - رعيت، والجندي الشهيد عثمان محمود الشديد ربيع عكّار، والعريف الشهيد عباس كمال جعفر، فخر مدينة صور، ونصلّي لشبابٍ رحلوا عن أعمارٍ صغيرةٍ، ليعيشَ لبنان سنين طويلة، ونتمنّى الشّفاء للجرحى الذين نَجوا من الموت والذين لا يتحدّثون سِوى عن رغبتهم في العودةِ إلى أرض المعركة والانضمام إلى رفاقهم. دعونا ندعو بالتوفيق للعسكرييّن الذين يبذلون جهوداً كبيرة للخروج مُنتصرين من دونِ أن نشوّش عليهم ونحطّم من معنويّاتهم. ودعونا نوجّه تحيّةً لأهالي الجيش، فارفعوا رؤوسكم لأنّكم ربّيتم أبطالاً في زمنٍ قلَّ فيه الأبطال.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة